حكم الزواج بنية الطلاق

الزواج بنية الطلاق

في الإسلام له صور كثيرة وأنواع عديدة، ومن تلك الأنواع ما هو مباحٌ شرعاً (صحيح) حيث جاء مطابقاً للأسس والقواعد التي بنى الإسلام عليها الزواج الصحيح، ومنها ما يكون فاسداً إذا خالف في شرائط انعقاده بعض شرائط انعقاد عقد الزواج أو خلا من أمر لا يجوز أن يخلو منه إلا أن ذلك الشيء لا يجعل العقد باطلاً، ومنها ما يكون باطلاً أو محرماً ممنوعاً إن كان مبنياً على مخالفة أمرٍ من أوامر الشريعة أو خالياً من ركنٍ مهمٍ في أركان عقد الزواج التي أشار إليها الشارع وبينها الفقهاء، أما الزواج بنية الطلاق ففي حكمه خلافٌ كبيرٌ بين الفقهاء قديماً وحديثاً وقد بُني ذلك الخلاف على سبب تحريم العقد حيث أنه في صورته مطابقٌ للعقد الصحيح، وهذا الأمر ما ستقوم الدراسة بطرحه وبيانه تفصيلاً وبالله التوفيق.

أنواع الزواج وما يترتب عليها

ينقسم الزواج من حيث كونه صحيحاً أو غير صحيح إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:وهبه الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، 9/6587، بتصرف

  1. الزواج الصحيح أو اللازم: وهو ما توافرت فيه جميع أركانه وشروط انعقاده، وهذا العقد تكون جميع آثاره مترتبة عليه بمجرد انعقاده.
  2. الزواج الفاسد: وهو كل عقدٍ فقد إحدى مقومات عقد الزواج الصحيح أو فقط شرطاً من الشروط التي يجب توافرها فيه ما دامت تلك الشروط معتبرةٌ شرعاً وقانوناً، وهذا التعريف هو للحنفية فقط إذ لا فرق عند جمهور الفقهاء بين الزواج الفاسد والباطل، وهذا النوع من الزواج تترتب عليه بعض الآثار فقط في مذهب الحنفية.
  3. الزواج الباطل: وفي هذا النوع خلافٌ بين الفقهاء، فمعناه عند جمهور الفقهاء – المالكية والشافعية والحنابلة – هو العقد الذي فقد ركناً من أركان الزواج الصحيح أو شرطاً من الشرائط اللازمة لكي يكون العقد صحيحاً، فيتضح من ذلك أن لا فرق عندهم بين الفاسد والباطل. أما فقهاء الحنفية فيرون أن العقد الباطل يختلف عن الفاسد فهو عندهم: العقد الذي فقد ركناً من أركان عقد الزواج أو فقد شرطاً من شروط الواجبة لانعقاده، والخلاف في هذه الحالة في شروط عقد الزواج فمنها شروط صحة ومنها شروط انعقاد وعليه تكون نتيجة الخلاف بينهم بين إن كان الشرط الناقص من شروط الانعقاد فيكون العقد باطلاً عند الفريقين، أما إن كان الشرط المختلُّ في العقد من شروط صحته فيكون العقد فاسداً عند الحنفية وباطلاً عند غيرهم، ومثل هذا العقد لا يترتب عليه أي أثر من آثار عقد الزواج الصحيح.
قد يهمك هذا المقال:   الطريقة الصحيحة لآداء صلاة الاستخارة

معنى الزواج بنية الطلاق

يمكن تعريف الزواج بنية بأنه: عقد زواجٍ كغيره من العقود الأخرى توافرت فيه أركانه وشرائط انعقاده، يُضمر فيه (ينوي) العاقد (الزوج) أن يُطلِّق زوجته بعد إجراء العقد بمدة يُضمرها في نفسه، ولا يُصرِّح بتلك النية للطرف الآخر، وتكون الغاية والهدف من زواجه في مثل تلك الحالة أن يُقيم مع تلك الزوجة مدة إقامته في بلدٍ ما أو في مكانٍ ما، ثم يُطلِّقها إذا عاد لبلده، وهذه الحالة تكون لمن يغادر بلده برهةً من الزمن كالسفر لأجل الدراسة أو العمل أو نحو ذلك.مالك محمد القضاة، شذرات الياسمين في الفقه وعلوم الدين، 87، بتصرف.

حكم الزواج بنية الطلاق

اختلف الفقهاء قديماً وحديثاً في حكم الزواج بنية الطلاق وبيان ما ذهبوا إليه من أقوال على النحو التالي:مالك القضاة، شذرات الياسمين، 88-90، بتصرف

  1. رأي جمهور الفقهاء: يرى الفقهاء الأولون أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المعتبرة – الحنفية والمالكية والشافعية و- إلى أن الزواج بنية الطلاق جائزٌ شرعاً ولا حُرمة فيه، ودليلهم على ذلك أن عقد الزواج بنية الطلاق عقدٌ شرعي متكامل الشروط والأركان، أما نية العاقد فهي أمرٌ بينه وبين ربه لا اطلاع لأحدٍ عليه، ولا يمكن القول بتحريم عقد النكاح بناءً على أمرٍ لا اطلاع لأحدٍ عليه، أما إن كان التأقيت باللفظ أو مصرحٌ عليه في عقد الزواج فالزواج حينها يكون مُحرماً.
  2. رأي الإمام الأوزاعي وبعض فقهاء الحنابلة والمجامع الفقهية المعاصرة: يرى الإمام الأوزاعي رحمه الله، وبعض فقهاء المذهب الحنبلي والعديد من فقهاء العصر الحاضر أن حكم الزواج بنية الطلاق هو التحريم، لأن هذا النوع من الزواج إنما جاء باستحلال الفروج والتساهل فيها، وهو ما ذهبت إليه المجامع الفقهية المنعقدة حديثاً وما يدعو إليه معظم الفقهاء المعاصرون في الوقت الحاضر، ودليل أصحاب هذا القول أن هذا العقد يشتمل على الغش والتدليس والخداع كما أنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وكثيرة، ويؤدي إلى إساءة سمعة المسلمين، كما أن القول بجواز مثل هذا العقد يؤدي إلى هدم الأسرة وانتشار الفواحش وزيادة حالات الطلاق وانتشار العداوة والبغضاء بين المسلمين، وانعدام الثقة في مثل هذه الحالات بشكل خاص.
قد يهمك هذا المقال:   بيعة الرضوان

الزواج بنية الطلاق وزواج المتعة والزواج المؤقت

ربما إذا طُرحت تلك الأنواع الثلاثة للزواج اعتقد السامع أنها تشتمل العقد ذاته وتصل إلى نتيجة واحدة هي الطلاق أو انتهاء في وقت يتم تحديده سابقاً إلا أن الواقع أن هناك فرقاً وبوناً واضحاً بين العقود الثلاثة سابقة الذكر – الزواج بنية الطلاق وزواج المتعة والزواج المؤقت – ويكمن الفرق الجوهري بينها فيما يلي:مالك القضاة، شذرات الياسمين في الفقه وعلوم الدين، 85-87.

  1. الزواج بنية الطلاق لا يتم الاتفاق فيه على الطلاق بين العاقدين، بينما في باقي العقود الأخرى سالفة الذكر فإن العاقدين يعلمان أن الزواج أُجري بينهما إلى غاية ووقت محدد ينتهي بتحققها.
  2. في زواج المتعة يتمُّ التصريح في عقد الزواج بأن العقد قائمٌ على المتعة، بأن تقول الزوجة لزوجها في مجلس العقد (متعتك نفسي مدة كذا) أما الزواج بنية الطلاق فتكون الصيغة فيه ذات الصيغة الشرعية الصحيحة التي يتم استخدامها في عقد الزواج الصحيح.
  3. في عقد المؤقت يعلم العاقدان ويتعاقدا على توقيت الزواج مدة كذا ويشهد بذلك الشهود.
  4. لا خلاف بين الفقهاء في تحريم الزواجات السابقة – المتعة والزواج المؤقت- أما الزواج بنية الطلاق فقد قال جمهور الفقهاء بأنه مباحٌ شرعاً وخالف رأيهم الأوزاعي وبعض الحنابلة ثم وافقهم الفقهاء المعاصرون بكونه محرماً.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *