سبب نزول سورة الكهف

سورة الكهف هي إحدى السور القرآنية التي تناولت الكثير من القرآنية، فهي سورة مكية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وكان لنزولها سبب عظيم يؤكد على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويدحض الكافرين في عقيدتهم، ويؤكد على أن ما عند الله هو خير وأبقى، وفيما يأتي سوف نتناول سبب نزول سورة الكهف وكذلك القصص القرآنية التي تناولتها هذه السورة الكريمة.

سبب نزول سورة الكهف

ورد عن الإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير في مؤلفه العظيم تفسير القرآن العظيم ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن قريشًا لما حارت في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهت جميع حججهم الباطلة في التسليم والاستسلام لهذه الرسالة السماوية، أرسلت لأحبار اليهود تستشيرهم في أمره وتستفتيهم، وكانت رسل قريش هم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وبالفعل انطلقا الرسولان حتى وصلا إلى يثرب.

وهناك التقيا بأحبار اليهود فقالا لهم: جئنا لنسألكما عن محمد، ثم وصفاه ووصفا حديثه وحكيا ما كان من أمره وأمر رسالته، وقالا لهم أنتم أصحاب الكتاب الأول وعندكم ما ليس عندنا عن الأنبياء فأفتونا في أمره، فقالوا لهما: إليكم ثلاث أسئلة فإن أجاب عليها فهو نبي مرسل من عند الله، وإن لم يجب فهو كذاب مدعي النبوة، افعلوا فيه ما شئتم، وأما الأسئلة فهي: سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبأه؟ وسلوه عن ما هو؟

قد يهمك هذا المقال:   اصول التفسير

رجعت رسل قريش محملة بالأخبار وما أن وصلوا حتى اجتمع سادة قريش وزعماؤها، وما أن سمعوا أمر الأسئلة حتى انطلقوا جميعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا محمد ما تقول في هذه الأسئلة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخبركم غدًا عما سألتم» ولم يقل إن شاء الله كعادته، وانصرف المشركون من مجلس صلى الله عليه وسلم وهم منتظرون البيان الفصل في أمره، ومر يوم ويومان حتى مر خمسة عشر يومًا لم ينزل فيهم الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فصار المشركون في الطرقات يستهزئون بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون وعدنا محمد يومًا فصاروا خمسة عشر يومًا، وهنا حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا لانقطاع الوحي عنه، وشق عليه ما كان من أمر قريش معه وكلامهم عنه، ولما هبط عليه الوحي جاءه بسورة فيها عتاب له على حزنه من أفعال قريش وكلامهم، وفيها بيان شافٍ عن قصة أهل الكهف وعن قصة الرجل الطواف الذي بلغ مشارق الأرض ومغاربها وهو ذو القرنين وهي سورة الكهف وآية تجيب عن السؤال الثالث، وهي: {وَيَسْأَلُـونَكَ عَنِ الـرُّوحِ قُلِ الـرُّوحُ مِنْ أَمْـرِ رَبِّي وَمَـا أُوتِيتُـمْ مِنَ الْعِلْـمِ إِلَّا قَلِـيلًا} :85.

القصص القرآنية في سورة الكهف

تناولت سورة الكهف أربع قصص من القصص القرآنية، هم: قصة أهل الكهف، وقصة صاحب الجنتين، ، وقصة ذي القرنين، فكانت أبلغ رد على ادعاء المشركين والكفار بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مدعي النبوة كذاب حاشى لله، وفيما يأتي سوف نتناول الآيات الخاصة بكل قصة كما وردت بالسورة:

الإعجاز القرآني في قصة أهل الكهف

بدأت القصة في سورة الكهف من الآية (9) بسم الله الرحمن الرحيم: {أَمْ حَسِبْـتَ أَنَّ أَصْحَـابَ الْكَهْـفِ وَالرَّقِيـمِ كَانُـوا مِنْ آَيَاتِنَـا عَجَبًـا} وانتهت عند الآية (26): {قُـلِ اللَّهُ أَعْلَـمُ بِمَـا لَبِثُـوا لَـهُ غَيْـبُ السَّمَـاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِـرْ بِهِ وَأَسْمِـعْ مَا لَهُـمْ مِنْ دُونِـهِ مِنْ وَلِـيٍّ وَلَا يُشْـرِكُ فِي حُكْمِـهِ أَحَـدًا}، وفيها بين الله تعالى الإعجاز في نوم هؤلاء الفتية ما يقرب من 300 عامٍ، وكيف بعثهم مرة أخرى، وتحدثت الآيات عن الكيفية التي حفظ الله بها أهل الكهف طَوال هذه السنوات، فكانت الشمس تزاور عن كهفهم فتبتعد عنهم حتى لا يستيقظوا من رقدتهم، وكذلك كانوا يتقلبون يمينًا ويسارًا حتى لا تتحلل أجسادهم أو تصيبها القرح من طول الرقاد، وكيف كان الكلب معهم حارسًا لهم حتى وإن كان نائمًا مثلهم، فالمار بهم يحسبهم نيام والكلب حارس لهم فيخاف الاقتراب، وهكذا جعلهم الله عز وجل آيةً للبشر ودليلًا على قدرته، يحيي ويميت متنزه عن التشبيه ليس كمثله شيء.

قد يهمك هذا المقال:   بحث عن اقسام التفسير

العظة والعبرة من صاحب الجنتين

وفي الآية (32) من سورة الكهف تبدأ القصة الآتية، وهي قصة صاحب الجنتين قال الله تعالى: {وَاضْـرِبْ لَهُـمْ مَثَـلًا رَجُلَيْـنِ جَعَلْنَـا لِأَحَدِهِمَـا جَنَّتَيْـنِ مِنْ أَعْنَـابٍ وَحَفَفْنَاهُمَـا بِنَخْـلٍ وَجَعَلْنَـا بَيْنَهُمَـا زَرْعًـا} الكهف: 32 وانتهت عند الآية (42) قال الله تعالى: {وَأُحِيـطَ بِثَمَـرِهِ فَأَصْبَـحَ يُقَلِّـبُ كَفَّيْـهِ عَلَى مَا أَنْفَـقَ فِيهَـا وَهِيَ خَاوِيَـةٌ عَلَى عُرُوشِهَـا وَيَقُـولُ يَا لَيْتَنِـي لَـمْ أُشْـرِكْ بِرَبِّـي أَحَـدًا}، وقد بين الله تعالى من خلال قصة صاحب الجنتين عقوبة المتكبر والمتعالي، فعندما تكبر صاحب الجنتين على الرجل الفقير وتعالى عليه، كان جزاؤه بأن أرسل الله صاعقة من السماء فحرقته، وأتلفت جميع الثمار فكان جزاءً له وعبرة وعظة لكل متكبر ومتعالٍ.

قيمة العلم مع موسى والخضر

بدأت القصة الثالثة وهي قصة موسى والخضر مع الآية (60) قال الله تعالى: {وَإِذْ قَـالَ مُوسَى لِفَتَـاهُ لَا أَبْـرَحُ حَتَّـى أَبْلُـغَ مَجْمَـعَ الْبَحْرَيْـنِ أَوْ أَمْضِـيَ حُقُبًـا} وانتهت عند الآية (82) قال الله تعالى: {وَأَمَّـا الْجِـدَارُ فَكَـانَ لِغُلَامَيْـنِ يَتِيمَيْـنِ فِي الْمَدِينَـةِ وَكَـانَ تَحْتَـهُ كَنْـزٌ لَهُمَـا وَكَـانَ أَبُوهُمَـا صَالِحًـا فَـأَرَادَ رَبُّـكَ أَنْ يَبْلُغَـا أَشُدَّهُمَـا وَيَسْتَخْرِجَـا كَنْزَهُمَـا رَحْمَـةً مِنْ رَبِّـكَ وَمَا فَعَلْتُـهُ عَـنْ أَمْـرِي ذَلِكَ تَأْوِيـلُ مَا لَـمْ تَسْطِـعْ عَلَيْـهِ صَبْـرًا}؛ حيث انتهت القصة بتفسير وتوضيح جميع ما سأل عنه موسى عليه السلام ولم يستطع عليه صبرًا، وهنا يأتي دور العلم والتعلم؛ فالخضر كان أعلم أهل الأرض أتاه الله من فضله، كما أخبر رب العزة نبيه موسى عليه السلام، فكان يعلم ما وراء الظواهر، فعندما رأى السفينة علم أنها لمساكين وأن هناك ظالمًا يتبعها فخرقها، وعندما رأى الجدار بناه لأنه علم بكَنز ليتيمين تحته، وعندما رأى فتنة الأب والأم بابنهما قتله وهو يعلم أن الله سيخلف عليهما بولد صالح؛ إلا إن المتعلم لم يطق الانتظار والفضول يقتله فلم يستطع الصبر على الخضر حتى يعلمه فكان فراقًا بينهما ودرسًا للأمة حتى تعلم أن العلم لا نهاية له وهو غاية العقلاء والمتدبرين في الكون.

قد يهمك هذا المقال:   سبب نزول سورة الممتحنة

ذو القرنين وجدار بين الخير والشر

وأخيرًا القصة الرابعة وهي قصة ذي القرنين، الرجل الذي طاف من مشارق الأرض إلى مغاربها، وتبدأ هذه القصة في سورة الكهف مع الآية (83) يقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَـكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْـنِ قُلْ سَأَتْلُـو عَلَيْكُـمْ مِنْـهُ ذِكْـرًا} وتنتهي عند الآية (98) {قَالَ هَـذَا رَحْمَـةٌ مِنْ رَبِّـي فَـإِذَا جَـاءَ وَعْـدُ رَبِّي جَعَلَـهُ دَكَّـاءَ وَكَـانَ وَعْدُ رَبِّـي حَقًّـا}، وهنا تأتي قصة ذي القرنين هذا الملك العادل الذي وصفه بأنه طاف الأرض من مشارقها إلى مغاربها، ففي الغرب وجد الظالمين والكافرين فعذبهم، وكافأ الصالحين، وفي أثناء رحلته إلى مشارق الشمس، أي مكان شروقها وجد أناس لا يستترون منها بلباس ولا يسكنون البيوت، وكيف التقى هؤلاء البسطاء الذين لا يحسنون القول أي يتكلمون بلغة غير لغته، وكيف أنهم اشتكوا له يأجوج ومأجوج تلك الفئة العابثة في الأرض فسادًا، فأشار عليهم ذو القرنين بأن يبنوا جدارًا بين الجبلين من زبر الحديد لا يستطيعون عبوره أبدًا، وأخبرهم أنه مع قيام الساعة سوف يدك الله هذا الجدار دكًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *