علم التفسير

علم التفسير

أمر الله سبحانه وتعالى بفهم القرآن وتدبره قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )سورة ص، آية 29، فالحكمة من إنزال كما أوضَحتها الآية هو التدبر والاتعاظ، ولا يتحقق ذلك إلا بفهمه، فتدبر القرآن يقتضي أن لا يقف القارئ عند ظاهر هذه الكلمات بل لا بد من البحث عما وراء هذه الألفاظ من معانٍ، ومقاصدٍ، وغايات، فظهرت الحاجة الملحة لعلومِ القرآن الكريم، ومن أجَلِ العلومِ وأنفعُها ، وهو منَ العلوم التي أخذت جانباً من الأهمية. وفي هذه المقالة سيتم ذكر نشأة علم التفسير وأقسامه وأشهر روّاده والكتب التي ألّفت فيه.

التفسير

  1. التفسير لغةً: هو الكشف والإيضاح والتبيين، ومنه قوله تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا).سورة الفرقان، آية رقم 33.
  2. التفسير اصطلاحاً: هو علم يُفهم به كتاب الله المُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه.السيوطي، الإتقان، 2/174

نشأة علم لتفسير

كانت الحاجة لعلمِ التفسير تختلف من عصرٍ إلى آخر، فكانت الحاجة له في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أقل منها في العصور اللاحقة، وذلك لأن القرآن نزل بلسانهم ولُغَتِهم، وكانت سلائقهم وطباعهم سليمة، وكان صلى الله عليه وسلم بينهم، يُفَسِر لهم ما أُشكِلَ عليهم من فَهمٍ للآيات، ويوضح لهم معانِ الكلمات التي كانت لا تُعرَفُ عندهم، فظهر علم التفسير مع نزول القرآن الكريم، ولم تكن تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم تشمل القرآن الكريم كله، ولعلها حكمةٌ أرادها الله تعالى، من أجل أن تتدبر الأمة كتاب الله تبارك وتعالى في جميع العصور.فضل عباس، محاضرات في علوم القرآن، 270

قد يهمك هذا المقال:   سبب نزول سورة القلم

التفسير والتأويل

اختلف العلماء في الفرق بين التفسير والتأويل، فكلمة التفسير وردت مرةَ واحدة في القرآن الكريم في معرض الرد على الكافرين، (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا)سورة الفرقان، آية، 33، أما التأويل فقد وردت في عدة مواضع في القرآن وعدة سياقات فمرةً وردَ فيما يتعلق بالمتشابه ومرةً بتأويل الرؤيا، وفي تأويل الأعمال وبيان ما يقصد بها، وفي صحة ما ينبئ عنه القرآن ففي المواضع التي عبر فيها القرآن بالتأويل إنما هي بحاجة إلى البحث، وإعمالِ الفكر، وبحاجة إلى عملية عقلية،فضل عباس، محاضرات في علوم القرآن، 273 والتأويل في اللغة: هو مأخوذٌ من الأول، وهو الرجوع إلى الأصل، وتأويل الكلام بمعنى ما أوله إليه المتكلم، أو ما يرجع إليه الكلام، والكلام إنما يعود لحقيقته التي هي عَينُ المقصود،مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، 336.. فإذا قيل إن التأويل هو تفسير الكلام وبيان معناه، فالتأويل والتفسير على هذا متقاربان، ويؤديانِ إلى نفس المعنى ومنه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)، وهذا ما قاله الإمام ابن جرير وأبو عبيدة أبو عبيده هو معْمَر بن المثنى النحوي العلامة، يقال: إنَّه وُلِد سنة 110هـ، توفي سنة 213هـ، تاريخ بغداد (13/252). وطائفه، وإن قيل إن التأويل هو المراد بالكلام نفسه، فعلى هذا يكون هناك فرقاً كبيراً بين التفسير والتأويل.مناع قطان، مباحث في علوم القرآن، 338.

الفرق بين التفسير والتأويل

أدرك الراغب الأصفهاني بدقيق فهمه الفرق بين التأويل والتفسير، وذكرَ في مقدمتهِ هذه الفروق:

  1. التفسيرُ أعمُّ من التأويل، وأن التأويلَ أخص وخصوصيته أتت من أنَ التفسير بيان غريب الألفاظ، وأكثرُ استعماله في الألْفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجُمَل، وأنَ التأويل أكثر ما يُستعمَل في الكتب الإلهية، بخلافِ التفسير يُستعمل فيها وفي غيرها.
  2. التفسير يختص بالرواية، وأمّا التأويل فإنّه يختص بالدراية.الدراية: نقل علمي بالنص والتأصيل والقياس، وإعمالٍ للفكر والعقل. فالروايةُ لا تحتاج لإعمالٍ للفكرِ بخلافِ الدراية، فالروايةُ قولُ مسلمٌ به، ما دام قد ثبتت صحته.السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 4/167.
قد يهمك هذا المقال:   سبب نزول سورة الطارق

التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

كان الصحابة رضوان الله عليهم يفهمون القرآن، فقد نزلَ بِلُغَتِهم، وإن أُشكِلَ عليهم شيئاً منه عادوا للرسول صلى الله عليه وسلمَ لَفَهمه، فالأساس الأول الذي يقوم عليه علم التفسير في عهدهم هو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن، فخير ما يُفَسَرُ به القرآن، القرآن نفسه، ثم يأتي بعد ذلك تفسير القرآن بالسنة، أي تفسير النبي صلى الله عليه وسلم، ثمَ بعد ذلك يأتي الفهمُ والاجتهاد، فكان الصحابة إن لم يجدوا تفسيراً في القرآن ولا في السنة، اجتهدوا في الفهم، فهم يعرفون العربية، ووجوه البلاغة، وممن اشتهرَ بالتفسير من الصحابة: الخلفاء الأربعة، و، و، وأُبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير، رضوان الله عليهم.

التفسير في عهد التابعين

خيرُ العصور بعد عصر الصحابة، هو عصرُ التابعين، وهم من ورثوا علم الصحابة واتبعوا منهاجهم، ومع اتساعِ الفتوحات الإسلامية، وانتقال كثيرٍ من الصحابة للأمصارِ المفتوحة، وعلى يد هؤلاء العلماء تلقى تلاميذهم من التابعين علمهم ونشأت مدارس متعددة، ففي مكة نشأت مدرسة ابن عباس واشتهر تلاميذه بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطا بن أبي رباح.

وفي المدينة اشتهر أُبَيّ بن كعب بالتفسير، واشتهر من تلاميذه: زيد بن أسلم، وأبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي. وفي العراق نشأت مدرسة ابن مسعود التي يعتبرها العلماء نواة مدرسة أهل الرأي، واشتهر منهم ابن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، والحسن البصري، وغيرهم.مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، 350.

أقسام التفسير

  1. التفسير بالرأي: أن يُعْمِلَ المفسر عقله في فَهْمِ القرآن، والاستنباط منه، مستخدماً آلات الاجتهاد. و بالرأي وفق هذا التعريف يعتمد على عدة شروطٍ ليكون تفسيره بحكم المأثور، أي جائزٌ تعاطيه، وهي أن لا يصدر المفسر في تفسيره عن هوى نفسه، وأن لا يتعارض هذا التفسير مع اللغة العربيةِ السليمة، ولا يتعارض التفسير مع سياق الآياتِ الكريمة، وأن لا يخالف ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الرأي المحمود في التفسير.فضل عباس، محاضرات في علوم القرآن، 286. وأما إن كان تفسير القرآن بمجرد الرأي والهوى، من غير أصل فهو حرامٌ ولا يجوز تعاطيه.
  2. التفسير بالمأثور: هو تفسير القرآن بالقرآن نفسه، وبالسنة وبالآثار عن الصحابة والتابعين. وقيل في تعريفه: أنّه التفسير الذي يعتمد على صحيح المنقول والآثار الواردة في الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير دليل، ويتوقف عما لا طائل تحته، ولا فائدة في معرفته ما لم يرد فيه نقل صحيح. التفسير بالمأثور.وحكمه، يجب اتباعه، والأخذُ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة.
قد يهمك هذا المقال:   حروف المد في التجويد

أشهر كتب التفسير والمفسرين

ما يلي بعض أشهر كتب التفسير، لكن يوجد غيرها الكثير من كتب التفسير التي يطول ذكرها في العصرين القديم والحديث التي يطولُ ذكرِها. لكن كعيّنة:

  1. جامع البيان في تفسير القرآن، للطبري.
  2. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية
  3. تفسير القرآن العظيم، لابن كثير.
  4. مفاتيح الغيب، للرازي.
  5. البحر المحيط لأبي حيَان.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *