ما هي صغائر الذنوب

تعرّفنا في مقال سابق على والمقصود بها كبائر الذنوب، التي حذرنا منها ربنا عز وجلّ في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعرّفنا كذلك على ما يجب القيام به إذا ما وقع المسلم في ذنب منها، كما بيّنا عقيدة أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة، بقي أن نعرف أيضا ما هي صغائر الذنوب، وماذا على المسلم القيام به إذا ما اقترف ذنبا منها؟ وما هو خطر استصغار هذه الصغائر واحتقارها؟

ما هي صغائر الذنوب

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))”، فلم يستثني أحدا من بني آدم جميعهم، فكلنا معرض للخطأ ولا شك، وكلنا مقترف لصغائر الذنوب ولو حرصنا، وصغائر الذنوب على أرجح تعريفاتها، هي كل ذنب لا يوجب فيه حد من الحدود في الدنيا ولم يتوعّد الله فاعله ولم يلعنه وكان قليل المفسدة.

أمثلة عن صغائر الذنوب

نذكر أمثلة عن صغائر الذنوب في كل باب من أبواب الفقه على النحو التالي:

  • صغائر الذنوب في باب الطهارة
  • صغائر الذنوب في باب الصلاة
  • صغائر الذنوب في باب الصوم
  • صغائر الذنوب في باب النكاح
  • صغائر الذنوب في باب البيوع
  • صغائر الذنوب في أبواب أخرى

أمر مهم بخصوص صغائر الذنوب

قد يقترن الكبيرة من الحياء، والخوف، والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل. أنظر مدارج السالكين 1/328

قد يهمك هذا المقال:   كيف تتلذذ بالصلاة

أمور قد تجعل صغائر الذنوب من الكبائر

من بين الأمور التي قد تقلب الصغيرة كبيرة، والإنسان في غفلة عنها:

  1. الإصرار على الصغيرة والمداومة عليها.
  2. احتقار المعصية كونها صغير والتقليل من شأنها، دون النظر إلى عظمة من عصى.
  3. الافتخار بفعل الصغيرة والمجاهرة بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَاةٌ إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ فَيَقُولُ يَا فُلاَنُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ))” مسلم.
  4. الفرح بارتكاب المعصية.

مكفرات صغائر الذنوب

نسرد هنا جملة من الأمور التي بها تمحى وتغفر صغائر الذنوب -بإذن الله-، حتى نحرص على المبادرة إليها، ومن هذه الأمور:

  1. التوبة:” يقول الله تعالى: “((وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))” سورة النور: آية 31، فالفلاح معلق بالتوبة، والتوبة النصوح كما بين أهل العلم لها شروط، فالندم على الفعل والإقلاع عنه فورا، والعزم على عدم الرجوع إليه، وشرط رابع متعلق بحقوق الغير، وهو أن يستحلهم وأن يرد المظالم إلى أهلها.
  2. الاستغفار:” يقول الله عز وجلّ: “((وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى))” سورة هود: آية 3، والاستغفار فيه اعتراف بالذنب من العبد لربّه، فيعزم العبد باستغفاره على ترك المعاصي والآثام وصدق الله على عدم الرجوع إليها.
  3. الاستكثار من الحسنات: يقول عز وجلّ: “((أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)” سورة هود: آية 114]، يتبين لنا من خلال هذه الآية وآيات أخرى، أن الحسنات يمحين السيئات (من صغائر الذنوب)، أما الكبائر فلا بد لها من توبة خاصة وحسنة مثلها، كالشرك مثلا، فالشرك لابد له من توبة ودخول في الإسلام لكي يغفره الله عز وجل.
  4. الأذى الذي يلحق المؤمنَ: جاء في الصحيحين قولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: “(( مَا يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ))” مسلم، فما يصيب المسلم هو مكفر لصغائر الذنوب كما ثبت في الحديث وبيّنه العلماء -رحمهم الله جميعا-، والتكفير عن الذنوب يكون على قدر المصيبة التي يصاب بها المؤمن، فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: “((إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ))” أخرجه الحاكم في المستدرك، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع.
قد يهمك هذا المقال:   صلاة خسوف القمر

هذه كانت إشارة إلى بعض المكفرات للذنوب وصغائر الذنوب، لعلنا نكون سارين على درب الصالحين، الذين يسعون طيلة حياتهم للخلاص منها وبذل الطاعة لله عز وجلّ، والمسارعة في الخيرات ومجاهدة النفس على لزوم الطاعة، ومحاسبتها على تفريطها، ونهيها عن الهوى والسوء قال تعالى:” ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))” سورة النازعات: آية 40-41.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *