معركة حطين

التعريف بمعركة حطين

تعد معركة حطين من المعارك التاريخية الفاصلة في تاريخ المسلمين، فقد دارت رحاها إبان تهديدات الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي، بين جيوش الناصر “” وجيوش التحالف النصراني بين كل من “مملكة بيت المقدس”، “كونتية طرابلس”، “إمارة أنطاكية”، “فرسان الهيكل”، “فرسان الإسبتارية”، “فرسان القديس لازاروس”، وانتهت بانتصار الجيش المسلم، و قد سميت بهذا الاسم نسبة إلى مكان وقوعها، حيث دارت رحاها في تلال حطين بالقرب من بحيرة “طبرية”.

ظروف ما قبل معركة حطين

بدأت الحملات الصليبية منذ بداية القرن الحادي عشر الميلادي تشن هجماتها على بلدان الشرق الإسلامي لعدة دوافع أهمها:

  • السيطرة على بيت المقدس (المسيحيون يعتبرون أن لهم الأحقية على بيت المقدس).
  • السيطرة على طرق التجارة (كانت الأراضي الإسلامية تحوي العديد من المسالك والطرق التجارية المهمة التي تربط حوض البحر الأبيض المتوسط بدول شرق آسيا وأوربا).
  • نشر الدين المسيحي (التبشير).
  • السيطرة على خيرات وثروات المسلمين (كانت البلاد الإسلامية تزخر بالعديد من المؤهلات الطبيعية مما جعلها محط أطماع أجنبية على مر التاريخ).
  • السيطرة على الطرق التجارية خاصة تلك التي تمر من بلاد الشام

واستطاع الصليبيون احتلال العديد من المناطق الهامة في البلاد الإسلامية، في مقدمتها القدس سنة 1099م، وقد كان قادة وفرسان الحملات الصليبية متشبعون بالثقافة القروسطية الأوربية القائمة على النظام الفيودالي الإقطاعي، فنصبوا أنفسهم أمراء وملوك تلك المناطق المحتلة. ولم يتوقف هؤلاء عند هذا الحد، بل امتهنوا اللصوصية وقطع الطريق، وفي مقدمتهم البارون الإفرنجي “رينو دي شاتيلون” المعروف باسم “أرناط” الذي استقر في “حصن الكرك” بالأردن، وعكف على سلب ونهب القوافل التجارية المارة في الجوار، فقد كان الحصن يقطع الطريق التجاري الأهم في بلاد الشام، كما هدد بالسير نحو مكة المكرمة والمدينة المشرفة. والمعلوم أن “صلاح الدين الأيوبي” لما تمكن له سلطان مصر والشام، أعلن هدنة مع مملكة القدس الصليبية، إلا أن “أرناط” اخترق هذه الهدنة حوالي سنة 1187م، إذ هاجم قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق، إلا الناصر “صلاح الدين الأيوبي” طالب من ملك القدس “دي لوزينيان” بالتعويض عن الأضرار وإطلاق سراح الأسرى ومحاسبة المسؤول عن هذا الخرق في الهدنة، لكن ملك القدس لم يجرؤ على محاسبة قائده في حصن الكرك الذي كان قويا، فقرر صلاح الدين إعلان الحرب على “مملكة القدس”. فبدأت الحملة المسلمة بعمليات عسكرية عديدة كان هدفها توحيد بلاد المسلمين، فاجتاحت القوات المسلمة مناطق قلعتي “الكرك” و “كراك دي مونريال” سنة 1187م، وبعدها تأخر القتال شهرين بسبب مرض الناصر “صلاح الدين الأيوبي”، إلا أنه تم استئناف القتال وأعلن صلاح الدين فتح باب التطوع للجهاد ضد النصارى في مصر، ثم أرسل إل شبه الجزيرة العربية والشام والعراق يطلب المدد والجند ليصل عدد جنوده خلال هذه الحملة اثنا عشر ألف فارس و ثمانية عشر ألف من المشاة، مقابل اثنين وعشرين ألف جندي نصراني بين الفرسان والمشاة والحق بهم عدد كبير من المتطوعين حتى روي أنه زاد عددهم على الستين ألف جندي (ميخائيل زابوروف، كتاب”الصليبيون في الشرق”).

قد يهمك هذا المقال:   مجرة درب التبانة

وفي إحدى المعارك التي وقعت بمدينة “الناصرة” بفلسطين، تمت إبادة فصيلة كبيرة مؤلفة من فرسان صليبيين، لتعبر الجيوش المسلمة نهر الأردن جنوبي طبرية ثم حاولوا الاشتباك مع الصليبيين اللذين رفضوا القتال، وامتنعوا إلى قمة جبلٍ حصين، لتستولي جيوش الناصر صلاح الدين على طبرية، فحالوا بين النصارى وبين الماء.

معركة حطين

سيطر الجيش الإسلامي على بحيرة طبرية، ومنعوا النصارى من التزود بالماء، بل أشعلوا النيران في الشجيرات والأعشاب لكي يجبروا النصارى على مواجهتهم، لكنهم فروا إلى قمة تل مرتفع لكي يحتموا به، فهاجم المسلمون من بقي حيا من النصارى من جميع جهات التل إلى أن بلغوا القمة، فقتلوا وأسروا منهم عددا كبيرة، ثم أسروا ملكهم.

يقول “ستيفن رونسمان في كتاب “تاريخ الحروب الصليبية”: “أصبح صلاح الدين الأيوبي والمسلمون يوم السبت… فركبوا وتقدموا إلى الفرنج، … فاقتتلوا وهم يقابلون سائرين إلى طبرية لعلهم يردون الماء. فلما علم صلاح الدين مقصدهم، وقف بالعسكر في وجوههم… وكان بعض المتطوعة قد ألقى في تلك الأرض نارا…، فاجتمع عليهم العطش وحر الزمان وحر النار والدخان، وحر القتال، فوهنوا لذلك وهناً عظيما، فأحاط بهم المسلمون إحاطة الدائرة بقطرها، فارتفع من بقي من الفرنج إلى تلٍّ بناحية حطين، فاشتد عليهم القتال من سائر الجهات، ولم يتمكنوا من نصب خيمة غير خيمة ملكهم”.

سيطر الجيش الإسلامي على بحيرة طبرية، فاحتمى النصارى بقمة تل مرتفع، وهاجموا من بقي من النصارى إلى أن بلغوا القمة، فقتلوا وأسروا منهم عددا كبيرة، يضيف في هذا الصدد “ستيفن رونسمان” في نفس المرجع: “وأخذ المسلمون صليبهم الأعظم، وألقوا خيمة الملك وأسروهم على بكرة أبيهم، فكان من يرى القتلى لا يظن أنهم أسروا واحدا، ومن يرى الأسرى لا يظن أنهم قتلوا واحدا”.

قد يهمك هذا المقال:   أسباب تلوث الهواء

نتائج معركة حطين

انتصر المسلمون في معركة حطين انتصاراً ساحقا على الجيوش النصرانية المتحالفة، حيث فَقَد أعدادا هائلة من الفرسان بين القتلى والجرحى(ثلاثون ألف أسير، ونحوهم من القتلى)، إلا أن المسلمين لم يفقدوا أعدادا كبيرة من الجنود، ومن بين الأسرى كان ملك بيت المقدس و “أرناط”، فأحسن صلاح الدين إليهم، وأمر لملك القدس المنهزم بالماء، فلما انتهى قدم ما بقي لحاكم قلعة الكرك المنهزم “أرناط”، فلم يسمح له صلاح الدين بالشرب، إذ أن من عادات بلاد الشام وشبه جزيرة العرب، أنه من أكل أو شرب من طعام البلد أمن منهم، فذكره صلاح الدين بجرائمه وعزمه على المسير إلى مكة والمدينة، وكذا نهبه للقوافل، فعرض عليه الإسلام، فأبى “أرناط” متهكما على الدين الإسلامي وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي الحال ضرب صلاح الدين عنقه بالسيف، ثم توجهت قوات المسلمين إلى باقي المناطق بداية بالسواحل ببلاد الشام ففتحتها واسترجعتها من أيدي النصارى (عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان…) ليحاصر صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م بيت المقدس التي كانت تضم حامية عسكرية صغيرة والتي استسلمت بعد ستة أيام من الحصار، ففتحت أبوابها وقدمت له مفاتيحها، هكذا تتالت حركات جيوش المسلمين إلى أن استردت آخر حصون النصارى وهو حصن “بلفور”. ولما سقطت مملكة القدس الصليبية، دعا “بابا روما” إلى التجهيز لحملة صليبية ثالثة ستبدأ عام 1189م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *