هل التدخين ينقض الوضوء

التدخين

يعرَف التدخين بأنَّه عملية حرق مادة ما واستنشاق الدخان الناجم عن حرقها، وغالبًا ما تكون المادة هي نباتات التبغ المجففة واليابسة، حيثُ يقوم الإنسان بهذه العملية على اعتبارها من الممارسات التي تروِِّح عن النفس وتعمل على تهدئتها لوجود مواد شبيهة بالمواد المخدرة فيها، والتي تصدر عن احتراق المواد الفعالة في المخدرات، مثل النيكوتين، وهذا ما يسمح للجسم بامتصاصها عن طريق الرئتين مثلًا، وفيها مواد كيميائية كثيرة جدًّا تؤثر على الجهاز العصبي عند الإنسان، وللتدخين أشكال ووسائل وطرق عديدة، تعدُّ السجائر من أشيعها وأشهرها وأسهلها استخدامًا في الوقت الحالي، وهناك طرق أخرى مثل: الغليون والسيجار والنارجيلة وغيرها، وهذا المقال سيتطرق في الحديث حول هل التدخين ينقض الوضوء أم لا.

حكم التدخين في الإسلام

قبل معرفة هل التدخين ينقض الوضوء أم لا، لا بدَّ من ذكر حكم التدخين في الإسلام، فقد نشبَ خلاف كبير على مدى سنوات طويلة بين الفقهاء من أهل العلم حول حكم التدخين بسبب الجهل بتأثيراته على جسم الإنسان، لكن بعد أن أظهر العلم حديثًا أضرار التدخين العديدة، ذهب معظم الفقهاء من أهل العلم إلى حرمةِ التدخين وعدم جوازِ تعاطيه اعتمادًا على ما ورد في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية من آيات وأحاديث كريمة، وذلك لما له من عواقب وخيمة ومضار مهلكة على الإنسان فعدا عن كونه يضرُّ بصحة الإنسان فهو مضيعةٌ للمال وإيذاءٌ للناس، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، وقال تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، فالله تعالى يأمر عباده المسلمين بأن يأكلوا الطيبات من الرزق ومما خلق لهم على وجه الأرض.

وفي غير موضع يقول تعالى أيضًا: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، ومن المؤكد أنَّ الدخان من الخبائث لذلك فهو محرَّم كما رآى معظم العلماء بناءً على هذه الآية، والتدخين يحمل للجسم أضرار كثيرة لا حصر لها كما تبيَّن للأطباء والمختصين في ذلك الشأن، فهو أحد مسببات أمراض الجلطات الدماغية وأمراض القلب والتهاب القصبات الهوائية وانتفاخ الرئة وأمراض السرطان وغيرها، وفي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "لا ضرر ولا ضرار"، فلا يجوز للإنسان إن يلحقَ الضرر بغيره كما لا يجوز له أن يلحقَ الضرر بنفسه ويلقي بنفسه في الهلاك، فالتدخين حرامٌ والله أعلم.

هل التدخين ينقض الوضوء

في الحديث حول هل التدخين ينقض الوضوء تعرَّف القارئ على حكم التدخين، ولكن على الرغم من أنَّ معظم العلماء ذهب إلى حرمة التدخين وعدم جوازه واعتباره من الخبائث إلا أنَّه لا يعدُّ من نواقض الوضوء، ويجبُ على الإنسان الذي ابتُليَ بالتدخين أن يجاهدَ نفسَه للابتعاد عنه وتركه بلا عودة، ولكن ذلك لا يعني أنَّه ينقض الوضوء أو يفسد الصلاة، فالتدخين عبارة عن حرق نبتة التبغ المعروفة واستنشاق دخانه، ولم يحرَّم إلا بسبب ما يحمله من أضرار على الفرد والمجتمع عمومًا، لذلك يجب على كل مبتلى به أن يتوبَ إلى الله ويتركه، بالإضافة إلى أنَّه لا يجوز بيعه ولا التجارة به، لأنَّ الله أحلَّ الطيبات للمسلمين، ولم يرَ أحدٌ من الناس أنَّ الدخان من الطيبات فهو من الخبائث المُفترة والمسكرة المعروفة، وقد ذكرَ العلماء نواقض الوضوء في كثير من كتب الفقه ولم يكن الوقوع في الذنوب والمعاصي منها، فارتكاب الإنسان لمعصية ما لا ينقض الوضوء ولا يبطلُ الصلاة مثل الغيبة أو الكذب أو غير ذلك، ومثل ذلك التدخين فهو على الرغم من كونه محرمًا ولا يجوز تعاطيه ويعدُّ من الذنوب العظيمة إلا أنَّه لا ينقض الوضوء والله أعلم.

نواقض الوضوء

تبيَّن مما سبقَ أنَّ التدخين لا يعدُّ من نواقض الوضوء، وقد عملَ العلماء على حصر نواقض الوضوء حتى لا يقعَ المسلم في حيرةٍ من أمره فيما يخصُّ الوضوء الذي يعدُّ من أهم شروط صحة الصلاة، فلا يجوز أداء الصلاة دون وضوء، فالصلاة من أهم أركان الإسلام، لذلك يجب على المسلم أن يتعرَّف على نواقض الوضوء حتى يحافظ على وضوئه وصلاته كما أراد له الله تعالى، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج نواقض الوضوء ومفسداته كما ذكرها العلماء:

• كل ما خرجَ من أحد السبيلين في جسم الإنسان، ويعدُّ الناقضَ الوحيدَ الذي اتَّفق عليها جميع الفقهاء والعلماء والأئمة، حيثُ يشيرُ إلى كل ما يخرجُ من قبُلِ المرء أو من دبُره، ويشمل: البراز، البول، الريح، الودي، المذي، المني.
• الإغماء والجنون والسكر.
• لمس الفجر سواء فرج الإنسان نفسه أو فرج شخص غيره وذلك عن طريق اليد.
• النوم العميق أو استغراق المرء بالنوم ينقض الوضوء.
• الجماع والمداعبة التي تؤدي إلى إثارة الشهوة عن الرجل أو المرأة.
• تناول لحم الإبل رغمَ وجود خلاف حول ذلك، ولكنَّ أغلب الأقوال تشيرُ إلى أنَّ أكل لحم الإبل ينقض الوضوء بناءً على ما وردَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه توضأ بعد أن أكلَ لحمَ إبلٍ، فقد رويَ الحديث: "أنَّ رجُلًا سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَتوضَّأُ مِن لحومِ الغَنَمِ؟ قال: لا، قال: أنَتوضَّأُ مِن لحمِ الإبلِ؟ قال: نَعَمْ".
• الشك في وقوع الحدث، حيثُ ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ الشك ينقض الوضوء، وذهب البعض إلى أنَّ الشك لا ينقض الوضوء الذي تيقَّن الإنسان من أدائه.

وقد فصَّل عبد الواحد بن عاشر في نواقض الوضوء وذكر 16 ناقضًا من نواقض الوضوء في متنه المعروف المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، وهي كما ذكرها: "نَواقِضُ الْوُضوءِ سِتَّةَ عَشَرْ بَـوْل وَريـحُ ُ سَلَس إذا نَدَرْ وَغَائِـطُ نَـوْمٌ ثَقيـلٌ مَـذْيُ سُكْـرُ وَإِغْمَـاءُ جُنونُ وَدْيُ لَمْسُ وَقُـبْلَةُ وَذَا إنْ وُجِـدَتْ لَـذَّةُ عَـادَةِ كَـذَا إنْ قُصِدَتْ إِلْطَـافُ مَـرْأَةِ مَسُّ الذّكَـرْ وَالشَّكُّ في الْحَدَثِ كُفْرُ مَنْ كَفَرْ وَيَجِـبُ اسْتِبْراءُ الأخْبَثَيْن مَع سَلْـتِ وَنَتْرِ ذَكَرِ والِشَّدَّ دَعْ وَجَازَ الاسْتِجْمَارُ مِنْ بَوْلِ ذَكَرْ كَغَائِـطِ لاَ مَـا كثيراَ انْتَشَرْ".