مصر الفرعونية
لا أحد منَّا لم يسمع من قبل عن عظمة الحضارة الفرعونية وما خلَّفته من علومٍ وآثار عظيمة حتى الآن تُدهش العالم بأسره، لذا استحق منَّا الموضوع القراءة والبحث والتدبر.
مصر الفرعونية هي دولة الحضارة القديمة التي أنشأها الفرعون القديم على ضفاف نهر النيل ذات الأرض الخصبة، وعلى الرغم من بدائية الإنسان في ذلك الوقت، إلا أن ذلك لم يمثل عقبةً تقف في وجه الفراعنة القدماء وتثنيهم عن إنشاء الحضارة.
تركزَّت على ضفَّتي نهر النيل، وبدأت تلك الحضارة عام 3150 قبل الميلاد، الأمر الذي يجعلها من أقدم الحضارات التي أنشأها الإنسان القديم وأهمها، ويُعدُّ الملك مينا -أو نارمر والمشهور بلقب موحد القطرين- المؤسس والحاكم الأول لمصر القديمة؛ فقد كانت مصر قبله عبارةً عن قطرين: القطر الأول جنوب مصر القديمة، بينما الشمال كان القطر الآخر، وبعدما وحَّد الملك مينا القطرين معًا لإنشاء دولة مصر، بدأ حينها في بناء دولتهم والعمل على تطويرها على مدى الثلاثة آلاف عامٍ التالية، حتى هبَّ الغزو الأجنبي كعادته ليُدمِّر كل شيء، وتمثل ذلك في غزو الرومانيين مصر ليُحوِّلوها إلى واحدةٍ من مقاطعاتهم وينهبوا ثرواتها.
حضارة مصر الفرعونية
استغل المصريون القدماء جميع هبات الطبيعة لهم في بناء دولةٍ قوية وعظيمة؛ فقد حباهم الله نهر النيل واختصَّهم بأرضه الخصبة والمناخ المعتدل، ممَّا مكَّنهم من أداء نشاط الزراعة وتطويرها، كما استغل الفراعنة ذكاءهم في التنبؤ بمواسم الفيضانات والجفاف ليأخذوا حذرهم ويحافظوا على محاصيلهم الزراعية، الأمر الذى ساعد على إضافة مزيدٍ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية.
اهتمت حضارة مصر الفرعونية بالكتابة والتعليم، ونجد ذلك واضحًا تمام الوضوح في المعابد والبرديات التي تركوها، وقد كان لهم نوع كتابةٍ خاص بهم فقط، وهي الكتابة الهيلوغريفية، كما أسسوا نظمًا اجتماعية ووضعوا نظامًا لطبقات المجتمع، واهتموا بالتجارة الخارجية عن طريق التجارة مع الدول المحيطة بهم، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل اهتم الفراعنة ببناء جيشٍ قوي ليحمي ثرواتهم، وحرص حكام مصر حينها على رفع روح الجيش المعنوية.
كان يُطلَق على ملك مصر فى العصر القديم “الفرعون”، ونجد ذلك في القرآن الكريم الذي أطلق لقب الفرعون على ملك مصر في عهد التوراة.
لا يوجد أهم وأعظم من الآثار التي تركها لنا الفراعنة القدماء كدليلٍ واضح على مدى تقدُّمهم وتطوُّرهم، ومن أهم إنجازاتهم الحضارية: المعابد، والأهرامات التي يتعجَّب العالم حتى الآن كيف بنوها، وأيضًا المسلات والسفن التي كانوا أول من عرفها واستخدمها في حروبهم، كما أن هناك العلوم التي أحدثوا بها تطورًا هائلًا؛ فلا يزال علم التحنيط الذي استخدموه لتحنيط جثث الملوك والحكام يحمل لنا الآلآف من علامات الاستفهام، وهناك أيضًا نظم الرياضيات والحساب والعلوم الطبية والهندسة المعمارية التي اتبعوها لبناء الأهرامات، والرسم على الزجاج، وغيره الكثير جدًّا ممَّا لا يحصيه حاصٍ.
كانت الحضارة الفرعونية هي القائد الملهم والمرشد لكلٍّ من والحضارة الرومانية؛ إذ عملت كل حضارات العالم على تقليد جميع العلوم والفنون والعمارة ونسخها من الحضارة الفرعونية التي كانت سبَّاقةً في كل ذلك، وقد أثبت المؤرخون أن حضارة مصر الفرعونية كانت أول حضارةٍ عرفها التاريخ وأهم ما مر عليه.
تركت لنا الحضارة الفرعونية أكثر من ثلث آثار العالم؛ فثلث آثار العالم موجود فقط في مدينة الأقصر وحدها بجمهورية مصر العربية، والتى تُلقَّب بمدينة المئة باب، وكذلك مدينة الشمس، وترجع أهمية الأقصر وكثرة الآثار الفرعونية بها إلى كونها عاصمة مصر القديمة، وكانوا يلقبونها بـ”طيبة”، ومن أهم المعالم الأثرية بها: معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، وطريق الكباش الرابط بين المعبدين، ومتحف الأقصر، ووادي الملوك، ومعبد الدير البحري، ووادي الملكات، ودير المدينة، ومعبد الرامسيوم، وتمثال ممنون.
الأهرامات وأبو الهول
كانت الثلاثة من أهم آثار الحضارة الفرعونية، فكما ذكرنا لا يزال العالم يتعجَّب من قدرة الإنسان البدائي على تشييد هذه الأهرامات الضخمة لتصبح بهذه الدقة والارتفاع، وقد كان الغرض الرئيسي للمصريين القدماء من تشييد الأهرامات هو اتخاذها كمقابر لهم؛ فقد كانوا يؤمنون بالبعث بعد الموت وبأنَّ كل إنسانٍ يموت سيُبعَث بعد الموت ليعيش الحياة الأبدية، لذلك بنوا صرح الأهرامات لدفن ملوكهم، ووقت وفاة الملك كانوا يحنطون جثته ويدفنون معه جميع أملاكه وكنوزه وغير ذلك من الأطعمة والأواني وجميع مقومات الحياة، بالإضافة إلى كل ذلك يُدفَن معه بعض الخدم ليقوموا على راحته عندما يُبعَث إلى الحياة من جديد.
يوجد بمصر ما يزيد على المئة هرم، تمتد من منطقة (أبو رواش) حتى الفيوم، وأشهر هذه الأهرامات هي أهرامات الجيزة الثلاثة، وهي هرم خوفو وهرم خفرع وهرم منقرع، وهي أكبر ثلاثة أهرامات من بين المئة هرم، ويقع أمامهم تمثال (أبو الهول)، وهو عبارة عن تمثالٍ أسطوري بجسد أسدٍ ورأس إنسان.
معبد الأقصر
من أكبر معابد المصريين القدماء ومن أهم آثارهم، بُني عام 1400 قبل الميلاد لتُقام به شعائر عبادة الإله آمون رع وزوجته وخونس ابنهما، ويُطلَق على ثلاثتهم ثالوث طيبة، وشارك في تشييده وتطويره على مدار السنين كلٌّ من الملك أمنحوتب الثالث، والملك رمسيس الثاني، والملك تحتمس الثالث، والملك توت عنخ آمون.
معبد الكرنك
عبارة عن مُجمَّعٍ للكثير من المعابد والمباني والأعمدة؛ فقد بُني معبد الكرنك على فتراتٍ من الحكم بدايةً من الحكم الفرعوني حتى غزو الرومان، وقد بُني لعبادة الإله آمون رع وزوجته موت وابنهما الإله خونس، ويوجد لكلٍّ منهم معبد داخل معبد الكرنك.
متحف التحنيط
يوجد بالأقصر، ويهدف إلى إبراز أهم تقنيات التحنيط التى استخدمها المصريون القدماء، وتوجد بالمتحف معروضات كثيرة ومتنوعة تدور حول آلهة مصر القديمة، وأيضًا مواد التحنيط وسوائل التحنيط، وكانوبية حفظ أحشاء المُتوفَّى، ومومياء ماسحرتي، وتابوت بادي آمون، وبعض الحيوانات المُحنَّطة وغيرها.
متحف الأقصر
بُني عام 1989م في عهد الرئيس محمد أنور السادات، ويحتوي على الكثير من آثار مصر الفرعونية، مثل مقبرة توت عنخ آمون، والكثير من التماثيل، ومومياء الملك أحمس الأول، وأيضًا مومياء رمسيس الأول.
المتحف المصري
أكبر المتاحف في العالم وأشهرها.
يوجد فى محافظة القاهرة عاصمة مصر قرب ميدان التحرير.
شُيِّد المتحف المصري عام 1835م في حديقة الأزبكية، وحينها كان يشغله قدر كبير من الآثار والتماثيل المختلفة، وبعدها نُقِل المتحف المصري بمقتنياته إلى قلعة صلاح الدين، بعدها اقترح عالم المصريات الفرنسي أوجوست مارييت تشييد متحفٍ على شاطئ نهر النيل، لذا انتقل المتحف إلى مدينة بولاق، ولكن تعرَّضت الآثار هناك للمخاطر الفيضانية لنهر النيل، الأمر الذى استدعى نقلها إلى قصر الخديوي إسماعيل بالجيزة، وأخيرًا استقرَّ الحال بالمتحف المصري في موقعه الحالي، إذ أشار عالم المصريات الفرنسي جاستون ماسبيرو إلى ضرورة تشييد مبنًى مستقلٍ للآثار، وافتُتِح المتحف المصري عام 1902م في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني.
يحتوي المتحف المصري على أكثر من 150 ألف قطعةٍ أثرية من الحقب التاريخية المختلفة التي مرَّت بها مصر، وأشهرها الآثار الفرعونية، وهناك الكثير من المجموعات الأثرية التي عُثِر عليها في مقابر الملوك الفرعونية.