أبو بكر الصديق هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن عدنان التيمي القرشي، ولد عام 573 ميلادية، ب وقد نشأ وترعرع فيها، وهو من وأول الخلفاء الراشدين، أكرم الله أباه أبا قحافة عثمان بن عامر بالإسلام وكان هذا يوم فتح مكة، وأمه هي أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب التيمية القرشية، أكرمها الله هي أيضًا بالدخول في الإسلام، وكان هذا قبل الهجرة النبوية بمكة المكرمة، وبناته هن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأم كلثوم، وأسماء، أما أولاده فهم عبد الرحمن، ومحمد، وعبد الله رضي الله عنهم أجمعين.
صفاته قبل الإسلام
اتصف رضي الله عنه بصفات جليلة، حتى قبل اعتناقه الإسلام، ومن أهم تلك الصفات، أنه لم يقدم يومًا على تناول الخمر، فقد حرمها على نفسه قبل أن يحرمها عليه الإسلام، كما أنه عرف قبل الإسلام بعدم سبه للأنساب، وهذا كان من أهم أسباب حب أهل مكة له، فقد كان من علماء الأنساب في الجاهلية، وكان أكثرهم علمًا، كما أنه رضي الله عنه لم يسجد لصنم قط، فقد روي أنه عندما بلغ منه الحلم أخذه أبوه إلى مكان يوجد به أصنام، وأخبره بأن هؤلاء هم آلهتك، التي يجب أن تتقدم لها بالعبادة، ثم تركه وحيدًا في هذا المكان وذهب، فجعل أبو بكر يحدث أحد هذه الأوثان طالبًا منه باستهزاء أن يطعمه؛ لكن الصنم لم يجبه، فعاد أبو بكر ليطلب منه أن يكسوه ولكنه لم يجبه أيضًا في المرة الثانية، فقذه أبو بكر بحجر فوقع الصنم ملقيًا على وجهه.
وقد روي عنه ذلك في مجمع الصحابة، حيث قال رضي الله عنه: «ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبو قحافة بيدي، فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام، فقال لي: هذه آلهتك الشم العوالي، وخلاني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني، فلم يجبني، فقلت: إني عار فاكسني، فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخر لوجهه»، كما أنه رضي الله عنه كان من أشراف قريش وكبرائها، وكان من أحب الناس إلى أهل قريش جميعًا.
إسلامه رضي الله عنه
كان أبو بكر رضي الله عنه أول من أسلم من الرجال والنساء، فقد عاش حياته قبل ظهور الدعوة الإسلامية يبحث عن الدين الصحيح، وقد ساعده عمله بالتجارة على ذلك، عن طريق رحلاته التجارية التي كان يقوم بها، وكان يقرأ في جميع الديانات السابقة ويجالس أصحاب تلك الديانات، وفي إحدى المرات كان جالسًا أمام الكعبة ومر به رجل يدعى أمية بن أبي الصلت فبعد أن سلم أمية على أبي بكر سأله هل النبي المنتظر سوف يبعث منا أم سوف يبعث منكم، فاندهش أبو بكر مما سمع، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يسمع فيها أبو بكر بقدوم نبي.
انطلق إلى ورقة بن نوفل، ليستفسر منه عن هذا الأمر، فأكد له ابن نوفل بأن هذا النبي الجديد سوف يبعث من جزيرة العرب ومن أنسابها، وبحكم قرب أبي بكر من حتى قبل الإسلام وبسبب معرفته الشديدة بأخلاقه التي لمسها، ومن أهمها التزامه بقول الصدق في الأمور كلها؛ لذلك عندما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة الإسلامية صدقه رضي الله عنه على الفور، لثقته التامة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما أن أسلم حتى حسن إسلامه رضي الله عنه، فصار يدعو إلى دين الله سرًّا، حتى أن التاريخ يذكر أن خمسة من المبشرين بالجنة أسلموا على يد أبي بكر الصديق ومن خلال دعوته وهم: ، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، كما أنه اشترى الصحابي بلال بن رباح مؤذن رسول الله وأعتقه لوجه الله بعد أن نالت منه قريش بالعذاب، كذلك أسلم على يده رضي الله عنه العديد من الصحابة، منهم أبو عبيدة بن الجراح، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظغون، وأبي سلمة بن عبد الأسد، رضي الله عنهم أجمعين.
هاجر أبو بكر الصديق بصحبة النبي إلى المدينة، وشهد معه جميع الغزوات، وكان أهمها غزوة بدر التي وقعت في العام الثاني ، وغزوة أحد في العام الثالث للهجرة النبوية، وغزوة بني النضر عام 4 هجريًّا، وغيرها من الغزوات والفتوحات، وقد جُمع القرآن الكريم في عهده، وبشره النبي بالجنة، وقد أطلق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم لقب الصديق، وكان أول الخلفاء الراشدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
خلافته رضي الله عنه
بعد الله صلى الله عليه وسلم، تجمع صحابة رسول الله من المهاجرين والأنصار داخل سقيفة بني ساعدة؛ ليتشاوروا فيمن هو أحق بشؤون الخلافة، فاتفقوا جميعًا على أنه ليس هناك من هو أحق بها من صديق رسول الله وصديقه في حياته، أبي بكر الصديق، خاصةً بعدما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه أن يؤم المسلمين للصلاة، فعلموا أنه خليفته، وقد بايعه جميع المسلمين على الخلافة، وكان هذا داخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمرت خلافته لمدة عامين وثلاثة أشهر تقريبًا، وفيها قامت حروب الردة التي أمر بها رضي الله عنه، وبعدها معركة اليمامة في مواجهة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة، وفتوحات الشام والعراق، وفيها جُمع القرآن الكريم وظل رضي الله عنه عاقدًا لواء الحق وراية الإسلام حتى توفي رضي الله عنه وأرضاه.
وفاته رضي الله عنه
توفي رضي الله عنه في العام الثالث عشر للهجرة النبوية، بعد معاناة شديدة مع المرض، وعندما أحس بدنو أجله جمع الناس حوله وأخبرهم بأنه يشعر باقترابه من الموت، وأمرهم باختيار الخليفة الذي يحبونه؛ ولكن الصحابة رجعوا إليه بعد قليل، وأخبروه برغبتهم في أن يختار هو من هو أهل لها، فأمرهم بتركه قليلًا حتى يأخذ قراره، ثم بعد ذلك وقع اختياره على عمر بن الخطاب رضي الله عنه.