أقسم اللهُ تعالى بالفجر في كتابه الكريم فقال: {وَالْفَجْرِ} 1؛ وذلك لما له من منزلة عظيمة وأجر كبير عند الله. وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحفاظ على أداء الفجر، وعدم التخلي عنها، ومجاهدة النفس فيها للحصول على ذلك الأجر، فهي تجلب في الوجه نورًا وضياءً، وتشحذ الهمة، وتقوي النفس على عمل الصالحات والبعد عن المعاصي، كما إن لصلاة الفجر فوائد تعود على الصحة والجسم؛ حيث أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية والنفسية أن صلاة الفجر تعزز من الطاقة الإيجابية في الجسم، كما أنها تحسن من وظائف الجهاز العصبي في الجسم، وتحسّن الحالة المزاجية، وتعمل على تنشيط جهاز المناعة بالجسم، إلى غيرها من الفوائد التي تجعل المسلم يُقبل على صلاة الفجر ولو حبوًا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا» عليه.
فضل صلاة الفجر
وردت صلاة الفجر في كثير من الآيات والأحاديث بأنها عظيمة الأجر والثواب؛ فهي صلاة تشهدها الملائكة قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} الإسراء: 78، وقال صلى الله عليه وسلم: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر» عليه وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها».
بشائر صلاة الفجر
وردت آياتٌ قرآنية وأحاديثُ نبوية تبشر بأجر صلاة الفجر والفضائل التي يحصل عليها المسلم في حالة قيامه بها ومواظبته عليها، وهي:
- رؤية الله عز وجل وهي أعظم بشارة بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية جرير بن عبد الله رضي الله عنه؛ حيث قال: كنا عند النبي صلوات الله وسلامه عليه فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضارون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} 39 عليه.
- بعد أداء صلاة الفجر يصبح المسلم في ذمة الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيءٍ، فإن من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم» مسلم؛ فقد حذر رسول الله مِن أذية مَن هو في أمان الله وحفظه، وتوعده بالحرب من الله.
- النور التام يوم القيامة هو أحد البشائر الربانية التي وعدنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة الأسلمي عن المشائين في الظُلَم أي للصلاة في المسجد وقت الظلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» الترمذي وأبو داوود.
- كل خطوة يخطوها المسلم وهو في طريقه إلى المسجد بعشر حسنات، وكذلك انتظار الصلاة في المسجد له أجر صلاة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من بيته إلى المسجد كُتب له بكل خطوة يخطوها عشرُ حسنات، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين حتى يرجع إلى بيته» أحمد.
- صلاة الفجر مُنجيةٌ من النار وسببٌ لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يلج النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» مسلم.
- أجر حجة و هو ثواب وفضل بشّر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ يصلي الفجر في جماعة ثم ينتظر حتى شروق الشمس ليصليَ رَكعتي الصبح، وهو فعل يسير يقابله أجر كبير وعظيم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» الترمذي وصححه الألباني.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقيل ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: «بال الشيطان في أذنه» أي منعه عن صلاة الفجر، وفيه حذر صلى الله عليه وسلم المسلمين من عقد الشيطان التي يعقدها على رؤوسهم كل ليلة حتى يناموا عن صلاة الفجر فيُحرموا الثواب والفضل قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة، عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطًا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» عليه.