تلوث البيئة
الكون يلتمس خطرًا ازدادت آثاره في الفترة الأخيرة، وهو خطر يواجه مصير الحياة وبقائها، تلك الحياة التي تمتدُّ لتشمل جميع الكائنات الحية التي تعيش مع الإنسان تحت مظلة الطبيعة والبيئة، البيئة التي تحتضن جميع مكونات الحياة وعناصرها على أرضها.
فما إن امتدت يد الإنسان لتطال هذه البيئة حتى عبثت بها ونشرت فيها ؛ إذ ترجع أسباب إلى أفعال الإنسان وتطور حضارته الصناعية وتقدُّمه العلمي الذي أسهم كثيرًا في نشوء المخاطر التي تحيط بالبيئة وتتسبب في التلوث، سواءً التلوث الهوائي أو التلوث المائي أو التلوث الضوضائي أو تلوث التربة، وغيرها من أنواع التلوث التي تهدد حياة جميع المخلوقات الحية التي تعيش في هذه البيئة، وأولها الإنسان.
مفهوم
يُشار إلى التلوث البيئي بأنه التفاعل الفيزيائي والبيولوجي لمكونات تلك المواد على البيئة الطبيعية وعوامل احتراقها وتأثيرها في طبقة ، والذي يمتد إلى طبقات الكرة الأرضية ويؤثر في نسب تكافؤ عمليات التفاعل البيئي على الكائنات الحية؛ إذ تُحدِث هذه التفاعلات تأثيراتها من المواد الضارة التي تتغلغل في الهواء الجوي وتتسرب نحو طبقات الأرض والمياه، ومن ثمَّ فإنَّ جميع هذه الأضرار تؤثر في كل مكونات كوكب الأرض سواءً الهواء أو الماء أو التربة من المكونات والمواد الصلبة والسائلة والغازية.
أسباب تلوث البيئة
بفعل النشاطات اليومية للإنسان وازدياد والصناعات، شكلت نواتج هذه النشاطات جوهر التلوث البيئي، كما أثرت زيادة البشر على الكوكب وأدت إلى عدم الاهتمام الصحي الكامل بالتخلص من هذه النواتج والمخلفات؛ إذ طغى هذا التقدم التكنولوجي الهائل على المكونات الطبيعية في البيئة ما جعل معدلات الحياة الصحية تنخفض، واستنفذ الإنسان خيرات الطبيعة في زخم هذا التطور الصناعي.
وموازنة هذه المعادلة لا تتحقق بزيادة الشطر الأول منها، بل بضبط الشقِّ الثاني وتعديله.
وميل هذه الكفة له أسباب، منها:
- نتيجة ازدياد معدل السكان، ترك ذلك آثار الاستخدام البشري في البيئة مما دفع بها نحو ازدياد النفايات.
- الطفرة الهائلة في التكنولوجيا أدت إلى حدوث التلوث البيئي؛ إذ إن ذلك التقدم الصناعي ترك خلفه ملايين الأطنان من المخلفات الصناعية التي تتغلغل في التربة والمياه.
- التفاعلات الكيميائية والنووية في المحطات تُنتج عوادم خطيرة على صحة الإنسان، وتُسبِّب التلوث الإشعاعي في البيئة.
- إن ازدياد معدل المركبات والسيارات نتيجة زيادة عدد السكان حول العالم، يُنتج المخلفات والعوادم من خلال احتراق الوقود، ومنه إلى التسبب في تلوث الهواء.
- هناك بعض العوامل الطبيعية نتيجةً لتغير المناخ؛ فالحرائق الحادثة بفعل ارتفاع درجات الحرارة في الغابات على صعيدٍ كبير من مناطق العالم، تعزز من تراكم العوادم والتأثير على الغلاف الجوي.
- في المجال الزراعي، يسبب استخدام المبيدات والكيماويات تلوث التربة لتراكم هذه المواد فيها، كما أنها تمتد لتتسرب إلى باطن الأرض ومنه نحو تلويث الماء أيضًا.
إن جميع النواتج والمخلفات الصناعية ومخلفات الإنسان والعوامل الطبيعية تتبلور في مجملها لتتسبَّب في التلوث البيئي الشامل؛ فيتجسَّد كل نوع طبقًا لما يتسبب فيه من تأثير على المحيط المتعلق به، ويمكن تصنيف أنواع إلى: هوائي، مائي، ضوئي، حراري.
تلوث الهواء
من أهم مكونات الغلاف الجوي، وهو يشكل العنصر الحيوي والأساسي لمتطلبات الحياة؛ فصحة الإنسان تعتمد بدرجة كبيرة على صحة الهواء المحيط به وسلامته؛ إذ يتأثر الهواء بالكثير من نشاطات الإنسان الصناعية، وتلوث الهواء هو وجود المواد الضارة التي تجعل الهواء غير نظيفٍ وغير صحيٍّ على الإنسان.
تتعدد تلك المواد ما بين الكيماوية والغازات والدخان، ويرجع تلوث الهواء إلى الأسباب التالية:
- عوادم السيارات والمركبات بجميع أنواعها.
- المركبات الناتجة من الصناعات ودخان المصانع.
- الغازات التي تنبعث من المبيدات الحشرية والأسمدة المستخدمة في عملية الزراعة.
- أكاسيد الكبريت الناتجة من صناعات الإسمنت والصناعات البترولية.
الماء هو العنصر الأساسي الذي يؤثر في وجود الحياة ككلٍّ على الأرض؛ إذ إن المياه هي العنصر الرئيسي لنشأة الكائنات الحية ومُحدَّدة لبقائها أو اندثارها.
يسهم الإنسان في تحديد مستقبله المائي -والحياتي عمومًا- بفعل التأثيرات السلبية والضارة التي يتركها خلفه من النشاطات الاقتصادية التي يقوم بها؛ فتُنذره تلك النواتج من انبعاث المواد الملوثة في باطن الأرض ومنها نحو المحيطات والبحار والأنهار، ويمتد التلوث المائي نحو المياة الجوفية في باطن الأرض ومنها نحو حياة الكائنات البحرية.
تتسبب الكثير من العناصر في تلوث الماء، ومنها:
- عدم الاهتمام بالطرق الصحيحة للتخلص من نفايات المصانع ومحطات الطاقة، إذ إن تسرُّبها نحو البحار والمحيطات يُسبِّب التلوث المائي عبر اختلاط الماء بالمواد الكيميائية الناتجة من هذه النشاطات.
- تسرُّب مياه الصرف الصحي نحو البحار والمسطحات المائية.
- المخلفات النفطية في مياه البحار والبحيرات والمحيطات الناتجة من عمليات التعدين واستخراج البترول والغاز.
- تسرُّب المواد البترولية من الناقلات البحرية.
- عوامل طبيعية مثل الأمطار الحمضية التي تتغلغل بالمواد الضارة نحو التربة.
يُقصَد بتلوث التربة اختلاط طبقات التربة بالمواد الكيميائية الناتجة من نشاط الإنسان ، مما يؤثر على المحاصيل الزراعية التي يستهلك الإنسان خيراتها لأجل الحياة.
ومن أسباب تلوث التربة:
- التلوث المائي الذي يمتد نحو التربة لتلويث طبقاتها الداخلية، مما يؤثر على عملية الإنتاج الزراعي.
- استخدام العناصر والمكونات الكبيريتية والأسمدة.
- النفايات الصناعية الصلبة التي تتشكَّل على سطح التربة وتؤثر في جودتها.
- النفايات غير المُتحلِّلة التي تخزنها التربة وتُنتج مخلفات كيميائية.
باتت وتيرة الازدحام متسارعةً بفعل الحياة اليومية؛ إذ إن التكدُّس السكاني وتكدُّس الخدمات الحكومية في أماكن مُجمَّعة يُنتج الإزعاج والضوضاء الذي يمتد تأثيره إلى المحيطين، ومن ناحيةٍ أخرى فالأنشطة اليومية للإنسان من وسائل النقل والمناسبات والتجمُّعات السكانية هي من مكملات أسباب التلوث الضوضائي.
ويرجع التلوث الضوضائي إلى:
- الأصوات المرتفعة في الأحياء والمناطق السكنية.
- أصوات المركبات ووسائل النقل.
- الصناعات الضخمة.
أصبحت الحرارة أساسًا لتحرُّكات الإنسان في بناء ثروته العلمية؛ فهي من العوامل الطبيعية التي توازن معادلة الحياة على الأرض، وبفعل النشاطات الإنسانية اختل التوازن البيئي وانحرفت معدلات الحرارة الطبيعية عن مسارها؛ فتغيُّر درجة حرارة الأرض يرتبط بمعدلات الأكسجين في طبقات الغلاف الجوي، ولأنَّ نشاطات الإنسان امتدت نحو هذه الطبقات، فإننا نواجه مرحلةً متقدمة من التلوث الحراري في حياتنا،
ومن أسباب التلوث الحراري:
- التفاعلات الكيمائية والنووية والنشاطات التي أثرت على الغلاف الجوي وطبقة الأوزون.
- تجريف التربة وقطع الأشجار.
- تفريغ محطات توليد الكهرباء مياه التبريد الخاصة بها في المسطحات المائية مباشرة.
الضوء هو عنصر حيوي لحياة الإنسان في الوقت الحاضر؛ إذ كان الإنسان سابقًا يواجه صعوبات كبيرة في الأماكن غير المضيئة، ولا شك في أنَّ الإنسان تقدَّم في معرفته من العصور السابقة حتى الوصول إلى تعميم الإنارة والضوء وتسخيرهما لخدمته؛ فالنجاحات التي وصل إليها الإنسان لمعرفة مفاهيم الضوء تنغمس في حركة الربط بين مكونات الغلاف الجوي والبيئة بشكلٍ أساسي، فالضوء أصبح عنصرًا مكملًا لعناصر البيئة الأخرى.