أضرار التدخين
يرتفع احتمال الإصابة ب لدى المدخنين خمس أضعاف الأشخاص غير المدخنين، وإذا كان ارتفاع العمر لما فوق 55 سنة يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب، فإن المدخنين يرتفع عامل الخطورة لديهم مبكراً بدءاً من الثلاثين الأربعين، ويبلغ عدد المتوفين بسبب التدخين عالمياً أضعاف عدد المتوفين بسبب الحوادث المرورية أو الانتحار أو القتل.
تحتوي السجائر على مواد مثل الكواينون والهيدروكواينون والتي تقوم باختزال الأكسجين الموجود في الجسم لتحوله لصورة فوق الأكسيد، وهي الحالة النشطة للأكسجين والتي تجعله يتسبب في عدد من التفاعلات الخطيرة في الجسم للوصول للاستقرار، وتشمل قائمة الأضرار التي تنتج عن مثل هذه الذرات النشطة أمراض القلب، وأمراض المناعة، والسرطان.
ويسبب دخول مادة أول أكسيد الكربون للجسم، وهذه المادة ذات جاذبية عالية للأكسجين، فيترك الأكسجين كريات الدم الحمراء التي توزعه للأعضاء الحيوية في الجسم ويذهب للارتباط بأول أكسيد الكربون، فينقص الأكسجين في الجسم متسبباً في نقص كفاءة الأعضاء، ونشوء الأمراض.
والعديد من مكونات السجائر هي عبارة عن مبيدات حشرية، ومواد مسرطنة، ويعتبر السيانيد والزرنيخ وأول أكسيد الكربون سموم تستخدم في جرائم القتل والانتحار، ويحتوي غاز السجائر على أربعة آلاف مادة كيميائية، ويزيد ضرره عن ضرر النيكوتين، ومن هذه المواد الرصاص والسيانيد والزرنيخ والكاديوم، بالإضافة إلى مواد مشعة تعادل تعريض الصدر لمئات من الأشعة السينية.
ومن المهم معرفة حقيقة أن التدخين يسبب ضرراً بالآخرين أكثر مما يتم إحصاؤه، فكثيراً ما يرتاح المدخنون لحقيقة أنهم لم يصابوا بأي مرض من قائمة الأمراض التي تزيد عن عشرين مرضاً والتي يسببها التدخين، غير مدركين لعدد الأشخاص الذين أصيبوا أو الربو أو أمراض القلب أو السرطانات المختلفة نتيجة ، ولكون هؤلاء الحالات المرضية ليسوا مدخنين فلا يتم وضع التدخين سبباً فيما حدث لهم، بينما يكون السبب الحقيقي هو تعرضهم للتدخين السلبي من المدخنين حولهم في البيت والعمل والأماكن العامة، فالمدخنون يجعلون الأمراض أكثر حدوثاً إن لم يكن لأنفسهم فللكثيرين من حولهم.
وتبدأ رحلة الكثيرين مع التدخين في عمر مبكر عند الاستجابة لضغط الأقران وتجربة ، ولأن النيكوتين من أسرع المواد تسبباً في الإدمان؛ فسيجارتان إلى أربع سجائر كافية ليصبح الشخص مدمناً للنكوتين، ولذلك أيضاً فإن تدخين سيجارة واحدة للمقلعين عن التدخين يمكن أن يتسبب في إعادتهم للإدمان وهدم كل المجهود الذي قاموا به.
فهم عادة التدخين خطوة مهمة في طريق الإقلاع
و رغم الحاجة الملحة للتدخين فإن مادة النيكوتين ليست قوية التأثير، ويمكن للمدخنين الاستغناء عنها لفترات إذا ما دعت الحاجة، كما في الصيام، والرحلات الجوية الطويلة التي قد تصل إلى 18 ساعة، وأثناء المحاضرات الدراسية واجتماعات العمل وغيرها، مما يدل على أن جزءاً كبيراً من الأمر هو نفسي المنشأ، وليس من تأثير النيكوتين الجسدي.
ويشمل التدخين عدة جوانب اجتماعية ونفسية وسلوكية، ويعتبر عادة مرتبطة بالعديد من المعتقدات، ويثيرها العديد من المحفزات، لذلك فإن عملية تغييرها ينبغي أن تتمكن من التعامل مع جميع هذه الجوانب لضمان عدم العودة، فالمحاولات الفاشلة تتسبب في زيادة إحساس المدخنين بأن التدخين إدمان لا يمكن التخلص منهم، وتقل مع الوقت محاولاتهم للإقلاع عن التدخين.
ومن المهم معرفة دور العقل اللاواعي في الإدمان، فالعقل الواعي يعرف مضار التدخين ويرغب في الإقلاع عنه بسببها، ويدرك بالحواس المذاق السيئ وضيق التنفس اللذين يشعر بهما مع التدخين، أما العقل اللاواعي فيقوم بدور معاكس تماماً تبعاً لما تكونت لديه من معتقدات عن أن التدخين يساعد على السعادة والاسترخاء والتركيز، و لقيامه بتعميم حالات خاصة والقيام بمقارنات خاطئة، فيبني استمراره في التدخين مثلاً على أساس معرفته بالعديد من الأشخاص الذين عاشوا حياة مديدة وبصحة جيدة رغم أنهم من المدخنين، وإصابة أشخاص غير مدخنين بأمراض متعددة، ويستخف بحقيقة أن التدخين يؤدي إلى الوفاة ما دام الجميع في نهاية الأمر سيموتون!
ويشبه العقل اللاواعي بالطفل لرغبته في تنفيذ ما يريد بناء على الفائدة القريبة، دون النظر بعيد المدى للعواقب، لذلك تحتاج عملية الإقلاع عن التدخين للتنسيق بين جميع الأطراف حتى لا يحدث تعارض مصالح يفوز فيه العقل اللاواعي غالباً، ولذلك تستهدف الإعلانات التجارية العقل اللاواعي بترغيبه في المتع والفوائد العاجلة دون توضيح المساوئ والمضار.
وقد ساعدت هذه الإعلانات التجارية والأفلام والمسلسلات في الربط بين التدخين والسعادة والرومانسية والهدوء وغيرها، فأبطال الأفلام والشخصيات المشهورة تظهر وهي تدخن السجائر في مواقف متعددة، فيربط العقل اللاواعي بين التدخين والعديد من الأمور التي لا ترتبط به حقيقة.
انسحاب النيكوتين من الجسم
ما لا يعرفه الكثير من المدخنين أن أعراض انسحاب النيكوتين من الجسم لا تستمر أكثر من ثلاثة أسابيع، أي أن معاناة شهر واحد يمكنها أن تغير حياتهم إلى الأبد، ولم تجد الإحصائيات ارتباطاً بين الطرق المستخدمة في الإقلاع عن التدخين، ونجاح الإقلاع عن التدخين واستمراره، فأياً كانت الطريقة التي تم اتباعها كانت معتقدات المدخنين ومعلوماتهم الصحيحة وراء نجاحهم في الإقلاع عن التدخين، فقد تم تلخيص الفروق الذهنية بين من نجحوا في الإقلاع عن التدخين ومن لم ينجحوا، أن من نجحوا في ذلك لم يكونوا راضين عن كونهم مدخنين ولم يدخلوا في مرحلة التكيف أو اليأس، وكانت السعادة بالنسبة لهم أن يصبحوا أشخاصاً غير مدخنين لذلك استطاعوا تحمل فترة الانسحاب شديدة الصعوبة، مع بذلهم لجهد كبير في إزالة العوائق التي كانت السبب في عودة آخرين للتدخين، سواء كانت عوائق نفسية أو جسدية أو اجتماعية، وكان تحقيق ذلك يتم بصورة كبيرة بواسطة اللجوء للدعم النفسي المتخصص.
ولعل أوضح تأكيد على أن كل مدخن يرغب في أعماقه لو استطاع الإقلاع عن التدخين، منع الآباء أبنائهم من التدخين منعاً قاطعاً، لأنه ابتلاء لا يرغبون في أن يصاب أحبابهم به.