خصائص الحضارة الإسلامية
تميَّزت الحضارة الإسلامية منذ نشأتها بتقدُّمها في شتى مجالات العلوم؛ بطبيعة الحال خرج على قومٍ هم أهل البلاغة والفصاحة، وضمَّ الإسلام تحت لوائه شعوبًا عديدة، ولكلِّ شعب خصائص أُضيفت إلى الإسلام؛ فأسهمت جميع الخصائص في تكوين الحضارة الإسلامية، تلك الحضارة التي أمدَّت العالم لقرونٍ عديدة بأمهات الكتب في مختلف العلوم، فكانت ولا تزال مؤلفات أشهر علماء المسلمين مرجعًا في الكثير من الجامعات العالمية.
أشهر علماء المسلمين
قامت الحضارة الإسلامية على أسس قوية دعمها العلم وما قدمه العلماء المسلمون؛ فنجد أن الكثير من هم الأساس لعددٍ كبير من العلوم، كما أن أكثر ما تميز به أشهر هو اهتمامهم بأكثر من علم؛ فاشتُهِر عن العلماء المسلمين كونهم علماء موسوعيين، أي لديهم مؤلفات ودراسات في أكثر من علم، وإليكم قائمة بعددٍ من العلماء المسلمين الذين كان لهم الفضل في إمداد العالم بمؤلفاتٍ ونظريات غير مسبوقة، بترتيبٍ من الأقدم إلى الأحدث:
جابر بن حيان
وُلِد العالم الجليل جابر بن حيان سنة 101 أو 117 هـ، فهناك خلاف بشأن تاريخ مولده ومكانه، فيُقال إنه وُلِد بسوريا، ويُقال بإحدى مدن خراسان. وهو من العلماء الموسوعيين الذين كثر تواجدهم في العصور الإسلامية الأولى؛ فقد كان عالمًا في الطب والصيدلة والهندسة والفلك والكيمياء، وأيضًا والمنطق. وقد قدم الكثير من المؤلفات التي اشتملت على نظرياته في مختلف المجالات، وقد تُرجِمت مؤلفاته إلى لغاتٍ عديدة.
ورغم براعة ابن حيان في العلوم السابقة، إلا أن لقبه الأشهر هو “أبو الكيمياء”؛ وسبب هذا اللقب كونه أول عالم يستخدم النظريات الكيميائية بشكلٍ عمليّ، فهو من أدخل المنهج التجريبي إلى دراسة الكيمياء، وكان أول من أوصى بالتجربة للتأكد من النظريات الكيميائية.
الخوارزمي
هو محمد بن موسى الخوارزمي. وُلِد على الراجح من الأقوال سنة 164 هـ بمدينة خوارزم في إقليم خراسان، وتُوفِّي سنة 232 هـ.
تركزت إسهامات الخوارزمي على مجالات الرياضيات والجغرافيا والفلك، وقد شارك مع 70 عالمًا في رسم صورة الأرض، التي صحَّح فيها الكثير من البيانات والإحداثيات التي جاءت في جغرافية بطليموس، وله الكثير من المؤلفات في علم الجبر وحساب المثلثات، كما جدَّد من أساليب حلِّ المعادلات الخطية، وتُرجِمت مؤلفاته إلى الغة اللاتينية، وكانت مؤلفاته من المراجع المعتمد عليها في علم الجبر، ومن أشهر مؤلفاته (الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة).
الكندي
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي المولود عام 185 هـ والمُتوفَّي عام 256 هـ.
برع في الكثير من العلوم فاستحق أن يكون من ، فقد كتب في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك والطب، إلى جانب إسهاماته في علم النفس والموسيقى، وله الكثير من المؤلفات في تعريف المسلمين والعرب، كما ترجم الكثير من المؤلفات اللاتينية في الفلسفة اليونانية القديمة، وله الكثير من الإضافات إلى علم الرياضيات أيضًا؛ فقد أدخل الأرقام الهندية إلى العالم الإسلامي، وكان له الكثير من الشروحات في تحليل الشفرات.
أبو بكر الرازي
هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الذي وُلِد عام 250 هـ، وتُوفِّي عام 311 هـ، والقول الراجح إنه وُلِد بمدينة “الري” القريبة من مدينة طهران.
كان الرازي من أشهر علماء المسلمين الذين عاشوا في العصر الذهبي للعلوم؛ إذ درس الكثير من العلوم أبرزها الطب والصيدلة والكيمياء والفلك والرياضيات، إلى جانب الفلسفة والأدب والمنطق.
من أبرز المجالات التي قدم فيها الرازي مؤلفاتٍ مهمة تُرجِمت إلى الكثير من اللغات: مجال الطب، الذي ألف في الكثير من أقسامه مؤلفات عديدة، وكان كتاب (الحاوي في الطب) أشهر تلك المؤلفات؛ كما ألف (تاريخ الطب) و(الأدوية المفردة)، وكانت مؤلفاته مرجعًا طبيًّا لما يقرب من نصف قرن.
ومن أبرز إسهامات الرازي في الطب ابتكاره الخيوط الجراحية والمراهم.
الفارابي
هو أبو نصر محمد الفارابي، الذي وُلِد في إقليم تركستان عام 260 هـ؛ وتُوفِّي عام 339 هـ.
درس في بداية حياته بمسقط رأسه الكثير من العلوم كالرياضيات والعلوم، كما درس الفلسفة والآداب واللغات، وبعد وصوله إلى عمر الخمسين استكمل دراسته في العراق؛ فدرَس الطب والمنطق والفلسفة، كما درس الموسيقى وألَّف فيها (الكتاب الموسيقي الكبير).
وللفارابي مؤلفات كثيرة في جميع المجالات التي درسها، ولكن لم تصل من مؤلفاته إلا أربعون رسالة، منها ما هو باللغة العربية ومنها ما هو بالعبرية واللاتينية.
ابن الهيثم
هو أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، من أشهر علماء المسلمين الموسوعيين.
وُلِد ابن الهيثم سنة 354 هـ، وتُوفِّي سنة 430 هـ.
اتبع العالم المسلم في دراسته المنهج العلمي، وبرع في الكثير من العلوم على هذا المنهج؛ فبرع في والهندسة والفلك والفيزياء والبصريات وطب العيون، بالإضافة إلى الفلسفة العلمية، كما أن له الكثير من المؤلفات التي يُرجَع إليها حتى اليوم.
لابن الهيثم الفضل في وضع نظرية الضوء بالنسبة إلى العين، وكان أول من وضع مبادئ التصوير الفوتوغرافي، كما أنه مؤسس علم المناظر، وأول من تمكَّن من تشريح العين وحدَّد وظائف كل جزءٍ منها، وإليه يرجع أيضًا استخدام المرايا المقعرة والكروية، وله الكثير من النظريات في هذا المجال.
البيروني
هو أبو الريان أحمد بن أحمد البيروني. وُلِد سنة 362 هـ، وتُوفِّي سنة 440 هـ.
كان البيروني من أعظم العقول التي عرفتها العصور الإسلامية الأولى؛ فقد برع في علوم عديدة، كالرياضيات والفلك والجيولوجيا والجغرافيا والفلسفة والتاريخ والصيدلة، كما كان متقنًا للكثير من اللغات، وإليه ترجع نظرية دوران الأرض حول محورها، وله الكثير من المؤلفات التي تناول فيها توضيح نظرياته ونقل ترجماته في مختلف المجالات.
ابن سينا
هو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا. وُلِد في بخارى عام 370 هـ، وتُوفِّي عام 427 هـ في همدان.
برع في الكثير من العلوم، وأهمها الطب والفلسفة، ولكثرة إسهاماته في مجال الطب أُطلِق عليه الكثير من الألقاب مثل: “أبو الطب الحديث” و”أمير الأطباء”. وكانت له مؤلفات في الطب بلغ عددها 200 كتاب.
ظلَّت كتبه ومؤلفاته مرجعًا للجامعات الأوروبية حتى القرن السابع عشر الميلادي، ومن أشهر مؤلفاته كتاب (القانون في الطب)، كما أن له الكثير من المؤلفات حول تأثير المعالجة النفسية على الاستشفاء.
بخلاف العلماء المذكورين، هناك الكثير من العلماء المسلمين الذين قدموا للعلم ما أفادوا به العالم في شتى المجالات؛ فثمة مئات العلماء الذين كانت مؤلفاتهم مداخلًا للعلوم، وكانت نظرياتهم مؤسسةً لمعارف جديدة.