هي علم التفكير والتأمُّل والبحث في الأشياء وجوانب الحياة المختلفة، وقد كان الفلاسفة الإغريق أول من أسَّس للفلسفة الغربية وعلومها ونظرياتها. ومن أعظم هؤلاء الفلاسفة وأشهرهم ، ومن بعده أفلاطون، ثم أرسطو، الذين شكَّلت أفكارهم ومدارسهم جزءًا كبيرًا من الغربية ونظرياتها.
سقراط .. المعلم الأكبر
يُعدُّ الفيلسوف اليوناني سقراط، الذي عاش في الفترة بين (469 ق.م حتى 399 ق.م)، أحد مؤسسي الفلسفة الغربية. وعلى الرغم من شهرته الواسعة في عالم الفلسفة، لم يترك سقراط أيَّ كتاباتٍ أو مؤلفات، بل انتقلت إلينا أفكاره الفلسفية عن طريق تلامذته، ومن أشهرهم أفلاطون.
ذكر أفلاطون في حواراته، التي عدَّها النقاد من أكثر المواد شمولية حول شخصية سقراط، أنَّ سقراط كان مهتمًّا بالأخلاق في منهجه وفلسفته، وقد عدَّ النقاشات جزءًا من علم التربية، كما أكد على ضرورة سعي الرجال نحو الذكاء.
وقد اشتهر سقراط بأنه من أكثر الرجال حكمةً في العالم القديم؛ فقد كان ساعيًا نحو الحقيقة، وامتازت أفكاره بالأصالة والإبداع، إذ درس الفنَّ واهتم به قبل تحوُّله إلى الفلسفة.
فلسفة سقراط في الحياة
تناقل تلاميذ سقراط من فلسفته في الحياة، التي ترى أنه على الإنسان التطلُّع نحو الحكمة والمعرفة بدلًا من سعيه الدائم نحو الشهوات الدنيوية، كالطعام والجاه والملابس. واعتمد سقراط أيضًا على البحث عن الحكمة في السلوكيات المختلفة، فهي -في رأيه- ما يساعد الإنسان على تعزيز أفكاره وتقويم أخلاقه.
ظهرت فلسفة سقراط، الذي يُعدُّ من أعظم فلاسفة الإغريق، عند موته، فقد اتهمه أعداؤه بالكفر بسبب أفكاره، فحُكِم عليه بالإعدام قتلًا بالسم، إلا أنَّ أحد تلاميذه عرض عليه مساعدته في الهروب، ولكنه رفض، وآثر الموتَ على مخالفة القوانين، وكان يُلقي مواعظه الفلسفية على من حوله وهو يتناول كأس السم.
أفلاطون .. ومدينته الفاضلة
هو أريستوكليس بن أريستون، الفيلسوف اليوناني صاحب المدينة الفاضلة، أحد أعظم فلاسفة الإغريق و. لُقِّب بأفلاطون نظرًا إلى اتساع جبهته وعِظَم جسمه، وقد تتلمذ على يدَي سقراط وتأثر بأفكاره.
وُلِد أفلاطون في أثينا، وعاش حياته في الفترة بين (427 حتى 347 ق.م)، وكان له عدد من الإنجازات التي خلدت اسمه، فهو مؤسِّس أكاديمية أثينا، أول معهد للتعليم العالي في الغرب، كما كان له عدد من الحوارات في مجال الفلسفة، تُخاطب العقل والوجدان، بالإضافة إلى الأفكار الفلسفية التي امتدَّت إلى علوم الرياضيات واللغة والأخلاق والسياسة.
فلسفة أفلاطون ونظرياته
من أشهر نظريات أفلاطون في الفلسفة (نظرية الكهف)، التي يُؤمن فيها بأنَّ ما نراه وما اعتدنا أن نراه حولنا قد لا يكون الواقع أو الحقيقة، بل هو مجرد ظلالٍ خادعة، ولذا، فالحواس بالنسبة إليه تخدعنا ولا يمكن الاعتماد عليه.
ومن أفكاره التي اشتهر بها أيضًا أنَّ الفضيلة وسعادة للمواطنين هما أساس الدولة، ولن يتحقَّقا إلا بالتربية.
وقد عاش أفلاطون في أثينا في فترةٍ هي من أزهى العصور تحضُّرًا وثقافة بعهد بيريكليس، تعرَّف فيها على سقراط وهو في العشرين من عمره، فأُعجب بفلسفته وتأثر بها، ولازمه لمدة ثمانِ سنوات.
أرسطو .. صاحب المعرفة
فيلسوف آخر من أشهر الفلاسفة الإغريق في أثينا، هو الفيلسوف الكبير أرسطو (384 ق.م إلى 322 ق.م) تلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر. عندما بلغ أرسطو عمر السابعة عشرة التحق بأكاديمية أفلاطون ودرس فيها، وبعدما أنهى دراسته درَّس للإسكندر الأكبر في مقدونيا.
ولكن عندما غزا الإسكندر أثينا رجع إليها مرةً أخرى وأنشأ أكاديميته الخاصة، وقضى بقية عمره في الأكاديمية يُدرِّس ويُعلِّم ويكتب، فخلف وراءه 200 كتاب، أغلبهم كان على شكل مُسوَّداتٍ وملاحظات، وبعضهم كان عبارةً عن حواراتٍ وتسجيلات، بالإضافة إلى بعض الأعمال المنهجية.
أفكار أرسطو وفلسفته
آمن أرسطو بأنَّ الإنسان يُمكنه اكتساب المعرفة من خلال التفاعل والاحتكاك بما حوله من أجسامٍ في الطبيعة، ولذلك درس علم الأحياء وعلوم الأرض، وأيضًا الأحوال الجوية والطقس.
أما في الفلسفة فقد اهتم أرسطو -من بين فلاسفة الإغريق- بالتحليل المنطقي، وهو المنهج الذي كان يراه وسيلة الإنسان لتعلُّم أي شيءٍ يُلاحظه حوله، عن طريق وصف كل الأشياء بناءً على خصائصها المرئية، ومن بعدها استخدام الاستنتاج للوصول إلى معلومةٍ ما بشأن هذا الشيء.
اهتم أرسطو أيضًا بالأخلاق والسلوكيات التي تسمح للإنسان بعيش حياةٍ جيدة عبر التخلي عن القوانين التي تُقيِّده.