مفهوم البطالة
البطالة كمفهوم يعني عدم قدرة الشخص على إيجاد فرصة للعمل بمجال تخصصه أو بمجالات أخرى يستطيع العمل بها، مع رغبته الكاملة في العمل، فالعاطل عن العمل هو شخص يرغب بالعمل ويبحث عنه ولكن بلا جدوى، لذا فإن أي شخص يمتنع عن العمل بإرادته الكاملة كالأطفال في المدرسة أو الشباب الذين يرغبون في إتمام الدراسة أو الأشخاص الأغنياء الذين لا حاجة لهم بالعمل أو المرضى أو المتقاعدين أو المسنين جميعهم لا ينطبق عليهم مفهوم البطالة ولا يعتبرون عاطلين عن العمل، لأنهم يستطيعون إيجاد عمل ولكن لا يرغبون فيه أو لا يقدرون عليه لأسباب صحية أو معرفية. وقد أصبحت البطالة ظاهرة متفشية وغير صحية في جميع دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، وذلك لآثارها السلبية التي تتركها على الجوانب الإقتصادية والأخلاقية والإجتماعية، كما أن البطالة أصبحت في تزايد مستمر، حيث أظهرت منظمة العمل الدولية قفزات كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل حول العالم، إذ بلغ عدد العاطلين نحو أكثر من 200 مليون شخص من الذكور والإناث في مختلف الدول عام 2017، وهي أرقام تتزايد يوميًا لأسباب كثيرة ومعيقات كبيرة، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن أبرز أسباب البطالة، وأهم أضرار البطالة، وسبل الحد من زيادة البطالة حول العالم.
أسباب البطالة
يمكن تلخيص أهم أسباب البطالة حول العالم بمجموعة من العوامل المؤثرة على ذلك منها:
- ازدياد انتقال الأشخاص من الضواحي والأرياف إلى المدينة أو إلى العاصمة، الأمر الذي يؤدي إلى تكدس أعداد القوى العاملة في مكان واحد وزيادة الضغط على الوظائف المتوفرة مما يسبب ظهور البطالة، وذلك لأن أعداد القوى العاملة في المدن فاقت أعداد الوظائف المتاحة بكثير.
- المبالغة في المتطلبات والشروط التي تفرضها الشركات عند تقديم طلبات العمل، وعدم توفر المؤهلات العلمية والخبرات الكافية تبعًا لمتطلبات الشركة وحاجاتها.
- عدم تأهيل الشباب للإنخراط في سوق العمل، وعدم تعليمهم أو إعطائهم دورات تدريبية بعد التخرج تمهيدًا لقبولهم من قبل الشركات المعلنة عن الوظائف.
- وجود فارق نسبي بين أعداد الخريجين من الجامعات أو المؤهلين للعمل وبين عدد الوظائف المتوفرة.
- معاناة الدولة من مشاكل اقتصادية كبيرة تحول دون تمكينها من توفير فرص عمل للقوى العاملة.
- الإنفجار السكاني والذي يعني ازدياد أعداد المواليد والنمو العددي الكبير في أعداد السكان في معظم دول العالم وهذا بالتالي يؤثر على نسبة البطالة حيث يصبح هناك أعداد هائلة من السكان مقابل ثبات في الوظائف المطلوبة.
- إقبال معظم الخريجين على الوظائف الحكومية رغم انخفاض أجورها مقابل القطاعات الخاصة التي تدفع في الغالب رواتب عالية مقارنة بالقطاع الحكومي، إلا أن الغالبية تفضل القطاع الحكومي لمركزها الإجتماعي ونفوذ مناصبها وقصر ساعات الدوام وضمان الوظيفة لفترة أطول مقارنة بالعمل الخاص الذي يتعرض فيه الموظف أحيانًا لإنهاء الخدمات القصري لأتفه الأسباب، مما يجعل القوى العاملة تنبذ معظم الوظائف في القطاع الخاص، الأمر الذي يزيد من معدل البطالة في القطاعات الحكومية ويجعل فيها الكثير من القوى العاملة الزائدة عن الحاجة.
- عدم الربط بين مخرجات التعليم وحاجة السوق، وذلك لوجود خلل واضح في اختيار التخصصات المطلوبة في السوق والتركيز على تخصصات تقليدية اكتفت الدولة منها.
- استبدال الماكينات والأجهزة المبرمجة والآلات الحديثة مكان القوى العاملة، الأمر الذي أدى إلى الإستغناء عن عدد كبير من القوى العاملة، أو خفض أجورهم بشكلٍ كبير.
أضرار البطالة
تتسبب البطالة حول العالم بالعديد من المشكلات الإقتصادية والتأثيرات السلبية على المجتمع ومن أهمم هذه الأضرار ما يلي:
- زيادة عدد المواطنين الفاسدين في المجتمع وذلك بسبب عدم توفير فرص عمل لهم الأمر الذي يزيد من معدل الجرائم في المجتمع، كالنهب والسرقة والقتل، وذلك لاحتياج القوى العاملة إلى المال للوفاء بالتزاماتهم خاصة إذا كان العاطل عن العمل معيل لأسرته، لذا فإن الفقر الناتج عن البطالة يولد العنف المجتمعي وعدم الأنضباط.
- تراجع المستوى الإقتصادي في الدول التي تزيد فيها معدلات البطالة وذلك لانخفاض معدلات الإنتاج وزيادة معدلات الإستهلاك بشكل كبير.
- تعرّض القوى العاملة وخاصة فئة الشباب إلى الضياع والإنحراف ودخول عالم المخدرات والإدمان في كثير من دول العالم وذلك بسبب الفراغ والفقر الذي تخلفه البطالة في المجتمع.
- حدوث الكثير من المشاكل النفسية عند الشباب العاطلين عن العمل كالإكتئاب والقلق والتوتر الدائم والإحباط المستمر وانعدام الأمل، وفقدان الثقة بالنفس الناتج عن عدم قدرة الشاب العاطل على إثبات نفسه وعدم شعوره بالإنتاجية.
طرق للتخفيف من البطالة
- تشجيع الشباب على الإلتحاق بالدورات التدريبية وتعلم اللغات المختلفة لزيادة فرصهم في الحصول على الوظائف المطلوبة.
- توزيع فرص العمل بين المدن والأرياف حتى تقل أعداد المهاجرين من الريف إلى المدينة لغاية الحصول على الوظيفة، بالإضافة إلى توعية الأفراد إلى تقليل معدلات الإنجاب للحفاظ على توازن جيد بين عدد السكان وعدد الوظائف المتاحة.
- الإستغناء عن العمالة الوافدة وتشغيل العمالة المحلية بدلًا منها للحد من بطالة الشباب في المجتمع.
- تشجيع الإستثمار المحلي والخارجي داخل الدولة وحث المستثمرين على إنشاء مشاريع كبرة توفر فرص عمل لعدد كبير من العاطلين مع تخفيض الضرائب وتقليل الشروط والقيود المفروضة عليهم.
- التعاون مع القطاع الخاص وتحسين بيئة العمل وشروط العقود بحيث تضمن للعامل حقه وراتبه تمامًا كالقطاع الخاص، بالإضافة إلى تخفيض الرواتب العالية في بعض الشرطات الخاصة لقلة من الموظفين وتعيين موظفين جدد يتقاسمون معهم هذه الرواتب.
- الإبتعاد عن التلقين في التعليم، وإدخال مناهج تدريبية لتأهيل الطلاب للدخول إلى سوق العمل بمهارات عملية جيدة تؤهله إلى تولي الوظيفة عن كفاءة واقتدار.
- تجنب تعيين الموظفين على أساس الواسطة وذلك لأن الواسطة تسبب تكدس الموظفين غير الأكفياء في القطاعات الحكومية وتحرم المتفوقين والمبدعين من فرص العمل المناسبة مما يحد من الإنتاج ويزيد من العبء على المنشأة.