تعريف الخواص الفيزيائية للمواد
تُعرَف الخواص الفيزيائية بأنها الثوابت الكميَّة الناتجة من قياس القياسيَّة المميِّزة للمادة (كالكثافة والتوصيل الكهربي) في لحظة زمنية محددة، تحت ضغطٍ معين ودرجة حرارة معينة.
يُفهَم من ذلك أن الخواص الفيزيائية للمواد المختلفة ليست متماثلة القياس؛ على سبيل المثال، يختلف ناتج قياس كثافة مادة الزئبق عن ناتج قياس كثافة الماء. يُفهَم أيضًا أن الخواص الفيزيائية للمادة الواحدة غير متماثلة القياس إلا عند ظروف محددة؛ فكثافة الماء، مثلًا، تتغيَّر بتغيُّر درجة حرارة الماء.
يُعدُّ حصر عدد الخواص الفيزيائية بشكلٍ دقيق أمرًا غير هيِّن، وذلك لأنَّ خواص المواد تندرج تحت فروع فيزيائية متمايزة، تستمر بدورها في اكتشاف خواص فيزيائية جديدة. مع ذلك، يُشار في العادة إلى الخواص الفيزيائية باعتبارها الخواص المعروفة في الميكانيكا الكلاسيكية، على سبيل المثال لا الحصر: نقطة الغليان، الكثافة، الحجم، التوصيل والعزل الكهربي، الفيض المغناطيسي، الحرارة النوعية، المحتوى الحراري، التوصيل الحراري، التمدُّد.
يمكن تقسيم هذه الخواص بناءً على تغيُّر ناتج قياسها عند تغيير مقدار العينة المأخوذة من المادة؛ فبعض الخواص تظلُّ لها النسبة أو ناتج القياس نفسه بغضِّ النظر عن مقدار العيِّنة المأخوذة من المادة، مثل الكثافة والحرارة النوعية، وبالعكس، يتغيَّر ناتج قياس إحدى الخواص عند تغيير كميَّة المادة، بحيث يتناسب طرديًّا مع مقدار التغيُّر؛ كالحجم والمحتوى الحراري.
من جهة أخرى، تتقارب نسبيًّا نواتج قياس بعض الخواص الفيزيائية بين مجموعات مُعرَّفة من المواد؛ فمثلًا تشترك المعادن في قدرتها على التوصيل الكهربي وانخفاض قدرتها على العزل الكهربي مقارنةً بمعظم المواد الأخرى. وأيضًا، تشترك السوائل في تناسب حجمها مع درجة حرارتها بعلاقةٍ طردية (باستثناء الماء الذي يزداد حجمه عند انخفاض درجة حرارته إلى درجات محدَّدة، في ظاهرة تُعرَف باسم شذوذ الماء)، كما تشترك أيضًا بوجود خاصية التوتر السطحي والخاصية الشعرية لديها.
بعض الخواص الفيزيائية للمواد
عُرِّفت المادة في بأنها كل جسم له كتلة قابلة للقياس وحجم محدَّد. ومن ثمَّ، يمكن التمييز بين المواد المختلفة من خلال معرفة خصائصها الأساسية، فضلًا عن معرفة عدد البروتونات في ذرة المادة. وبالرغم من أن هذا التعريف لا يُعدًّ تعريفًا دقيقًا بالنسبة إلى علماء الفيزياء في العصر الحديث، خصوصًا بعد تقدم علم الفيزياء واكتشاف النظرية النسبية الخاصة بواسطة الفيزيائي الألماني المولد ، والتي تؤدي إلى إلغاء التمييز الجوهري بين المادة والطاقة، بحيث أصبحت المادة والطاقة تعبِّران عن وجهي عملة واحدة؛ أي يمكن تحويل إحداهما إلى الأخرى، إلا أن خصائص المادة الأساسية ظلَّت ذات أهمية كبيرة في التعريف بمادةٍ ما.
بعض هذه الخواص الفيزيائية الأساسية هي:
الكثافة
تحتل الكثافة مكانةً مهمة بين الخواص الفيزيائية، وذلك لما تتمتع به من إمكانية قياس على مختلف حالات المادة (الصلبة، السائلة، الغازية، البلازما) من جهة، ولكونها تُعبِّر عن النسبة بين كتلة المادة وحجمها من جهة أخرى؛ إذ إن الكتلة والحجم -كما ذُكِر آنفًا- هما الكميتان الفيزيائيتان المستخدمتان لتعريف المادة في الفيزياء الكلاسيكية.
تُعبِّر الكتلة عن مقدار المادة الذي يحتويه جسم ما، ويُعبِّر الحجم عن مقدار الحيز الذي يشغله الجسم في الفضاء ثلاثي الأبعاد. من خلال معرفة أن كل مادة لها كتلة محددة عند حجم يساوي واحد سنتيمتر مكعَّب، يمكن استنتاج أن كل مادة لها كثافة محددة تُقاس بوحدة جرام لكلِّ واحد سنتيمتر مكعَّب، أي إن المواد المختلفة لها كثافات متمايزة، وذلك بالرغم من تقارب كثافات الكثير من المواد. أيضًا، تغيير حجم المادة الواحدة يُوجِب تغيير كتلة المادة نفسها، وهو ما يعني أن كثافة المادة الواحدة لها مقدار ثابت بغضِّ النظر عن حجم تلك المادة أو كتلتها.
من ناحية أخرى، تتأثر كثافة المواد بعاملي الضغط والحرارة؛ إذ تزداد كثافة المادة عند تعرُّضها إلى ضغطٍ أعلى (علاقة طردية)، وتنخفض، غالبًا، بزيادة درجة الحرارة (علاقة عكسية). وأيضًا تكون المواد الصلبة في معظم الأحيان ذات كثافةٍ أعلى من المواد السائلة والغازية، وبالمثل، تكون المواد الغازية ذات كثافةٍ أدنى من المواد السائلة، وينطبق ذلك أيضًا على المادة الواحدة في حالاتها المختلفة.
الحرارة النوعية
تُعرَّف الحرارة النوعية لمادةٍ ما بأنها كمية الطاقة الحرارية اللازمة لزيادة درجة حرارة غرام واحد من تلك المادة درجةً مئوية واحدة. تُقاس الحرارة النوعية للمادة بوحدة الجول لكلِّ كيلوجرام مضروبًا في نظام القياس الحراري (سيليسيوس، أو كلفن، أو فهرنهايت).
تُعدُّ الحرارة النوعية إحدى الخواص الفيزيائية الرئيسية في التعريف بالمواد، وذلك لكونها تُعبِّر عن قدرة المواد المختلفة على توصيل الحرارة، ومن ثمَّ على الشكل أو النظام البلوري للمواد. إذ إن المواد ذات الشكل البلوري المنتظم والمتراص يمكنها توصيل الحرارة بشكلٍ أفضل من المواد ذات الشكل البلوري غير المنتظم.
وفقًا لذلك، تكون للمواد ذات الحرارة النوعية المرتفعة قدرة متدنية على التوصيل الحراري مقارنةً بالمواد ذات الحرارة النوعية المنخفضة. وبالمثل، ارتفاع مقدار الحرارة النوعية لمادةٍ ما، يعني أن لها شكلًا بلوريًّا أقل انتظامًا من مادةٍ أخرى ذات حرارةٍ نوعية منخفضة. وبسبب ذلك، تُعدُّ المواد الصلبة عمومًا، أو المعادن خصوصًا، ذات قدرةٍ أعلى من السوائل على التوصيل الحراري، لسهولة اهتزاز الروابط بين المنتظمة بلوريًّا، ومن ثمَّ سهولة انتقال الحرارة.
الموصلية الكهربائية
كما هي الحال مع خاصيتي الكثافة والحرارة النوعية، تُعدُّ الموصلية الكهربائية من الخواص الفيزيائية الرئيسية للمواد.
وتُعرَف بكونها الخاصية التي تُحدَّد من خلالها قدرة المواد المختلفة على توصيل التيار الكهربائي أو تمريره خلال قطعة من المادة، فتكون المواد ذات الموصلية الكهربائية المرتفعة ذات قدرةٍ أعلى على تمرير خلال قطعة مادة محددة من المواد منخفضة الموصلية الكهربائية.
تتأثر الموصلية الكهربائية للمواد بتغيُّر درجة الحرارة بمجموعةٍ مختلفة من العلاقات؛ فبعض المواد تزداد قدرتها التوصيلية عند رفع درجة حرارتها أو وصولها إلى حالة البلازما، وبالعكس، تزداد الموصلية الكهربائية لدى بعض المواد، مثل المعادن، عند خفض درجة حرارتها، وذلك بسبب تناسب المقاومة الكهربائية للمعادن طرديًّا مع درجة الحرارة. خلافًا لذلك، ترتفع القدرة على تمرير التيار الكهربائي لدى بعض المواد عند خفض درجة حرارتها لدرجة حرارةٍ قريبة من الصفر المطلق (صفر كلفن)؛ في ظاهرةٍ تُعرَف باسم الموصلية الفائقة.