صحراء الربع الخالي
هي أكبر صحراء رملية متّصلة في العالم. تشغلُ الربع الخالي معظم الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، وتُغطّي مساحةً تبلغُ حوالي 650,000 كيلومتر مربع، أي ما يزيدُ عن مساحة دولتي العراق وتونس مجتمعتَيْن. وتمتدُّ الصحراء على أراضي المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن وسلطنة عُمَان والإمارات العربية المتّحدة. وتُصنَّفُ جزءاً من الصحراء العربية هائلة الاتساع، التي تُغطّي معظم أرجاء جزيرة العرب.
ازدادُ التصحُّر في الربع الخالي على مدارِ آخر ألف عام. فقد كانت قوافل الجمال المُحمَّلة باللبان تشقُّ طريقها عبرَ هذه الصحراء حتى نحو عام 300 بعد الميلاد، ولكن طرق تلكَ القوافل تحوَّلت الآن إلى امتداداتٍ هائلةٍ من الصحراء المُقْفِرَة والكثبان الرملية مستحيلة الاجتياز بحيثُ أن عبورها أمسى ضرباً من المستحيلات، حيثُ أن صور الأقمار الصناعية الحديثة تكشفُ عن مساراتٍ لقوافل الجمال لا يمكنُ رؤيتها على الأرض حالياً.
الجغرافيا
تعتبرُ الربع الخالي أكبر مساحةً متّصلة من الرمال على وجهِ الأرض، حيث أن عرضها يبلغُ 500 كيلومترٍ وطولها 1,000 كيلومتر، وهي تُغطّي أكثر من ربع مساحة . ولصحراء الربع الخالي طوبوغرافية متغايرة، إذ يتراوحُ ارتفاعها من نحو 800 متر في المرتفعات الواقعة إلى الجنوب الغربي ونزولاً إلى مستوى سطح البحر في الشمال الشرقي. وتتألَّفُ الصحراء في أغلبها من كثبانٍ رملية عملاقة قد يصلُ ارتفاعها إلى مائتين وخمسين متراً، كما تحتوي على سبخات (مُسطَّحات ملحيَّة) ومُسطَّحاتٍ رملية مُمْتَدَّة.
والربع الخالي هي واحدةٌ من أكثر أقاليم الأرضِ جفافاً، فهي مهجورة من السُكَّان تقريباً ومعظمها غير مستكشفة. إلا أنَّ ثمة احتياطيات ضخمة من النفط مُخزَّنة تحتَ رمال هذه الصحراء، فقد اكتشفت في عام 1948 حقول الأغوار (وهي أكبرُ حقل نفطي طبيعي في العالم) في شمال شرقي الصحراء، ومع امتدادها لمسافة 260 كيلومتر شمالاً وجنوباً، تحتوي الأغوار عشرات بلايين براميل النفط. كما يقعُ ضمن الصحراء حقلُ الشيبة قربَ وسلطنة عُمَان، والذي يُنْتِجُ يومياً ما يعادلُ مليون برميل من النفط، كما يحتوي احتياطياتٍ ضخمةً من الغاز الطبيعي.
البحيرات التاريخية
يمتلئُ وسطُ صحراء الربع الخالي بمساحاتٍ مُتصلِّبةٍ من كربونات الكالسيوم والجِصّ والطين والحجر الطيني، والتي كانت كُلّها مواقع لبحيرات ماءٍ ضحلةٍ فيما مضى. وقد وُجِدَت هذه بكثرةٍ في فترةٍ ما بين 6,000 إلى 5,000 سنةٍ خلت و3,000 إلى 2,000 سنةٍ خلت. ويعتقد أن السبب في تكوُّنها يرجعُ إلى هطول أمطارٍ كثيفة مقاربةٍ لما تأتي به الرياح الموسمية في الوقت الحاضر، ومن المُرجَّح أنها لم تبقَ موجودة إلا لسنواتٍ معدودة. وثمة بعضُ البحيرات في جنوب غربي الربع الخالي (في منطقة المُنْدَفِن بنجران) التي ظهرت دلائلُ على أنها دامت لما يصلُ لـ800 عام متواصلة، وذلك نتيجة نزول الماء المستمرّ نحوها من قمة جبل طُوَيْق.
وتظهر الدراسات أن بحيرات الربع الخالي التاريخية كانت موطناً لعددٍ كبير من أنواع الحيوانات والنباتات البرية. فقد اكتشفت أحافير ومستحاثات تظهرُ فيها العديدُ من أنواع الحيوانات الضخمة في هذه البحيرات، مثل فرس النهر وجاموس الماء والأُرْخُص (نوعٌ منقرضٌ من المواشي). كما كانت البحيرات موطناً للحلازين والصدفيات ومحار الماء العذب. ومن المُرجَّح أن النباتات والطحالب عاشت في المنطقة أيضاً. وقد عُثِرَ كذلك على أحجار صوان وأدواتٍ بشرية الصنع يعودُ عمرها إلى ما بَيْن 3,000 إلى 2,000 عامٍ حول هذه البحيرات، ولكن لم تكتشف أيُّ هياكل عظمية بشرية.
أم السَّميم
أمُّ السَّميم (من السُّمّ) هي سبخة ومنطقة تقعُ على الطرف الشرقي من صحراء الربع الخالي، حيثُ أن معظمها من ضمن حدود عُمَان. وتقعُ المنطقة على سفوح الجبال العُمَانية وبينها وبين أودية الربع الخالي، وتصبُّ فيها المياه في سهلٍ مُنْبسطٍ ومستوٍ ومغلقٍ ومُغطَّى بالكامل بالمِلْح. وأمُّ السميم، مثل باقي السبخات، هي أقربُ لمستنقعٍ ملحيّ في الصحراء، ولها سطحٌ أبيض اللون يبدو صُلْباً من بعيدٍ ولكنه قد يكونُ خادعاً جداً عند وضع الوزن عليه، إذ قد يتحوَّلُ إلى فخّ رملي. ولا تحتوي المنطقة نباتاتٍ تذكر. وقد كان المبعوث البريطاني ويلفريد ثيسيجر أوَّل أوروبي معروفٍ رأى أمَّ السَّميم، وذلك خلال رحلةٍ مشهورةٍ لهُ من صلالة العُمَانية عبر الرُّبع الخالي.
المناخ
تعتبرُ الربع الخالي منطقة قاحلة، أي أنها تشهدُ أقصى درجات الجّفاف والحرارة الممكنة. فمُتوسّط معدل هطول الأمطار سنوياً يعادلُ أقل من 35 ملليمتراً، وأما المتوسط اليومي للرطوبة النسبية فيعادلُ 52%. في الشتاء و15% في منتصف الصيف. وتتراوحُ درجة الحرارة المتوسطة في هذه الصحراء ما بين 47 درجة مئوية (في منتصف النهار صيفاً) إلى 12 درجة (في منتصف الليل شتاءً). وتصلُ الحرارة في ذروتها إلى 51 درجة مئوية، وأما في أدناها فإنَّ الصَّقيعَ ينتشرُ ليلاً في بعض الأوقات من العام.
الحياة البرية
رُغْم ظروف الحياة الصعبة والقاسية جداً في صحراء الربع الخالي ولكنها تضمُّ أشكالاً مختلفة من الحياة. تُصنَّف الربع الخالي بيئياً كجزءٍ من إقليم الصحراء العربية. وقد كانت هذه الصحراء في السابق موطناً للفهد الآسيوي، وهو حيوانٌ لاحم كبير الحجم انقرضَ من معظم شبه الجزيرة العربية (التي كان كثيرَ العدد فيها سابقاً) نتيجة الصيد المُكثَّف من الإنسان. وتتواجدُ فيها أشكالٌ مختلفة من النباتات الصحراوية القادرة على تحمُّلِ الجفاف الشديد. وتعيشُ فيها كذلك أنواعٌ عِدَّة من القوارض (مثل الجًرْبُوع) والعقارب والعناكب وغيرها من كائنات الصحراء.
السكان
تسكنُ صحراء الربع الخالي الآن عِدَّة قبائل من البدو العرب. تشغلُ قبيلة آل مُرَّة معظم امتداد الربع الخالي بين محافظتي الأحساء ونجران، بينما تعيشُ قبيلتا يام وهمدان في محافظة نجران السعودية وكذلك في شمال ، ويسكنُ بنو ياس في الجزء الإماراتي من الصحراء. وثمَّة بعض الطُّرُق التي تُوفّر اتصالاً بين القرى البدوية الصغيرة في صحراء الربع الخالي وبين مصادرِ مياه الشرب التي يعتمدونَ عليها، وكذلك تربطُ الطرق هذه القرى بحقول النفط الضخمة الواقعة في الصحراء.