الرقية الشرعية للمنزل

الرقية الشرعية

جعل الله -سبحانه وتعالى- لكل داءٍ دواء، وكل دواءٍ فيه الشفاء من الأمراض فهو بإذن الله، فالأمراض الجسدية مثلا؛ هناك علاجاتٌ كثيرة لها، سواء كانت تلك العلاجات من النباتات أو الأدوية المُصنَّعة أو غير ذلك، كما توجد الأمراض الروحانية، والتي يُقصد بها أن يُصاب الإنسان بالعين أو ، أو ، ومن رحمة الله تعالى أنه جعل في شفاءً لكل نوعٍ من هذه الأمراض، فآيات الله -تبارك وتعالى- شفاءٌ للأمراض الجسدية مع الأخذِ بالأسباب، وهي شفاءٌ للأمراضِ الروحانية، فقد قال الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)سورة الإسراء، آية رقم، 32. فتلاوة القرآن شفاءٌ ودواءٌ، وكما أن تُعدُ حصناً للمؤمن، فهي تحميه، وتقيه من الإصابة بمثل هذه الأمراض، وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن على أن يبدأ يومه بتلاوة القرآن وقراءة أذكار الصباح والمساء، ليكون في حفظِ الله وحرزه.

وتُعرف الرقية الشرعية بأنها السور، أو بعضٌ من الآياتِ، التي أخبرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضلها، والأدعيةِ التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في القرآن الكريم، والتي يقرأها المُسلم بقصد العلاج من الأمراض الجسدية، أو الأمراض الروحانية، أو ما يقرأه المُسلم ليحصنَ نفسه من الأمراضِ والوساوسِ وغيره، والرقية الشرعية تكون بأن يرقيَ الشخص نفسه، في حال احتاج لها وهو أفضل أنواع الرقية، أو بأن يرقيه غيره، أو أن تكون رقية شرعية للمنزل وسيأتي تفصيله، وهناك آياتٌ في كتاب الله تقرأ للشفاء، وآياتٌ للعلاج من العين، وللعلاج من السحر.

وحكمُ الرقية الشرعية، هو الجواز، على أن لا تُخالف شروط الرقية الشرعية الصحيحة، التي ستذكرُ لاحقاً، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اعرِضوا عليَّ رُقاكم لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن فيه شِركٌ)مسلم، صحيح مسلم، 2200. فدل حديثُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الرقية التي تخلو من ألفاظِ الشركِ هي رقيةٌ جائزةٌ، وقد أقرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضَ الرُّقى، ونهى عن بعضها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحرصُ على أن يُرقي نفسه بشكلٍ يومي، وتجدرُ الإشارة إلى ما انتشر في الوقت الحاضر ممن يدَّعون العلاج بالقرآن والرقية الشرعية، إلى التأكد من الرقية التي يقرؤونها جيداً قبل الذهاب إلى مثل هؤلاء، فربما يكونون ممن يتاجرون بكلام الله، ولا تطابق رقياهم الرقية الشرعية الصحيحة، أو أنهم يستعينون بغير الله -سبحانه وتعالى- ويجب العلم أن أفضل الرقية، هي أن يُرقي الإنسان نفسه.

قد يهمك هذا المقال:   ما هو الطلاق البائن

شروط الرقية الشرعية الصحيحة

ولِتكون الرقية الشرعية صحيحة لا بد من توافر الشروط التالية:

  1. أن لا يُذكر في الرقية الشرعية سوى كلام الله -عز وجل-: وأن لا تكون الاستعانة إلا بالله وبأسمائه وصفاته.
  2. أن تكون الرقية بألفاظ مُبينة وغير مبهمة، ويُفضل أن يستخدم الراقي السليمة إن أمكنه ذلك.
  3. الإيمان والقناعة واليقين من الراقي والمَرقي، بأن الله -سبحانه وتعالى- قادرٌ على الشفاء، وقادرٌ على أن يُغير الحال من المرض والإعياء، إلى الشفاءِ التام بإذنه، وأنه يتوجب عليه الأخذ بالأسباب للشفاء، والاستعانة بالله من خلال الرقية الشرعية.
  4. التوبة قبل البدء بالرقية، فإن مما يجب أن يتوفر في من أراد الرقية الشرعية، أن يكون تائباً لله -عز وجل- مبتعداً عن كل ما يُغضب الله تعالى، وأن يكون مُلتزماً بالعبادات والطاعات، وأن يكون مُتيقناً بقدرة الله، وبأن القرآن الكريم شفاءٌ من كل داء.
  5. الاستمرار والمُتابعة في قراءة الرقية الشرعية، وتكرارها إن استوجب الأمر، من دون يأسٍ أو ضعفٍ في العزيمة.

الرقية الشرعية للمنزل

لا شك أن تحصين المنزل، وقراءة الرقية الشرعية فيه هي من الأعمال التي تُشعر أهل المنزل بالراحةِ والأمان، وقراءة القرآن تعطي بركةً في المنزل، والرقيةُ الشرعية بالمنزل تكون بقراءةِ آيات الرقية الشرعية فيه، أو بقراءتها على الماء، وإراقته في أطرافِ المنزل، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ على الماء، ويريقه على المَرقي، فأجاز العلماء القراءة على الماء، ومن ثم إراقته في إطراف المنزل، والرقية الشرعية للمنزل تكون بقراءة ما يلي:

  1. قراءة سورة البقرة كلها أو بعضها، حيث قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قراءتها بركة، وأنها تطرد الشياطين من المنزل، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الشّيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)مسلم، صحيح مسلم، 780. وسورة البقرة أعظم سورةٍ في القرآن الكريم، وتتضمن أعظم آية في القرآن وهي ، ولها فضلٌ عظيم ورد في كثيرٍ من أحاديثِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجُلها يصبُ في حفظها للإنسان من الشياطين، ومن السحر وغيره.
  2. قراءة آخر آيتين من سورة البقرة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)البخاري، صحيح البخاري، 5008.، والكفاية تكون من كل ما يؤذي المسلم، ويضره، وقد وردَت أحاديثٌ أخرى عديدة في فضل آخر آيتين من سورة البقرة، وعِظمِ فَضلِهما.
  3. قراءة المُعوذتان، سورة الفلق، وسورة الناس، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا، يَكْفِيكَ كُلَّ شَيْءٍ)أبو داود، سنن أبو داود، 5082. أي تكفيانه كل شيء ضار، وهما من أذكار الصباح والمساء التي يُسن للمسلم أن يحافظَ عليها.
  4. قراءة سورة الإخلاص، وقد وردَ فضلها في الحديث المذكور آنفاً.
  5. أن يقول الراقي (بِسْمِ الله الّذِي لا يَضُرّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمَاءِ وَهُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ) يكررها ثلاث مرات.
قد يهمك هذا المقال:   أحاديث تحث على التفاؤل

يفضل أن تكون هذه الرقية الشرعية للمنزل في كل صباح، وأن يتم الاستمرار عليها، وأن يُحافظ أهل المنزل على أداء العبادات، وعلى أذكار الصباح والمساء، وعلى الإكثار من الدعاء بالمأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *