الزكاة
قَسّّمَ الله الأرزاق بين الناس، فمنهم الغني ومنهم الفقير، ومن أجل تحقيق التكافل والتعاون، والتآخي بين أفراد المجتمع الإسلامي، ولكي لا يكون المال حصراً بأيدي الأغنياء، شرع الإسلام ، قال تعالى: (وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ)سورة النور، آية رقم، 56. وجاءت مشروعية الزكاة في السنة النبوية؛ فقد ذكرها النبي في حديث أركان الإسلام، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)، متفق عليه، البخاري، صحيح البخاري، 8، مسلم، 16. فالزكاة ركنٌ من أركان الإسلام، وقد حثَّ على تأديتها، حرصاً على تحصيل الأجرِ والثواب، والزكاة تباركٌ في المال، فعندما ينفق المسلم ماله في سبيل الله -سبحانه وتعالى- ينال الرضا والثواب من الله تعالى، ويكون قد خفف عن الفقراء، وساعدهم في قضاء حاجاتهم، وقد ذكر الله في كتابه العزيز، زكاة المال، ومصارف الزكاة، وحدد الإسلام كذلك مقدار المال الذي يجب إخراجه في الزكاة، والأموال التي يُزكى فيها، وأوجب على المسلمين زكاة الفطر التي يجب إخراجها في رمضان، وسيأتي في هذا المقال بيان الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال.
تعريف الزكاة
لإيضاح الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال لا بد أولاً من بيان معنى المصطلحات التالية:
- الزكاةُ لُغةً: وتعني (النماء والزيادة)
- الزكاة اصطلاحاً: إخراجُ مبلغٍ من المال، إذا بلغَ النصاب في أحد مصارف الزكاة الثمانية التي ذكرها الله تعالى في كتابه.
- زكاة المال: وهي الفريضة التي أمر بها الله وهي أحد أركان الإسلام، وهي المال الذي يُخرج في مصارف الزكاة.
- زكاة الفطر: وهي فريضة أمر بها الله، وتعني إخراج مبلغ من المال أوجبه الله تعالى على المسلمين، في شهر رمضان المبارك، ويخرجها المسلم عن نفسه وعمن تجب عليه نفقتهم.
حكم الزكاة
والزكاة (زكاة المال)، فريضةٌ على المسلمين، وحكمها الوجوب، لورود الأمر بها في والسنة، وأدلةُ ذلك في القرآن كثيرة، ومنه قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيْهِمْ بِهَا)، سورة التوبة آية رقم، 103. ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما عدد أركان الإسلام، ذكر منها الزكاة، فهي فريضةٌ مؤكدةٌ كالصلاة و، وقد قال العلماء، بأن مُنكرَ الزكاةِ كافر.
وزكاة الفطر واجبةٌ على كل مسلم، سواءً كان كبيراً أم صغيراً، حراً أم عبداً، ذكراً كان أو أنثى، وجاءت مشروعيتها في ما روي عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ)البخاري، صحيح البخاري، 1503. وزكاة الفطر لا يُكفَّر منكرها بخلاف التي يُعتبر منكرها كافرًا بالإجماع.
شروط وجوب زكاة المال
- أن يكون المُزكي مسلماً، فلا تقبلُ الزكاةُ من كافر.
- أن يكون المُزكي حراً، فليس على العبد أن يُزكي، لأنه لا يملكُ نفسه، فهو من مُلك سيده.
- أن تكون الأموال التي ستؤخذ منها الزكاة قد بلغت النصاب، والنصاب هو القدر الذي حدده الشرع، فإذا بلغ المال هذا الحد وجبت به الزكاة، وهناك شروط يجب أن تتوفر في النصاب.
- مرور عام هجري كامل على تملك المزكي للمال، وهذا الشرط للأموال النقدية كالذهب والفضة، والأموال، أما البهائم والمزروعات فلا يجب لها ذلك. أما زكاة الفطر فلا يُشترط لها ما يُشترط لزكاةِ المال.
الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال
زكاة الفطر تختلف عن زكاة المال، مع أن حكمهما الوجوب، وأجرهما عظيم، ألا أنه هناك فرق بينهما، ولبيانِ الفرق بين زكاة الفطر وزكاة المال، لا بُدَّ من بيان الاعتبارات التي سيتم التفريق بها وهي: الإسلام سؤال وجواب: الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر
من حيث الأصناف التي تجب بها الزكاة
تختلف زكاة الفطر عن زكاة المال من حيث الأصناف التي تجب بها الزكاة، فزكاة المال تجبُ في الذهبِ والفضةِ والنقود، وفي عروضِ التجارة، والمزروعات والدفائن من الأموال، فمن كان لديه من هذه الأموال والممتلكات، وبلغت النصاب، وانطبقت عليها الشروط الأخرى لكي ، كان من الواجب إخراج مقدار الزكاة منها، وقد حددَ الإسلام مقدارَ الزكاةِ في كلِ صنفٍ من الأصناف.
أما زكاة الفطر، فهي إخراج مقدارٍ من غالب قوت البلد، كالأرز، والقمح، والشعير، وقد حدد الإسلام المقدار من هذه الأصناف.
من حيث الوقت الذي يجب إخراجها به
أما من حيث الوقت الذي تستحق فيه زكاة المال وزكاة الفطر؛ فزكاة المال لا يوجد لها وقت معين ولا يجب لإخراجها دخول وقتٍ أو انتهاءه، فبمجرد أن يبلغ المال النصاب، يصبح من الواجب إخراجها، في أي شهرٍ وأي وقت. وزكاة الفطر لها وقتٌ معينٌ لإخراجها، فوقتها في شهر رمضان، وقال العلماء أنه يفضل أن تُخرج في آخر أيام رمضان، ويُشترط إخراجها قبل صلاةِ عيِدِ الفطر.
من حيث حُكمها
ومن حيث الحكم فزكاة المال، حكمها الوجوب، فهي ركنٌ من أركان الإسلام، ومن أنكر وجوبها، يكفر، ومن امتنع عن إخراجها، فهو فاسق، ويجب أن تؤخذ منه عنوةً وقسراً، فإن امتنع بعد ذلك، يقاتل حتى يؤدي ما فُرضَ عليه من زكاةٍ في المال، وزكاة المال واجبةٌ على كلٌ غنيٍ موسر، وذو سعة، ويجب أن يخرجها هو عن نفسه، ولا يجوز لغيره بأن يخرجها عنه، فزكاة المال تفوق زكاة الفطر في الوجوب. أما زكاة الفطر، فحكمها أيضاً الوجوب، لكن ليست كزكاة المال، فلا يكفر من أنكرها، ولا تؤخذ منه عنوةً إذا لم يؤدها، وهي لا تجبُ على الأغنياءِ فقط، بل على جميع المسلمين، ويجوز أن يخرجها المسلم عن نفسه وعن غيره ممن تجب عليه نفقتهم.