اهمية القراءة في حياتنا

عندما نزل الوحي الكريم على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الغار للمرة الأولى، قال له: “اقرأ”.
(اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) ) العلق
كانت هذه أولى كلمات القرآن الكريم التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على نبيِّه الكريم لبدء دينٍ جديد هو الدين الأبدي الباقي حتى يوم القيامة.
لا شكَّ أن في ذلك دلالات وإشارات لا تخفى على أحد، لأنَّ الدعوة إلى هي دعوة إلى التفكُّر والتدبُّر والتنوُّر.
لا يخفى على أحدٍ ما للقراءة والمطالعة من أهميةٍ بالغة في حياة الفرد والمجتمع؛ ففوائدها عامة قبل أن تكون خاصةً بالقارئ نفسه، إذ إن الفوائد التي يُحصِّلها القارئ تنعكس على أسرته ومُجتمعه ككُل، ومن خلال هذه المقالة نقدم إليك هذه الدعوة لتجعل الكتاب رفيقك الدائم، فخير جليسٍ في الزمان كتاب.

المعاني اللغوية للقراءة

ممَّا جاء في المعاجم اللغوية أن (قرأ) هو فعلٌ ثلاثي فاعله قارئ ومفعوله مقروء، فقرأ الشيء يعني جمعه وضمَّ بعضه إلى بعضه الآخر، وقرأ يعني نطق بكلماته، وأيضًا طالعه ولم ينطق بكلماته، وقرأ القرآن، أي تلاه.
إذن القراءة هي النطق بالكلام المكتوب.
ورد مصطلح القراءة في سياقاتٍ عديدة، منها قراءة الكتب والصحف والنصوص، وقراءة القرآن (القراءات السبع)، وقراءة الكفّ، وقراءة الأفكار، والقراءة الصامتة والقراءة الجهرية، والقراءة التشييدية والقراءة الإبداعية، و، وغيرها.

القراءة في الصِغَر كالنقش على الحجر

يتعلَّم الإنسان القراءة منذ بدء التحاقه بالمدرسة، إذ تُركِّز المراحل التعليمية ما قبل المدرسة (الروضة) على تعليم الأطفال الحروف الأبجدية والهجاء وقراءة الكلمات البسيطة، ثم تتطور مهارة القراءة بعد الالتحاق بالمدرسة، ليتمكَّن الطفل من قراءة كلماتٍ أكثر صعوبةً وجملٍ كاملة.
تختلف مهارات من طفلٍ إلى آخر، لكن ينبغي متابعة مهارة كل طفلٍ حتى يتمكَّن من القراءة بكفاءةٍ باعتبار القراءة إحدى ممارسات الحياة الأكثر حيويةً وأهمية.
لا تقتصر القراءة على النصوص والفروض المدرسية، بل يتعدَّى الأمر ذلك بتعويد الطفل على القراءة الخارجية، التي تتضمَّن قراءة القصص القصيرة الشائقة؛ فالقصة ذات الصور والرسوم الجميلة المُلوَّنة اللافتة تُحمِّس الطفل لمعرفة ما تدور حوله القصة.
من الجميل مساعدة الطفل في هذه المرحلة على تهجئة كلمات القصة البسيطة ورُوايتها بأسلوبه البسيط، وهذا من شأنه أن يُشجِّع الطفل على حبِّ الكتاب والرغبة في اقتنائه والرغبة في رواية القصص التي يسمعها لأصدقائه، وبذلك ينشأ لديه حبُّ القراءة منذ نعومة أظفاره، فينشأ قارئًا نهِمًا في مراحل حياته كلها، فالإنسان القارئ يبدأ طفلًا، وهذه مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة.
الطفل الذي ينشأ في أسرةٍ أفرادها يقرؤون والكتب جزء من حياتهم، يتعوَّد على القراءة بمُقتضى التقليد، لأنَّ الطفل يُقلِّد أهله، ولا بأس من السماح له بتصفُّح كتب الكبار أو الصحف لإرضاء فضوله، فهذه الممارسات الجيدة تزيد من رغبة الطفل في القراءة والتعامل مع الكتب.
من الأفكار الجيدة اصطحاب الطفل إلى معارض الكتب، ومُساعدته في شراء القصص التي يُفضِّلها، وتحفيزه على قراءتها بنفسه، أما في المدرسة، يجب أن تتضمَّن الأنشطة اللامنهجية قراءة القصص ومُناقشتها وروايتها بأسلوبٍ مُشوِّق.
وفي المراحل المتقدمة، يمكن إنشاء نوادٍ للمطالعة ومُبادلة الكتب وإقامة حلقات مناقشةٍ بشأنها، وإقامة مسابقات المطالعة، ومن الجيد أن يقترح القائمون على هذه الأنشطة بعض الكتب الجاذبة للطلاب بموضوعاتها وطباعتها وإخراجها حتى لا يصابوا بالملل من قراءة كتبٍ لا يجدونها ممتعة، وهذا من شأنه تنفيرهم من القراءة.
يمكن بسُهولةٍ تحديد الموضوعات التي يرغب فيها الطالب؛ فمنهم من يحب التاريخ وقصصه، ومنهم من يهوى المغامرات والاستكشافات، ومنهم من يحب تصفُّح الخرائط والجداول، وهكذا يُوجَّه كل طالبٍ إلى الكتب التي تروي عطشه المعرفي دون ملل.
وعلى الرغم من أن الوسائل الإلكترونية أصبحت اليوم متاحةً للصغار قبل الكبار، إلا أنها وسائل لا بأس بها لدعم هواية القراءة والمطالعة؛ إذ تتوافر الكثير من التطبيقات التي تتضمَّن كتبًا إلكترونية بمُستوياتٍ وموضوعات مُنوَّعة تُلبِّي كل الحاجات، ويمكن الاستفادة منها بطريقةٍ تفاعلية لتطوير مهارة القراءة وتعزيزها بفعالية.

قد يهمك هذا المقال:   كيفية اعداد خطة عمل ادارية

أهمية القراءة

لا شكَّ أن فوائد القراءة عظيمة وجمَّة، وهذه الفوائد تنعكس على حياة الفرد والمجتمع ككُل، ويُمكن إجمال بعض فوائدها في النقاط التالية:

  • صقل شخصية الفرد وزيادة ثقته بنفسه: الشخص القارئ واثق بنفسه، إذ تزيد القراءة من مهارات التفكير والتحليل لديه، ما يجعله قادرًا على الانخراط في المجتمع بثقة، لأنه قادر على المحاورة والمشاركة والنقد والتحليل وطرح الأفكار وبدء الحوار والإجابة عن الأسئلة.
  • زيادة الحصيلة المعرفية: بالقراءة، تزيد حصيلة الفرد من المفردات، سواءً اللغوية أو التخصُّصية، فإذا ركَّز فرد قراءته على الموضوعات السياسية على سبيل المثال، سيكون لديه مفاهيم واسعة ومُفردات سياسية تجعله قادرًا على استيعاب ما يسمعه في وسائل الإعلام من هذه المفردات، كما سيكون قادرًا على استخدامها في حواراته ونقاشاته.
  • استغلال الوقت بفائدة: يعاني الكثيرون من وقت الفراغ، ومن المهم استغلال هذا الوقت في أمرٍ مفيد مثمر.
  • دعم مهارات الكتابة والتفكير: لا يمكن أن يكون المرء ومُفكرًا قبل أن يكون قارئًا.

وينطبق هذا الأمر على الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تنتشر سريعًا بفضل توافر الإنترنت والأجهزة الذكية، فأصبح الكلُّ يكتب، لكن لا يتميَّز الثمين من الغثِّ إلا بالثقافة والعلم اللذين تدعمهما المطالعة الجيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *