أين وقعت معركة القادسية
وقعت معركة القادسية في منطقة القادسية في ، وسميت بالقادسية نسبة إلى قصر قادس الذي بناه الفرس، وتقع القادسية شرق نهر الفرات جنوبي مدينة الكوفة العراقية، وقد وقعت معركة القادسية في العام الرابع عشر الهجري، بين جيوش الفرس وجيوش المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وانتهت بانتصار كاسح للمسلمين وكسر شوكة الفرس بلا رجعة في العراق وما حولها.
أسباب معركة القادسية
بعد فتح المسلمين أرض العراق، وبسط راية حكمهم على أغلب مناطقها، أصبح الفرس خائفين من زحف المسلمين نحوهم، فخاضوا حرباً تسمى بحرب الجسر في العراق وانتصروا فيها على المسلمين، لكن المسلمين عوضوا تلك الهزيمة بانتصار كبير على الفرس في معركة البويب، التي كانت سبباً رئيسياً في جعل الفرس يركزون كل جهودهم لصد جيوش المسلمين وإيقاف توغلهم نحو الأراضي الفارسية، فقد كان الفرس فيما بينهم مختلفين وليسوا على وفاق تام، إلى أن اجتمعوا على تنصيب يزدجرد ابن شهريار الوحيد ملكاً عليهم، وقام يزدجرد بعد ذلك بتعيين رستم قائداً للجيش الفارسي.
تمرد أهل العراق
وبعد أن وحد الفرس رأيهم واجتمعوا على ملك واحد وقائد واحد للجيش، تشجع أهل العراق وقاموا بالتمرد على الحكام المسلمين في العراق وكان والي العراق هو المثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنه في ذلك الوقت، وتحالف أهل العراق مع الفرس لإنهاء حكم المسلمين في العراق، وبعد أن وصلت أخبار العصيان في العراق إلى الخليفة الفاروق رضي الله عنه، عقد أمره على الخروج بنفسه على رأس الجيش لإنهاء هذا الخلاف وبسط حكم بشكل تام على أرض العراق وأهلها، لكن أصحابه من أهل الرأي والعلم أشاروا عليه بعدم الخروج وتولية غيره قيادة الجيش المتجه إلى أرض العراق، وبالفعل قام عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه بتولية الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص قيادة جيش المسلمين المتجه للعراق.
وبعد أن قام أمير المؤمنين بدراسة هذا الوضع وأخذ الاستشارة من أصحاب الرأي والعلم، أدرك خطورة دولة فارس على الإسلام والمسلمين، فقرر مقارعتهم وشن الحرب ضدهم حتى ينهي نفوذهم ويكسر شوكتهم في العراق، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد سمح للتائبين من أهل الردة بالمشاركة في هذه الحرب لأول مرة بعد أن منعوا من المشاركة في أية حرب يخوضها المسلمين نتيجة لأعمالهم وردتهم السابقة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومن بعدها انطلق الصحابي سعد بن أبي وقاص على رأس الجيش، واتجه به نحو القادسية بعد أن وصلته أخبار تحرك جيش الفرس بقيادة رستم للقضاء على المسلمين في العراق.
أحداث معركة القادسية
تحرك جيش المسلمين نحو العراق، ونزل في القادسية بالقرب من قصر القديس، وانتظر قدوم جيش الفرس الذي تأخر شهراً كاملاً حتى ظن المسلمون أنه لن يأتي ولن يكون هنالك قتال بينهم، لكن رستم أتى بعد ذلك بجيش عرمرم يقدر بنحو مئتي ألف مقاتل، في حين أن جيش المسلمين كان يقدر بنحو ثلاثين ألف مقاتل، هذا وقد استخدم الفرس في قتالهم ضد المسلمين الفيلة، حيث أنهم جلبوا معهم نحو ثلاثة وثلاثين فيلاً لأرض المعركة لقتال المسلمين.
طلب رستم المفاوضات مع المسلمين، فأرسل سعد الصحابي ربعي بن عامر رسولاً إلى رستم، وقد أمهل ربعي رستم ثلاثة أيام فقط لينظر أمر القتال بينه وبين رؤساءه امتثالاً لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لا تعطى مهلة أكثر من ثلاثة أيام للعدو عند التقاء الجيشين للقتال، فوافق رستم على ذلك وبدأ بالتشاور في أمر القتال مع المسلمين بعد ما رآه من عزة وقوة للمسلمين بعد مقابلته لربعي بن عامر.
اليوم الأول
أصيب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بمرض قبيل بدء معركة القادسية منعه من الجيش ميدانياً، فأوكل مهمة القيادة الميدانية إلى الصحابي خالد بن عرفطة، بينما بقي سعد على سطح قصر القديس يوجه المسلمين من هناك ويتابع أحداث المعركة، هذا وقد دارت معركة القادسية على مدار أربعة أيام كان القتال فيها شديداً على مدار اليوم في الليل والنهار، وكان السبب الرئيسي في بدء الحرب هو اختطاف المسلمين لبعض جنود الفرس وقتلهم ومن بعدها التحم الجيشان وبدءا بالقتال.
في اليوم الأول الذي سمي أرماث تفاجأ المسلمون بوجود الفيلة، ودرس كل طرف نقاط القوة والضعف عند خصمه، وقد كان يوماً شديداً على المسملين لكنهم صبروا وثبتوا في أرض المعركة بعد أن وجدوا حلاً لمقارعة الفيلة، فقد أمر سعد بن أبي وقاص بمواجهة الفيلة التي كانت قد أمعنت في قتل المسلمين ومحاربتهم وإفزاعهم، وأعطى هذا الأمر إلى عاصم بن عمرو التميمي الذي قتل بضعة فيلة وقتل الكثير ممن كانوا عليها وحطم التوابيت التي كانت على ظهورها.
اليوم الثاني
سمي اليوم الثاني بأغواث نسبة إلى الغوث والمدد الذي أتى من الشام بقيادة هشام بن عتبة والقعقاع بن عمرو التميمي، ولم تشارك الفيلة في هذا اليوم في القتال نتيجة لما أصابها في اليوم الأول، وبدء هذ الايوم بمبارزة القعاع لقائد من قادة الفرس وهو بهمن جاذويه وانتصر عليه، وقام المسلمون في هذا اليوم بابتكار خطة جديدة فقاموا بإلباس الإبل أشياءً وملابساً تجعلها تبدو غريبة فتفزع خيول الفرس وهذا ما حصل، وكان هذا اليوم هو يوم نصر عظيم للمسلمين وتكبدت فيه الفرس خسائر عظيمة جداً.
اليوم الثالث
سمي هذا اليوم بيوم عماس، وعماس تعني الشديد في الشر، وسمي بهذا الاسم نظراً لشدته على المسلمين والفرس، وقد أمر القعقاع بن عمرو التميمي قواته بتنظيم مجموعات تتكون من 100 رجل تدخل أرض المعركة تباعاً، فظن المسلمون أن هنالك أفوجاً جديدة من العون تأتي إليهم، وظن الفرس كذلك أيضاً، هذا وكان الفرس قد أصلحوا التوابيت على ظهور الفيلة وأرجعوها إلى ساحة القتال، وفي هذا اليوم قتل المسلمون الفيل الأبيض الذي كان يعتبر مثابة رأس الفيلة وقائدهم، كما قتلوا أيضاً الفيل الأجرب أقوى الفيلة في اسحة المعركة بعدج أن لاحظ سعد انجذاب وتوجه الفيلة نحوها، فأمر القعقاع وأخاه عاصم بقتلهما وفعلا ذلك.
اليوم الرابع والأخير
مالت الكفة إلى صالح المسلمين بشكل واضح في صباح هذا اليوم الذي سمي بالهرير لأن الطرفين انقطعوا عن الكلام، والهرير تعني الانقطاع عن الكلام، فقد أصبح المسملون يشعرون بتعب الفرس وضعفهم واجتمعوا على صراخ القعقاع فيهم بأن عليهم الصبر قليلاً لينتصروا على الفرس بعد ما أصابهم في الأيام الثلاثة السابقة، والتحم الجيشان صباحاً، فأخذ المسلمون يخترقون قلب الجيش الفارسي، وهبت عاصفة قوية خلعت خيمة رستم، وهرب رستم بعدها واختبأ، لكن هلال بن علقمة رآه وتبعه حتى قتله، وبعد مقتل رستم انسحب باقي الفرس إلى المدائن وهي عاصمة الفرس في ذلك الوقت، لكن المسلمين لم يتركوهم وتبعوهم حتى قتلوهم وفتحوا المدائن وبسطوا نفوذهم فيها، وأعلنوا نهاية دولة فارس في العراق وانتصار المسلمين في معركة القادسية، ودخل سعد بن أبي وقاص القصر الأبيض وهو قصر حاكم كسرى، لتصبح معركة القادسية ملحمة تاريخية وبطولية في التاريخ الإسلامي.