علم الوراثة والصفات علم حديث لم يعرفه البشر إلا منذ ١٦٠ سنة، وكانت بداية هذا العلم على يد غريغور مندل الذي كان راهبا ولكنه درس الوراثة في النباتات عام ١٨٤٣.
استطاع مندل أن يعرف أن داخل كل كائن حي صفات يتم توارثها سماها بالعوامل، كما استنتج أن من هذه العوامل ما هو سائد أي أن وجود القليل منه كاف لإظهار الصفة في الجيل الجديد، ومنها ما هو متنحي أي تتنحى عن الظهور عندما توجد العوامل السائدة.
كما لاحظ أن تزاوج عاملين لا يؤدي لاندماجهما في بعضهما، فلم يحصل أبداً على زهرة بلون بنفسجي فاتح نتيجة وجود عامل اللون البنفسجي وعامل اللون الابيض في أزهار البازلاء، بل كان كل عامل يحتفظ بجميع خصائصه، فإما أن يظهر أو يتنحى أي أن تكون الزهرة بنفسجية تماماً أو بيضاء تماماً.
وما جعل مندل يختار البازلاء هو أن صفاتها واضحة يمكن ملاحظتها فليس فيها درجة متوسطة، فهي إما طويلة وإما قصيرة، وزهرتها اما بيضاء اللون أو بنفسجية اللون.
أساسيات علم الورثة والصفات
وتعتبر أبحاث مندل التي سبق ذكرها الأساس لعلم الوراثة الحديث، فالعوامل التي أشار إليها مندل هي الجينات، وتم اكتشاف أن هذه الجينات توجد في الكروموسومات داخل نواة الحية، وتوجد الكروموسومات على شكل زوج متماثل، وكل إنسان يملك 23 كروموسوم من أبيه، و٢٣ كروموسوم من أمه ليكون المجموع ٤٦ كروموسوم.
عند تكون الجنين يلتقي جزء من DNA الأم بجزء من DNA الأب، فيأخذ شيئا من خواص الأم وشيئا من خواص الأب فيما يعرف بالوراثة، وتعتبر الكروموسومات الجنسية هي المسؤولة عن تحديد المولود ذكر أم انثى، فالكروموسومات الجنسية التي تأتي من الوالدة هيX دائما، أما التي تأتي من الوالد فإما تكونX أو Y وعلى أساسها يكون المولود ذكراً إذا كانت من النوع Y، أو أنثى اذا كانت من النوع X .
وبعض الأمراض تكون في الذكور أكثر منها في الاناث كعمى الألوان مثلا نتيجة أن جينات هذا المرض توجد في الكروموسوم الذكري Y.
الـ DNA هو خطة تشغيل الإنسان
يتكون من تريليون خلية حية، ويعتبر الـDNA بمثابة خطة أساسية تسير عليها كل خلايا الكائن الحي الواحد، ويساوي في طولة المسافة بين الأرض عدة مرات، واستحق العالمان اللذان قاما باكتشاف تركيبة الـ DNA جائزة نوبل في الطب.
عند انقسام الخلايا يقوم الـDNA بنسخ نفسه إلى نسخة مطابقة، يتم نقلها للخلية الجديدة فتنقل إليها خطة التشغيل كاملة، ويتمثل دور الجينات في بناء البروتينات التي تتكون منها الخلايا والأنسجة والإنزيمات وغيرها.
ينقل الـ DNAهذه الأوامر عن طريق نسخ جزء صغير يسمى بالـRNA ، يحتوي على الجينة المحددة ويتكون من خيط واحد وليس من خيطين كما في الDNA، وبذلك يكون بإمكانه العبور من خلال الغشاء النووي، وتترجم الشفرة الجينية الموجودة على الـRNA بواسطة المايتوكندريا، والتي تحولها إلى شفرة من الأحماض النووية وبالتالي تحدد نوع البروتين الذي يتوجب صنعه.
وحدوث أي خطأ خلال عملية نقل المعلومات الوراثية يؤدي الى حدوث أثر يختلف من حالة لأخرى، ففي حالة الخلل في تركيب بروتين الهيموغلوبين المكون لخلايا الدم قد تنشأ خلايا الدم المنجلية الشكل، والتي تترسب في الأوعية الدموية وتتسبب في احتباس الدم فيها، وكذلك الهيموفيليا وهو مرض ينشأ من نقص أحد عوامل التجلط المهمة، مما يعرض الإنسان لخطر النزف حتى الموت إذا لم يتم علاجه.
ومن أهم الامور التي اهتم علم الجينات بدراستها ظاهرة التوائم، فعندما تنقسم البويضة المخصبة في أحد المراحل لتعطي جنينين فهذه الحالة تنتج توأمين متطابقين، أما عندما يتم تخصيب بويضتين في الوقت نفسه فإنهما ستنتجان توأمين غير متطابقين بعد مشيئة الله سبحانه، وتعتبر حالات التوائم أكثر من اثنين نادرة حيث تقدر باحتمال واحد في كل الفي حالة ولادة.
هل علم الوراثة وحده المسؤول عن الصفات؟
تلعب الوراثة الدور الكامل في بعض الأمور مثل لون العيون وفصيلة الدم، إلا أنها في أمور أخرى كالسلوك تمثل جزءاً من عدة عوامل كالبيئة والتربية وغيرها، وما يتم اكتسابه من خلال عوامل أخرى غير الجينات لا يورث بالضرورة للأجيال الأخرى، فالسمنة الناتجة عن اساليب غذائية خاطئة لا يرثها الولد عن والده.
تطبيقات علم الوراثة والصفات
امكانية استنساخ البشر
الهندسة الوراثية يقصد بها إدخال تعديلات على جينات الكائنات الحية لإنتاج أنواع أفضل منها، أو لحمايتها من المرض ومن العطب السريع في حالة النباتات, حيث يتم البحث عن الجينة التي يملكها كائن حي فتمنحه تلك الصفة المرغوبة، فيتم أخذ هذه الجينة وحقنها في كائن حي آخر فتضاف هذه الصفة لطبيعته، مثل جين عدم التعفن الذي يمكن نقله للخضروات، ويدور الكثير من الجدل بين العلماء ما إذا كانت الهندسة الوراثية شيئا ضاراً ام مفيداً.
ويعتبر الاستنساخ الذي قام به العلماء للنعجة دولي أحد النقلات العلمية الكبيرة، التي تعطي أملا بإمكانية إنتاج نسخ من الكائنات الحية ذات الصفات الجيدة دون غيرها، إلا أن الاستنساخ يواجه بعض المصاعب أيضاً.
فالقليل جداً من البويضات التي تم العمل عليها لإنتاج كائنات جديدة هي التي نجحت بينما يفشل معظمها في النمو، ولم يجد العلماء تفسيراً لذلك، كما أن النعجة دولي نفسها قد توفيت وعمرها ٦ سنوات، دون أن يستطيع العلماء تحديد ما إذا كانت عملية الاستنساخ هي السبب في وفاتها المبكرة.
ولعل أحد أهم أسباب استبشار الكثيرين بفكرة الاستنساخ أنه سيوفر للأشخاص المصابين بالعقم فرصة الحصول على أطفال من خلال استنساخ أحد الوالدين.
إثبات النسب
وعند استخدام الـDNA في تحديد الأسلاف أو الأبناء أي إثبات النسب، يتم استخدام كروموسوم y أو المايتوكندريا التي يتم ترجمة اسمها إلى متقدرات الطاقة، حيث ينتقل الـDNA الموجود في هذين الاثنين عبر الأجيال كما هو دون أي تبديل، وتحتوي المايتوكندريا على DNA خاص بها غير ذلك الموجود في نواة الخلية، وهذا الـDNA الخاص بالمايتوكندريا له ميزة أنه يبقى موجودا حتى بعد وفاة الشخص.
علاج الجينات
فيقوم على تحديد الجين المسئول عن المرض واستبداله للإنسان بجين سليم، وهذا العلاج لا زال قيد البحث، فمثلاً قام العلماء بتعديل جدي وراثيا ليقوم ضمن حليبه بإنتاج بروتين Vlll ليتم إدخاله لأجسام المرضى المصابين بالهيموفيليا، فهو العامل الذي ينقص أجسامهم للقيام بعمليات تخثر الدم بالمعدل الطبيعي.
تطبيقات متعددة لعلم الوراثة
يتم الاستفادة من أو ما يعرف بالخارطة الجينية للشخص في تحديد الامراض التي يملك الشخص استعدادا جينيا للإصابة لها، وبالتالي يتم إخضاعه لوسائل الوقاية والحميات من تلك الأمراض المتوقعة.
كما يمكن من خلاله مكافحة مسببات الأمراض، فلو استطاع العلماء مثلا التعديل الجيني على أنثى بعوضة الأنوفيليس الناقلة لمرض الملاريا لتصبح غير قادرة على نقل المرض، لاستطعنا إنقاذ صحة الملايين حول العالم.
وتوفر بصمات الـ DNA وسيلة جديدة للكشف عن المجرمين عن طريق تحليل أي أثر بقي منهم في مسرح الجريمة كقطعة شعر متساقطة مثلاً.