المدينة المنورة
تقع المدينة المنورة غرب المملكة العربية على مساحة تبلغ حوالي 589 كيلو متر مربع، يسكن سكانها على مساحة 99 كيلومتر مربع، أما باقي المساحة فهي تضم جبالاً ومنحدرات ووديان وأراضٍ صحراوية وزراعية. وتمتلك المدينة المنورة قدسية خاصة لدي جميع المسلمين من جميع أنحاء العالم لأنها تضم أول مسجد بناه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبره الشريف. وفي هذه المقالة سيتم إلقاء الضوء على تاريخ المدينة المنورة.
تاريخ المدينة المنورة قبل الهجرة النبوية الشريفة
ذكرت المصادر التاريخية أن تأسيس المدينة المنورة يرجع إلى أكثر من 1500 سنه قبل الهجرة النبوية المشرفة وكانت آن ذاك يُطلق عليها مدينة يثرب نسبه إلى أول من سكنها وهو “يثرب بن قانية”، الأمر الذي أكده القرآن الكريم في قوله تعالي: (وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ).
كذلك أوضحت المصادر التاريخية العديد من الأسماء التي سميت بها يثرب، فقد أُطلق عليها المسكينة، وطيبة، وطابة، والمجبورة، والدار، وأخيراً اسم المدينة المنورة الذي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم عليها لأنه أضاء فيها كل شيء، كما ورد هذا الاسم في في قوله تعالى: (ما كانَ لِأَهلِ المَدينَةِ وَمَن حَولَهُم مِنَ الأَعرابِ أَن يَتَخَلَّفوا عَن رَسولِ اللَّـهِ وَلا يَرغَبوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ في سَبيلِ اللَّـهِ وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).
تعاقب القبائل التي سكنت المدينة المنورة
منذ إنشاء المدينة المنورة تعاقب السكّان عليها، فسكنها “العماليق” ثم “المعينيون”، ومن بعدهم هاجر اليهود إليها في عام 586 قبل الميلاد، ومن أشهر القبائل اليهودية التي سكنت المدينة المنورة “قبيلة قينقاع” التي تميزت بغناها بسبب عملها في صناعة الذهب.
وظلت القبائل تتعاقب على المدينة المنورة إلى أن حدث انهيار سد مأرب في اليمن فهاجرت بعض القبائل العربية إلى المدينة النورة ومن أشهر هذه القبائل قبيلتين الأوس والخزرج، الذين عاشوا في مدينة يثرب بجانب اليهود وتعاهدوا سوياً على حماية المدينة من أي غزو خارجي، وبالفعل التزم الجميع بهذا الاتفاق ولكن ما حدث وأزعج القبائل اليهودية المقيمة في مدينة يثرب هو ازدياد قوة وغنى كل من قبيلة الأوس وقبيلة الخزرج، الأمر الذي جعل اليهود يشعرون بالخوف من ازدياد نفوذ القبيلتين فقاموا بالتفريق بين القبيلتين، وبالفعل نجحوا في ذلك ولم يمضي وقت طويل إلا وأصبح القبيلتان عدوتان وفي هذا الصدد ذكرت الكثير من المصادر التاريخية المعارك الطاحنة التي دارت بين القبيلتين لمدة حوالي 120 سنه، وفي الحقيقة هذه المعارك لم تهدأ إلا بعد صلي الله عليه وسلم إلى مدينة يثرب.
تاريخ المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة
دعا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام في القرن السابع في ولكن قابلته قبيلة قريش بغضب عارم ضد هذه الدعوة ولم يجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حلّ أمامه إلا الهجرة إلى مدينة يثرب التي كان يوجد بها عدد ممن اعتنقوا الإسلام، فاتفق النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع قبيلة الأوس والخزرج على قدومه إلى يثرب مع تقديم الحماية له هو وصديقه أبو بكر الصديق.
وبالفعل هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم مع صديقه إلى يثرب وآخى بين ، وفي هذا الوقت تغير اسم المدينة من مدينة يثرب إلى المدينة المنورة وعاش فيها حتى وافته المنية في ربيع الأول من عام 11 هجرية. وقد اتخذ الرسول من المدينة المنورة عاصمة للدولة الإسلامية، وأسس فيها جيشها الذي يدافع عنها ونظم قوانينها، وأصبحت المدينة آنذاك مقر للحضارة والأمن والأمان.
المدينة المنورة في عصر الخلفاء الراشدين
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ومبايعة بالخلافة، قام أبو بكر بمحاربة المرتديين فيما عرف باسم “حروب الردة” كما تمتعت المدينة في عهده بالأمن والأمان، وتم عمل ديوان العطاء الذي كان يهدف إلى توزيع أموال ثابتة على الناس كل عام، كما اهتم أبو بكر الصديق بعمل كُتاب في كل حي بالمدينة لتعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.
في عهد عمر بن الخطاب قام بفتح بلاد الشام ومصر وبلاد فارس، هذا بالإضافة إلى توسعه المسجد النبوي، وبعد أن توفاه الله تمت مبايعة عثمان بن عفان وتولى حكم المسلمين وأطلق العديد من الغزوات من المدينة المنورة. وتوالى الخلفاء المسلمين واحد تلو الآخر، إلى أن قامت الخلافة الأموية ونُقلت عاصمة المسلمين من المدينة المنورة إلى دمشق.
المدينة المنورة في العهد السعودي
في عام 1342 هجرية وتحديداً يوم 20 جمادي الأولي اتجه الأمير “محمد بن عبد العزيز” إلى المدينة المنورة برفقه جنوده وأعلن أهل المدينة ولاءهم للأمير، ومن ثم اتجهوا إلى المسجد النبوي وصلوا فيه، ثم توجهوا إلى مقر الإمارة وبدأ الأمير يستقبل أهل المدينة المنورة ليتعرف على مشاكلهم ويقدم لهم العطايا كالمال، والرز والقمح.
ومن أهم إنجازات آل سعود داخل المدينة المنورة القيام بالتوسعات العمرانية، وتوفير الأمن والأمان لجميع سكان المدينة بعد أن كانوا يتعرضون إلى العديد من غارات القبائل، ولعل أبرز وأهم الأعمال التي تمت في المدينة المنورة في عهد آل سعود هي توسعه مساحة المسجد النبوي الشريف والاهتمام به وبزواره وهو الآن بفضل الله أصبح يستوعب عدد ضخم من المصلين يصل إلى حوالي 650000 مصلٍ.