المسجد الأقصى
يحظى المسجد الأقصى بقدسية هامة في نفوس المسلمين؛ حيث يعتبر واحدًا من المساجد الكبرى على مستوى العالم؛ إذ تتجاوز مساحته 144 ألف متر مربع في قلبِ البلدة القديمة في مدينة القدس عاصمة فلسطين، وتضم هذه المساحة الشاسعة كل من المسجد القبلي والمصلى المرواني وقبة الصخرة بالإضافة إلى 200 معلم آخر، وتشير المعلومات إلى أن المسجد الأقصى يتربع فوق هضبة صغيرة يطلق عليها هضبة موريا، وتطلق تسمية المسجد الأقصى على تلك المساحة المسورة التي تتخذ موقعًا مميزًا في الزاوية الجنوبية الشرقية للبلدة، ما يؤكد على قدسية المسجد الأقصى في الديانات السماوية الثلاث؛ ورود ذكره في القرآن الكريم في مطلعِ سورة الإسراء “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، وتوضح هذه الآية بأنه مسرى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنه القبلة الأولى في الإسلام أيضًا، بالإضافة إلى اعتبار المنطقة أرض مباركة، أما في الديانة اليهودية؛ فإن اليهود يقدسونه بشكلٍ كبير، حيث تبذل المنظمات اليهودية المتطرفة الكثير من الجهود للاستحواذِ عليه بزعمهم وجود ما يعرف باسم “جبل الهيكل” نسبةً إلى الهيكل الخاص بسيدنا سليمان -عليه السلام-. المسجد الأقصى
تاريخ المسجد الأقصى
- المرحلة الأولى: يعتبر سيدنا آدم -عليه السلام- الباني الأول للمسجد الأقصى، حيث تشير المعلومات إلى أنه قد تم تشييده بعد انقضاء نحو 40 سنة من بناء البيت الحرام بأمرٍ إلهي، وبذلك فإنه المسجد الثاني في هذه المعمورة، ومن الأدلة على ذلك حديث البخاري عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصل والأرض لك مسجد”، ويشار إلى أنه لم يسبقهما أي دار عبادة لا معبدًا ولا هيكلًا ولا كنيسة نهائيًا.
- المرحلة الثانية: جاء نبي الله إبراهيم -عليه السلام- إلى القدس في 2000 قبل الميلاد، وأقدم على تشييد المسجد الأقصى مجددًا، وأكمل نجلاه إسحاق ويعقوب عليهما السلام ما بدأ به، ومع قدوم النبي سليمان -عليه السلام- إلى القدس سنة 1000 قبل الميلاد؛ أقدم على خطوةِ تجديد وترميم المسجد مرة أخرى. ماذا تعرف عن المسجد الأقصى ؟
- المرحلة الثالثة: تشير المعلومات إلى أن للوجود اليبوسي أثر في أسوار المسجد الأقصى وفق آراء الباحثين، إذ تواجد اليبوسيون في القدس بالفترة التاريخية بين 3000-1550 قبل الميلاد، ويشار إلى أنهم بُناة مدينة القدس وأول من سماها أورشاليم. المسجد الأقصى
- المرحلة الرابعة: دخل المسجد الأقصى تحت حكم الفراعنة في الفترة التاريخية ما بين 1550-1000 قبل الميلاد خلال حكمهم على مدينة القدس، ومع حلول سنة 995 قبل الميلاد تمكن نبي الله داوود -عليه السلام- من فتح المدينة برفقةِ بني إسرائيل، وتوسع بعمران المدينة ومسجدها الشريف، وانتقل الحكم بعدها لنجله سليمان عليه السلام.
- المرحلة الخامسة: تعرض بني إسرائيل للانقسام في شمال البلاد بعد وفاة سليمان -عليه السلام-، كما انقسمت أيضًا مملكة يهوذا الموجودة في الجنوب؛ وتعرضت على هامشِ ذلك المنطقة للهجوم البابلي وتعرض الهيكل للحرق، سُبي اليهود وحملوهم إلى بابل، إلا أن البابليون قد تعرضوا للهزيمة على يد الفُرس وسُمح للأسرى اليهود بمعاودة أدراجهم إلى مدينة القدس والعمل على بناء ما تم حرقه وهدمه من الهيكل، وقد تم الانتهاء من تشييد هيكلهم الثاني سنة 516 قبل الميلاد خلال فترة حكم الملك الفارسي دارا الأول.
- المرحلة الخامسة: انتقلت القدس والمسجد الأقصى للحكم البيزنطي والروماني، فقد جاء الإسكندر المقدوني للمنطقة في سنة 332 قبل الميلاد خلال احتلال الإغريق للأراضي الفلسطينية، وانتقل الحكم إلى دولة البطالمة والسلوقيين من بعدهم، وأخيرًا حُكِمت من قبل الإمبراطورية الرومانية، ويعد الحاكم هيرودس من أوائل الحكام في المنطقة؛ وأقدم على دور عظيم في ترميم البيت المقدس وتشييده مجددًا في سنة 20 قبل الميلاد، وشيّد أيضًا قلعة تعرف باسم قلعة داوود على مقربةٍ من باب الخليل.
- المرحلة السادسة: قدوم نبي الله عيسى عليه السلام إلى المدينة ومن ثم يحيى بن زكريا أيضًا، وبعد مضي نحو 300 سنة من ذلك أصبحت القدس مدينة نصرانية على هامشِ انشطار الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين؛ أحدهما غربي والآخر بيزنطي، وفي هذه الأثناء تم تشييد كنيسة القيامة، وبقي المسجد الأقصى كما هو دون ترميم أو تجديد.
- المرحلة السابعة: ازدادت أهمية المسجد الأقصى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أصبح القبلة الأولى في الإسلام بعد أن هاجر الرسول من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة، حيث كان المسلمون يتوافدون إلى المسجد الأقصى لتأدية الصلوات هناك، وكما أن المسجد الأقصى مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم الرحلة المعجزة “رحلة الإسراء والمعراج”.
- المرحلة الثامنة: يعتبر المسجد الأقصى شاهدًا على أحداثِ فتح القدس بقدوم الجيوش الإسلامية إليها، كما أنها من أبرز شواهد العصر على مدى احترام الديانة الإسلامية وصونها لحقوق الآخرين من المسيحيين واليهود، وقد ساهم نص العهدة العمرية على التأكيد على ذلك.
- مر المسجد الأقصى بعددٍ من التواريخ الهامة في حياته، حيث تعرض للحملات الصليبية والاحتلال الصهيوني كسائر شواهدِ مدينة القدس وما يحيط بها.