تاريخ فتح القسطنطينية

فتح القسطنطينية

مدينة القسطنطينية هي أحد المدن المشهورة على مر العصور لما لها من موقع استراتيجي مميز، حيث تقع في منتصف قارتين كبيرتين هما قارة ، وقارة أوروبا، كما يُحيط بها ثلاثة بحار من جهات مختلفة وهي: البحر الأسود من الجهة الشمالية، ومضيق البسفور من الجهة الشرقية، وأخيراً بحر مرمرة من الجهة الجنوبية.

تم تأسيس مدينة سنه 657 قبل الميلاد على يد ملاحين من ميجارا، وأطلق عليها على مر عصور عديدة الكثير من الأسماء منها بيزنطة، ومدينة أستنبول، ومدينة الأستانة، وروما الجديدة، وغيرها.

كانت هذه المدينة تابعة للإمبراطورية الرومانية والبيزنطية لقرون عديدة، كما كانت مقر للفنون، والثقافة، والأدب، وغيرها من المجالات الأخرى، وفي هذه المقالة سيتم إلقاء الضوء على تاريخ فتح القسطنطينية بشيء من التفصيل والتعرف على كيفية فتح هذه المدينة العنيدة.

تاريخ فتح القسطنطينية

قال آخر المرسلين الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: (لتُفتحن القسطنطينية، فلنِعم الأمير أميرها، ولنِعم الجيش ذلك الجيش)، لهذا كان فتح القسطنطينية بمثابة حلم لجميع القادة والفاتحين، وأملاً في نفوسهم رغم صعوبته والذي يتنظرون تحققه ليكون صاحب هذا الفتح العظيم وجيشه هم محل ثناء الرسول الكريم، وتحققت هذه البشارة النبوية بعدها بأكثر من ثمانية قرون وفيما يلي سيتم التعرف على محاولات الجيوش الإسلامية لفتح المدينة العنيدة.

محاولات الجيوش الإسلامية لفتح القسطنطينية

  1. أول محاولة جادة لفتح مدينة القسطنطينية كانت على يد معاوية بن أبي سفيان، حيث قام بإرسال حملتين لفتحها، الأولى في عام 49 هـ، أما الثانية فكانت في عام 54 هـ، ولكنه لم يتمكن من فتح تلك المدينة العتيدة.
  2. في عهد سليمان بن عبد الملك تجدد الحلم مرة أخرى لفتح القسطنطينية، فقام بإرسال حملة لها في عام 99 هـ، وفي الحقيقة كانت هذه الحملة تضم خيرة الجنود والفرسان كما كانت مزودة بأفضل الأسلحة إلا أنها لم تستطيع فتح المدينة الصامدة.
  3. وفي عهد العثمانيين تجدد الحلم مرة أخرى لفتح المدينة وشاء الله أن تتحقق البشارة النبوية ويتم فتحها على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.
قد يهمك هذا المقال:   السياحة في جازان

من هو السلطان محمد الفاتح صاحب تحقيق حلم فتح القسطنطينية

هو ابن السلطان مراد الثاني سابع سلطان ، ولد في 27 رجب 835 هجرية في مدينة “أدرنة” التي كانت في هذا الوقت هي عاصمة للدولة العثمانية، تربى تربية إسلامية جيده تليق بسلطان عظيم، فحفظ القرآن الكريم، ودرس الفقه والحديث، كما درس الفلك وعلوم كما أتقن عدة لغات منها العربية، واللاتينية، واليونانية، والفارسية، بالإضافة إلى إجادته لفنون الحرب والقتال.

كيف فتح محمد الفاتح مدينة القسطنطينية

في الحقيقة كانت القسطنطينية مدينة مُحصنة، قوية، تمتلك مميزات عسكرية واقتصادية عديدة، فضلاً عن موقعها الجغرافي المميز لهذا كانت هدف وطموح لجميع إمبراطوريات العالم وتعددت المحاولات لاختراق هذه المدينة، والسؤال هنا كيف استطاع محمد الفاتح فتح مدينة القسطنطينية رغم حصنها المنيع؟ وما هي التجهيزات التي قام بها لينجح في فتحها؟

التجهيزات التي قام بها محمد الفاتح لفتح القسطنطينية

إعداد الجيش

قام السلطان محمد الفاتح بالاهتمام بشكل كبير بجيشه إلى أن وصل عدد أفراد جيشه إلى ربع مليون مجاهد، وحرص على تدريبهم على جميع فنون القتال، بالإضافة إلى رفع الروح المعنوية للجنود وتذكيرهم الدائم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لإعلاء همتهم.

بناء قلعة روملي حصار “قلة الروم”

قام السلطان محمد الفاتح بالتفكير في بناء قلعة على الجانب الأوروبي من البوسفور مواجهةً للأسوار القسطنطينية، وبالفعل أحضر آلاف العمال ومواد البناء اللازمة لبناء القلعة، وشارك هو نفسه ورجال دولته العمال في بناء القلعة، الأمر الذي أشعل الحماس في نفوس العمال ولم يتم مضي ثلاثة أشهر إلا وقد تم الانتهاء من بناء القلعة.

وتذكر المصادر التاريخية أن الإمبراطور قسطنطين توسل إلى السلطان محمد الفاتح لعدم إتمام بناء هذه القلعة التي تشكل خطر كبير على مملكته، كما حاول هدم القلعة والإغارة على العمال ولكن لم ينجح في ذلك.

قد يهمك هذا المقال:   السياحة في عجمان

مدفع أوربان

عرض المهندس أوربان على السلطان محمد الفاتح أن يقوم بصناعة مدفع ضخم يستطيع قذف قذائف بكميات هائلة كفيلة بتدمير أسوار القسطنطينية، ووافق السلطان على الفور وأمر بتزويد أوربان بجميع المعدات التي يحتاج إليها، وفي خلال ثلاثة أشهر استطاع الانتهاء من صنع المدفع.

حصار المدينة

بدأ حصار جيش السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية في 12 من رمضان 805 هجرية، وقام بنصب سرادقة للسلطان محمد الفاتح أمام باب القديس رومانويس، ووزع السلطان جنوده فوضع على يمينه الفرق الأناضولية، وعلى يساره الفرق الأوروبية، وفي الوسط الجنود الإنكشارية.

أما بالنسبة للأسطول العثماني الذي كان يتكون من 350 سفينة فألقى مراسيه في البوسفور، وبهذا نجح محمد الفاتح في محاصرة القسطنطينية براً وبحراً.

ومن ثم قام السلطان محمد الفاتح بمراسلة الإمبراطور قسطنطين لتسليم المدينة مع تعهده باحترام معتقدات وأملاك سكانها ولكنه رفض. اشتغل القتال بين كل من جيش السلطان محمد الفاتح وجيش الإمبراطور قسطنطين، وبدأت المدافع العثمانية تطلق قذائفها بشكل مكثف على سور القسطنطينية، وفي فجر يوم الثلاثاء 20 من جمادى الأولى 857هـ هاجم محمد الفاتح المدينة براً وبحراً واشتدت المعركة ونجح الأسطول في رفع السلاسل الحديدية التي وُضعت في مدخل الخليج ومن هنا دخل الجيش العثماني المدينة.

دخول محمد الفاتح القسطنطينية

عند دخول محمد الفاتح المدينة سجد لله شكراً على نجاحه في فتحها، وتوجه إلى كنيسة أيا صوفيا الذي احتمى فيها سكان المدينة ورهبانها ومنحهم الأمان، وقام بتحويل الكنسية إلى مسجد. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد تعامل الفاتح مع سكان المدينة بسماحه، وسمح لهم بحرية ممارسة عباداتهم دون التعرض لهم.

المراجع

  1. كتاب فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح، د. علي الصلابي.
  2. كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق إحسان حقي، محمد فريد.
  3. كتاب تاريخ الدولة العثمانية، على حسون.
  4. كتاب الدولة العثمانية دولة مفترى عليها، عبد العزيز محمد الشناوي.
  5. كتاب مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام، محمد عبد الله عنان.
قد يهمك هذا المقال:   السياحة في كوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *