التربية في الإسلام
إنّ الصالحة للطفل، هي بداية لنشأة أمّة صالحة مُصلحة، فمن أَحسنَ تربيته لطفله، حَسُنت حياته، وازدانت بالسّعادة، والتربية في تبدأ من الصِغر، حيث تكون بتوفير القدوة الحسنة للأطفال، وخلق الأجواء الملائمة لنموّهم بشكلٍ صحيح وسليم ضمن إطار الشريعة الإسلاميّة، وتكون أيضاً بتعليمهم مبادئ الحياة وفق قواعد محددة، وغرس القيم والأخلاق فيهم، فمن كان معلّماً مُحقّاً لطفله، صار صديقاً له في شيبته حين يَكبُر، فما معنى التربية، وكيف تكون تربية الطفل في الإسلام، وكيف تتم تربية الطفل على الإيجابية، وكيف يصبح الطفل قدوة، وكيف يكون الطفل مبدعاً؟؟ كل هذا سيتم توضيحه في هذا المقال إن شاء الله.
معنى التربية
- التربية لغةً: التهذيب، والتعليم، والتنشئة. معنى التربية لغة المعاني.
- التربية اصطلاحاً: هي كما عرّفها المختصون أنّها: (الرعاية والعناية في مراحل العمر الأدنى، سواء كانت هذه العناية موجهة إلى الجانب الجسمي أم موجهة إلى الجانب الخُلقي الذي يتمثل في إكساب الطفل أساسيات قواعد السلوك ومعايير الجماعة التي ينتمي إليها). معنى التربية اصطلاحاً الألوكة.
تربيةُ الطّفلِ في الإسْلام
إنّ من أهمّ الوسائل وأقواها لتنشئة جيلٍ ناجح، هو ربط الطفل بمبادئ الإسلام وأهمّها القرآن الكريم، حيث يتم غرس قِيَمِه ومبادِئِه فيه، فينبغي على الآباء المُربّين الحرص على توجيه أطفالهم لحفظِ كتاب الله تعالى، وتلاوته حقّ التلاوة، والعمل به، والاستشهاد فيه في سائر أعمال حياتهم.
ومن الأمثلة على ذلك: كان أنس بن مالك كلما ختم القرآن وأراد أن يدعو دعاء ختم القرآن الكريم، يجمع أبناءه، وصبيان حيّه ليُأمِّنوا على دعائه، حيث يُرسّخ في نفوسهم حُب وأهمية القرآن الكريم والعمل به، ومن الأمثلة أيضاً: أنَّ أنس بن الفرات الذي فتح صقلية رغم مسؤولياته التي تقع على عاتقه إلا أنه كان يُحفّظ ابنته أسماء ما يحفظ من القرآن الكريم، أما الأدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية فهي كثيرة؛ ومنها:
- من القرآن: يقول الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون). الأنفال: 27.
- من السُّنَّة النبوية: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، وذكر منها: أو ولد صالح يدعو له). رواه مسلم في صحيحه. لذلك ينبغي على الآباء أن يُربوا أبناءهم أحسن تربية كونهم أمانات لديهم، وأن يُدركوا أثرَ ، وأن يَغرسوه في نفوسهم، حيث سينغمس هذا تلقائياً في شخصيتهم ما دام الآباء على هذا الطريق.
تربيةُ الطفلِ على الإيجابيّة
إن الإيجابيةَ كلمةٌ عظيمة، فلا يستطيع الإنسان العيش بدونها، فمن خلالِها يستطيع أن يبنيا جيلاً فيه صفات الإيجابية مما يفرز للمجتمع جيلاً ناجحاً واعياً، ولتصبح المجتمعات الإسلامية مجتمعات مُنتجة، مُتفائلة، عاملة، مُجتهدة، سعيدة، ومن أهمّ الوسائل التي تَجعل من الطفلِ، طفلاً إيجابيّاً: القدوة الصالحة، ويتم تحقيق هذا في تربية الأطفال من خلال عدة أمور منها:د. ياسر نصر (سلسلة التربية فن وإدارة: من ص 6- ص 17) بتصرف.
- الإبتسامة: إن الإبتسامة خُلُق، فبقدر ما يبتسم المُربّي، يُصبح الطفل أكثر إيجابية وإنتاجية في المجتمع، فحتماً عندما يُشاهد والديْه مبتسميْن دائماً وإيجابييْن، فإنّ ذلك يؤدّي إلى تخلُّقه بهذا الخُلق العظيم.
- الابتعاد عن العبارات المثبّطة: إنّ إِسماع العبارات المثبطة والسلبيّة للأطفال من قِبل والديهم أمرٌ خطيرٌ في تربيتهم؛ لأنّه يؤدّي إلى تعويدهم من صغرهم على إطلاق الشّكاوى على أصغر الأمور وأبسطها مما يَجعل ذلك عادةً ملازمةً لهم في كِبرهم، حيث أنّهم لن يستطيعوا أن يُنتجوا أيّ شيئ ذا قيمة مع وجود مثل تلك العبارات.
- تفاؤل الوالديْن: هذا ينعكس لا إرادياً على الأطفال، ويتم ذلك بإسماعهم كلمات التفاؤل بشكل دائم، مُكثرين من عبارات التوكّل على الله، وسطور من التشجيع والإيجابية، هذا كله يؤدي إلى إعطاء الدافع لهم لبذل المزيد من الجِدّ والجهد والاجتهاد.
- التخلُّق بالأخلاق الإسلامية: هذا من جانب المعاملات، أيْ معاملة الآباء لأطفالهم، وغيرهم من الناس، كالبائع، والقريب، والجار وغيرهم، كوْن الطفل دائماً يراقب والديْه، لذلك يستقي منهما كيفية التعامل والتصرف، ومن هنا تبدأ الإيجابية الحميدة بالظهور عليه، والعلوّ بشخصيته الرائعة التي انتقلت من الوالديْن إليه.
- الاهتمام بالجانب التعبُّدي: إن العبادة هي الأساس لصناعة الإيجابية، وبناء شخصية القدوة الحسنة، كتعليم الطفل الطاعة على أنها تكون مطلقةً لله سبحانه، وتعليمه مراقبة الله عليه مما يجعل سلوكه أكثر اتزاناً، ومحادثته عن صفات الله عزّ وجل على أنه المُعطي، الرحيم وغيرها من الصفات، مما يجعله أكثر إنتاجاً في حياته بطريق الإيجابية، كونه يدمج أُسس حياته بطاعة الله والإستشعار بصفاته وعظمته.
تربيةُ الطفل على أن يكون قدوة
إن من أهم صفات القدوة: الحِلم، والصبر، والتوجيه بطريقة حكيمة، والقدرة على السيطرة على الانفعالات مع عدم اليأس، يقول الله تعالى في كتابه: (يأيّها الّذينَ آمَنوا لِمَ تقولونَ مالا تفْعلون، كَبُرَ مَقتاً عند الله أنْ تَقولوا مالا تَفعلون). الصّف: 2،3. لذا فإن القدوة كلها متعلقة بالوالديْن، فمتى كان الوالدان قدوة، يصبح طفلهم قدوة تبعاً، لذلك يجب على الوالديْن أن يصلحوا عُيوبهم، ويُغيِّروا من أنفسهم وبالذات أسلوبهم، كيْ يستقي طفلهم هذه الأخلاق بشكلٍ تلقائيٍّ منهما.د. ياسر نصر (سلسلة التربية فن وإدارة: من ص11 – ص13) بتصرف.
تربيةُ الطّفلِ على الإبداع
إنّ الإبداع لا يلزمه إلا قَدْرٌ بسيط من الذكاء، لإدخال الطفل إلى عالم الإبتكار والتميّز، وجعله يحترم قدراته ، ويفرغها بكلّ حب وامتنان لذاته، ولا بدّ أن يتمنى كل إنسان أن يكون طفله متميزاً، ومبدعاً، ومتفوقاً في كافة مجالات الحياة، لكن يجب عليه أن يُدرك أنّ القدرات تختلف بين طفل وآخر، وقد أثبتت الدراسات أنّ العوامل البيئية أثرها على الطفل أكثر من العوامل الوراثية، فهي تلعب دوراً كبيراً في تربية الطفل المبدع.
إنّ الطفل المبدع، هو الطفل الذي يستعمل كافّة حواسه، لاستكشاف كل شيء حوله، فهو مليئ بالأفكار، يُحبّ الاستطلاع كثيراً هذا ما يجعله دائماً يسأل: كيف؟؟ ولماذا؟؟ لأنه يفحص الأشياء ويربطها معاً، ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الآباء، أنهم دائما يُعرّضون أطفالهم للصمت؛ لأنهم ينزعجون من كثرة أسئلتهم التي أحياناً لم يَحم حولها أيّ جواب منطقي! لذلك يجب على الوالديْن أن يُشعرا طفلهما أنه ذو أهمية؛ لأن هذا الأمر يجعل ثقته بنفسه تَكبُر، ويصبح في إطار الأمان، والاستقرار، وتكون لديه الأرضية الخصبة ليتفتح، ويتلقّى، وينتج، ويبدع. ومن الخطوات التي تجعل الطفل مبدعاً ما يلي:د.محمد عبد الرزاق (تنمية الإبداع لدى الأبناء) بتصرف.
- تبدأ بحسن اختيار المدرسة للطفل؛ لأنّ المدرسة هي البيت الثاني له، حيث يكتسب منها أغلب اعتقاداته وأفكاره.
- تشجيعه على اختيار صحبة صالحة، طموحة تقوده نحو طريق التميز.
- النشاط الشكلي للطفل، يجعله أكثر تخيّلاً، حيث يبدأ الطفل برسم ما يُفكّر به، فإن كان سلبياً يستطيع حينها المُربي تغيير تلك الصورة التي رسمها للأفضل، مما يؤدي إلى تغيير أفكاره أيضاً للأفضل.
- أن يذكر المربي قصص الناجحين الكبار أمام طفله، كابن سينا، والخوارزمي، وجابر بن حيّان وغيرهم، هذا يجعل الطفل أكثر حماساً ليبدأ مُحلِّقاً نحو الإبداع.