الدولة الأموية
تعتبر الدولة الأموية أكبر دولة إسلامية وثاني خلافة في تاريخ الإسلام بعد انتهاء الخلافة الراشدية، وهي تعد واحدة من أقوى الدول الحاكمة في العصر الإسلامي القديم، وقد كانت عاصمة الدولة الأموية في دمشق، حيث حكم الأمويون البلاد الإسلامية من سنة 41ه أي 662م وانتهت في 132ه أي 750م، وقد مرت الدولة الأموية في مراحل مختلفة من الازدهار والتراجع، حيث بلغت ذروة اتساعها وتمددها في عصر الخليفة الأموية هشام بن عبدالملك، الذي كان له عظيم الأثر في امتداد الدولة الإسلامية وواتساع حدودها لتصل إلى الصين في الشرق وفرنسا في الغرب، وقد توالت الفتوحات آنذاك لتشمل إفريقيا والأندلس”إسبانيا” والمغرب والهند وجنوب الغال والسند وبلاد ما وراء النهر.
وقد شهدت الدولة الإسلامية أكبر الفتوحات في عهد الدولة الأموية وكان ذلك في عهد الوليد بن عبدالملك الذي أتم فتح المغرب والأندلس، كما فتحت السند بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، واستطاع القائد قتيبة بن مسلم فتح بلاد ما وراء النهار، ثم جاء الخليفة سليمان بن عبدالملك الذي ضل مرابطًا في مرج دابق للسيطرة على حصار القسطنطينية إلى أن توفاه الله هناك، ثم أتى الخليفة عمر بن عبدالعزيز صاحب السيرة الحسنة بين الخلفاء الأمويين، ثم تولى الخلافة ابن عمه يزيد بن عبدالملك ثم تولى الخلافة أخوه هشام بن عبدالملك الذي شهدت الدولة الأموية في عهده الكثير من الإستقرار والازدهار حيث طالت فترة حكمه لها إلى أن توفي وانقلب حال الدولة الأموية بعده والتي استلم حكمها مروان بن محمد الذي أحدث عهده توترًا عنيفًا في البلاد وحركات واسعة من القمع والثورات والإنقلابات وبقي الحال كذلك إلى أن دخل الخليفة مروان بجيشه في معركة الزاب ضد العباسيين، والتي انتصر فيها العباسيون وقتل فيها الخليفة مروان وانتهت بذلك فترة الحكم الأموي للدولة الإسلامية لتتولى الدولة العباسية قيادة العالم الإسلامي. وفي هذا المقال سيتم الحديث عن سبب تسمية الدولة الأموية بهذا الاسم، وبعض أسباب إنهيار الدولة الأموية الدولة الأموية.
تسمية الدولة الأموية بهذا الاسم
يعود سبب تسمية الدولة الأموية بهذا الاسم إلى أصول الخلفاء الذين توالى حكمهم فيها؛ حيث تنحدر أصولهم جميعًا إلى “بني أمية” بن عبد شمس والتي تعود أصولها إلى قبيلة قريش من أشراف العرب، وقد سارع الخليفة الأموي الأول “معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه-” إلى تأسيس هذه الدولة الأموية بعد الصراع الذي حدث بينه وبين الصحابي الجليل “علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-“.
الحركة العلمية في الدولة الأموية
رغم أن الدولة العباسية كانت بمثابة العصر الذهبي للحركة العلمية في الدولة الإسلامية إلا أن الدولة الأموية استطاع إرساء أساسيات التراث العلمي، وازدهرت في عصرهم العلوم والآداب بأنواعها، حيث قام الخليفة عبدالملك بن مراون بتطوير الحركة العلمية وتنشيطها وترسيخ قواعد اللغة العربية وزيادة رقعة انتشارها في البلاد حيث انتشرت بشكلٍ كبير في مشارق الأرض ومغاربها لتصبح لغة رسمية في كثيرٍ من البلاد في العالم. كما أن شهدت الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الأموية بناء العديد من المستشفيات والمدارس، وقام علماء الدولة الأموية بتدوين العلوم المختلفة في كتب، بالإضافة إلى تعريب العلوم المدونة، كما تم إنشاء أول مدرسة حكومية في عصرهم، وأقيمت العديد من الالبيمارستانات الخاصة بذوي الإحتياجات الخاصة والتي تعنى بالعناية بهم وتقديم الرعاية الدائمة لهم.
أسباب سقوط الدولة الأموية
يرجع سبب انهيار الدولة الأموية إلى مجموعة من الأسباب المباشرة والتي لعبت دورًا أساسيًا في إسقاط الدولة الأموية تدريجيًا، ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:
- ظهور العصبية القبلية انتشارها بشكلٍ ملحوظ بين أفراد القبائل العربية وخصوصًا خلفاء بني أمية، وظهر ذلك جليًا عقب وفاة الخليفة يزيد بن عبدالملك.
- تركيز بعض الخلفاء الأمويين على مظاهر الترف والبذخ المبالغ به، بالإضافة إلى حبهم الكبير للملذات والمتعة واتباع سبل اللهو وصرف الكثير من الأموال عليها.
- تراجع الحكم الديني وفق الشريعة الإسلامية في أواخر فترة الخلافة الأموية، حيث ابتعد خلفاء بني أمية عن الحكم بالشريعة الإسلامية وما يري الله، ومن ذلك أنهم تراجعوا عن إمامة المسلمين في مواسم الأعياد وباقي الصلوات الأخرى، بالإضافة إلى تخليهم عن مرافقة الناس في مواسم الحج، مما أحدث فجوة كبيرة بين الحاكم “الخليفة” والرعيّة، حيث كانت تلك المراسم تخلق جوًا من الألفة والتقارب والمحبة بين الخليفة والرعية.
- تراجع الأوضاع الإقتصادية في الدولة الإسلامية وانتشار الفقر بين الرعية وزيادة الضرائب، كما أدت الأوضاع الإقتصادية إلى تأخر تسليم رواتب الجنود داخل الدولة الأمر الذي أضعف انتمائهم للقيادة الأموية وأصبحوا يتطلعون للخروج على الدولة الأموية وعمل بعض البلبلة والإنقلابات والثورات على الدولة وقادتها الأمويين.
- حدوث الصراعات والعراكات الداخلية بين خلفاء بني أمية وتنازعهم على السلطة والحكم، الأمر الذي أدى إلى زرع الكراهية والفتنة بين صفوفهم، وبدء التخطيط لمؤامرات داخلية للإيقاع ببعضهم البعض، مما أضعف كيان الدولة الأموية وطمّع الجهات الخارجية فيها.
- منح الخلافة لإثنين من الحكام معًا في وقتٍ واحد أدى إلى حدوث صراعات في الحكم واختلاف في وجهات النظر بينهما.
- ظهور الكثير من الخلافات والنزاعات المذهبية والتي قسمت الدولة الأموية إلى أجزاء كثيرة أهمها المناصرون لبني أمية والذين يتبعون في غالبيتهم إلى السنة، وهناك المناصرون العلويين والذي يتبعون في غالبيتهم إلى الشيعة، هذا بالإضافة إلى جماعاتٍ أخرى كالخوارج والعباسيين الذي أوقعوا بالدولة الأموية فيما بعد.
- عدم اكتراث الحكام الأمويين بامر انتشار الدعوة العباسية في البلاد الأموية وإهمالهم لموضوع انتماء الكثير من المسلمين إلى العباسيين، الأمر الذي أدخل الدولة الأموية في تراجع كبير وتدهور مقابل تنامي الدولة العباسية الحديثة وزيادة توسعها في البلاد وتنامي أعداد المنتمين إليها من المسلمين والتي كانت تمهّد الطريق للإستيلاء على الحكم لاحقًا.