تعريف الثقة بالنفس
توصف الثقة بالنفس بأنها معرفة الذات والإيمان بإمكانيات الفرد وقدراته، وبحسب المعالج النفسي إيزابيل فيليوزات، هناك أربع مراحل ضرورية لتنمية الثقة بالنفس: الأمن الداخلي، معرفة الاحتياجات، اكتساب المهارات، اعتراف الآخرين بهذه المهارات.
عندما يعرف الشخص نفسه يستطيع تقبلها ويكون قادرة على الثقة بنفسه أكثر من الشخص الذي يعاتب نفسه؛ لأنه يحس بأن مقومات شخصيته تخذله أمام المواقف الحرجة.
تتطور على مدار حياة الفرد، خاصة خلال فترتي الطفولة المبكرة والمراهقة، ويتوقف الأمر كثيرًا على دور الأسرة والآباء في حياة المرء، ولا بد أن كل إنسان مرَّ بتجربة فقدان الثقة بالنفس، والتي تظهر من خلال مشاعر الخجل والارتباك أمام الآخرين.
ما الثقة بالنفس؟
يطرح الكثير من الناس هذا السؤال، وتختلف إجاباتهم وفقًا لخبراتهم وتجاربهم، ويعتقد معظمهم أن الأمر يتوقف على بعض المشاعر والعواطف التي تظهر بين الحين والآخر دون أن يدركها الآخرون من حولهم، غير مدركين أن الثقة بالنفس تنعكس يوميًّا على المواقف والتصرفات.
ليس من السهل إعطاء تعريف دقيق لماهية ثقة الإنسان بنفسه؛ لكن هناك مجموعة من العناصر التي نستطيع من خلالها التعرف على ثقتنا بأنفسنا في مواجهة الأحداث والتحديات غير المتوقعة.
إن الثقة بالنفس تعني وثوق الشخص في قدرته على الاختيار واتخاذ قرار والتصرف والرد والتكيف مع التغييرات التي تطرح أو حتى تفرض عليه. يقول الخبراء إن تعزيز الثقة بالنفس يبدأ من تكوين قناعة داخلية تقول للشخص إنه يستحق أن يكون سعيدًا، وتنطلق الثقة النفس من صحوة لاستبطان الإجابة عن سؤال من أنتَ ومن أنتِ؟ لكن هذه الصحوة لا يمكن تعزيزها إلا بممارسة تكرس الثقة بالنفس.
فعدم القدرة على مواجهة ما تقدمه الحياة كمشاريع وتحديات، والخوف الدائم من أحكام الآخرين ونظراتهم، هو نوع من الخوف الذي يدفع المرء للانسحاب والاستسلام مفضلًا الخيارات المعدة سلفًا والأقل طموحًا.
أعراض عدم الثقة بالنفس
يمكن التعرف على الأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقة بأنفسهم، رغم أن العديد من الحالات تكون كامنة، من خلال السلوك والكلمات والمواقف التي يستخدمونها ويلجؤون إليها.
فالإحساس المفرط بالدونية يسبب هشاشة الشخصية، ويغذي الشعور بالإحباط؛ إذ يعد الأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقة بأنفسهم أنهم سلبيون وأعمالهم كلها محكوم عليها بالفشل، وأنهم غير قادرين على القيام بأشياء ذات أهمية. والأعراض الأكثر شيوعًا هي التأتأة والشحوب والارتعاش والاحمرار ، رغم أن عجرفة بعض الناس قد تخفي عليهم وعلى الآخرين هذه الأعراض.
لماذا يفقد الناس ثقتهم بأنفسهم؟
تنبع عدم الثقة بالنفس من الخوف من موقف أو وضع قد يسقط فيه المرء لو اعتمد على نفسه وأقدم على فعل أو اتخذ قرارًا، وهناك مواقف كثيرة يتجنب الإنسان الوقوع فيها، (أن يُتخلى عنك، أن تُرفض، أن تُهان، أن تفقد السيطرة، أن تكون وحدك، أن تكون سخيفًا، أن تتعرض للخيانة أو خيبة الأمل، أو الإحباط أو الشعور بالذنب، أو الفشل الخ …). فتخاف من القيام بشيء ما أو من فقدان شيء ما، مادي أو معنوي، ونظرًا للتلازم بين الخوف من اتخاذ القرار والخوف من الفقدان، فهناك محاولات تفسيرية ربطت هذين الخوفين بالحماية الزائدة التي تبعد الشخص عن مواجهة الواقع وحياته اليومية، فعلى الأرجح يكون هذا الإبعاد بنية حسنة؛ لكنه يدفعك إلى عدم عيش حياتك بشكل طبيعي؛ على سبيل المثال قد تصل حماية الآباء لأطفالهم إلى درجة التخطيط لكل تفاصيل حياتهم، وغالبًا ما يستبدلون بأحلامهم الخاصة أحلام أطفالهم وآمالهم.
وفقًا لهذه التفسيرات فإن تؤدي دورًا كبيرًا في تكوين الشخصية، قد يكون لديك كشخص بالغ مخاوفُ ومركباتُ نقصٍ كأي شخص، لكن اعلم أن جزءًا كبيرًا منها تَكَوَّنَ لديك منذ الطفولة، فمحيطك وأصدقاؤك وأحباؤك هم مصدر ثقتك أو انعدام ثقتك بنفسك، فقد ينقل المقربون منك عدم ثقتهم بأنفسهم.
لذلك يقول الخبراء إن الثقة بالنفس هي حالة من “الأمن الداخلي” مرتبطة بالتمثيل الذاتي، والصورة الذاتية هي الوصف الذاتي الذي يستوعبه المرء عن نفسه، فهي وثيقة الصلة باحترام الذات.
الثقة بالنفس واحترام الذات
احترام الذات هو حكم عاطفي عن التمثيل الذاتي، وهي الطريقة التي نحب بها الصورة التي لدينا عن أنفسنا، واحترام الذات هو احترام كلي ومتعدد، يختلف باختلاف أبعاد هُويتنا الشخصية؛ أستطيع أن أحب نفسي بطرق مختلفة وفي مواقف مختلفة، وقد لا أستطيع أن أحب نفسي في الأشياء والمواقف كلها، وأقدر ذاتي انطلاقًا من حقيقة أنني كأي إنسان جيد في أشياء ومتوسط أو حتى سيئ في أخرى، ولا أكترث إن كنت لست الشخص المناسب لكل شيء.
وهناك اختلاف كبير بين احترام الذات والثقة بالنفس، فالثقة بالنفس تستمد من احترام الذات، الذي يعرف الصعود والهبوط وفقًا لطريقة تدبير الصعوبات والمشاكل اليومية وسبل تحقيق الأهداف وطريقة استجابة الإنسان للفشل والنجاح. ويجب متابعة البحث المستمر عن احترام الذات؛ لأنه لا يكتسب دفعة واحدة أو مرة واحدة إلى الأبد؛ إذ يجب على المرء أن يكون على بينة من المخاطر، التي تهدد احترام الذات وتقديرها، فقد تحجب النجاحات والإخفاقات حقيقة الذات؛ بل إن الانتقادات والأحكام الصادرة عن المحيط والأقارب تؤثر في تقدير الذات.
كيف تعزز ثقتك بنفسك؟
هناك اختلافات طبيعية بين الناس تظهر في جميع المجالات، فبعض الناس لديهم ثقة فطرية في أنفسهم وبعضهم الآخر يفتقرون إليها، فيكونون مضطرين إلى والتمرن عليها؛ لأن الاختلافات بين الناس ليست طبيعية فقط بل جزء كبير منها نابع من المحيط وبيئة التربية، بل إن الكثير من الحوادث والظروف المعيشية تؤدي إلى فقدان الثقة في النفس؛ لهذا السبب فإن الكثير من الناس يصرون على استعادة ثقتهم بأنفسهم وتعزيزها، ويحث خبراء علم النفس و التربية على ضرورة اكتشاف حدود الشخصية ونقاط قوتها ونقاط ضعفها لإعادة بناء نظرة صحية عن الذات بصرف النظر عن درجة الثقة في النفس.
إن التوجيه العام الذي يجمع عليه الخبراء يقول لك لا تشعر بالذنب تجاه طريقتك في الوجود، أنت كما أنت وقد بنيتَ نفسك وبذلتَ قصارى جهدك وفق ما لديك من إمكانات، وبإمكانك دائمًا تطوير شخصيتك في كل مرحلة من العمر، وتذكر أن الثقة بالنفس هي عدم الشعور بالعجز، إما بوعي أو بغير وعي؛ لذلك يتطلب منك الإيمان العميق بقدرتك على التصرف.