جزر مارشال
جزر مارشال هي دولة تقعُ في غربي المحيط الهادئ بالقربِ من خط الاستواء، وتبعدُ مسافة 5,500 كيلومترٍ تقريباً عن . تتبعُ جزر مارشال جغرافياً لأرخبيلٍ كبيرٍ من الجزر يعرفُ باسم ميكرونيزيا، ولكنَّها دولة قائمة بذاتها وذاتُ سيادة. ويبلغُ عدد الجزر التي تتألَّفُ منها الدولة 1,156 جزيرة، إلا أنَّ الكثير منها صغيرة جداً وغير مأهولة. يعيشُ في جزر مارشال 53 ألف إنسانٍ تقريباً، أكثر من 50% منهم يسكنون العاصمة ماجورو، وحوالي ثلاثة أرباعهم يعيشُون في مدنٍ مُنظَّمة. ومعظم مواطني الدولة الحاليّين تعودُ جذورهم إلى السكان الأصليّين الذين قطنوا الجزر منذ القِدَم، كما أنَّ فيها أقليَّات بسيطة من المهاجرين الجُدد الأمريكيّين والصينيّين والفلبينيين. وللدولة لغتان رسمتان هما الإنكليزية والمارشالية، وهي لغةٌ للسكان الأصليين تنتمي لعائلة اللغات الملايوبولينيزية (المنتشرة في جزر المحيط الهادئ الأخرى). ومعظم المارشاليِّين يعتنقون الدين المسيحي.
تاريخ جزر مارشال
التاريخ القديم
وصلَ البشر إلى جزر مارشال للمرَّة الأولى خلال الألف الثاني قبل الميلاد، عندما استوطنَ فيها شعبُ الميكرونيزيين الذين هاجروا إليها من جزرٍ أخرى قريبة في المحيط الهادئ مستعنين بخرائطهم التقليدية المصنوعة من أعواد الخشب. وقد كانت الهجرة إلى جزر مارشال مترافقةً مع هجرة البشر الأولى إلى كافَّة جزر المحيط الهادئ مجيئاً جنوب شرقي آسيا، وذلك قبل 3,000 عامٍ تقريباً. وتاريخ الجزر في هذه الحقبة ليس معروفاً جيداً بسبب النقص التوثيق والتدوين قبل وصول الأوروبيين.
الاستعمار الأوروبي
وصل الأوروبيّون إلى جزر مارشال في نحو عام 1520، وكان أولهم المستكشفُ البرتغالي الشهير فرناندو ماجلان (والذي كان يخدمُ التاج الإسباني)، ومن ثمَّ المستكشفان الإسبانيَّان خوان سباستيان إلكانو وميغول دو سافيردا. إلا أنَّ اسم الجزر الحاليِّ جاء نسبةً للقبطان البريطاني جون مارشال، الذي زار الأرخبيل في عام 1788 خلال رحلةٍ له من أستراليا إلى الصّين.
وقد تُرِكَ سكان الجزر الأصليّون في فترة الاستكشاف الأوروبي ليعيشوا حياتهم بسلام، إذ لم يكترِث الأوروبيّون كثيراً بالتدخّل في شؤون السكان الأصليِّين ما عدا إرسالهم لبعضِ البعثات التبشيرية. وقد استمرَّت هذه الحال المسالمة حتى عام 1874، عندما طالبت إسبانيا بحقّ السيادة على الجزر لإلحاقها بمانيلا (وهي عاصمة آنذاك في الهند الشرقية).
إلا أنَّ الإمبراطورية الألمانية حاولت إلحاق الجزر بأملاكها في الوقت نفسه زاعمةً أنها “غير مأهولة”، وكان من الممكن أن يتحوَّل الخلافُ بين الإمبراطوريَّتين إلى حرب، ومن ثمَّ وقَّعتا صفقة في عام 1885 انتهت ببيع الجزرِ إلى ألمانيا مقابل 4.5 مليون دولار. ونتيجةً لهذه الصفقة تحوَّلت جزر مارشال إىل محميَّة دولية، وأُسِّسَت مراكز تجارية على شواطئها في جزيرتَيْ جالويت وإيبون للمتاجرة المُجفَّف.
الدولة الحديثة
خلال الحرب العالمية الأولى، احتلَّت اليابان جزرَ مارشال، ومن ثمَّ انتقلت إلى الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية عام 1944، وابتدأت الحكومة الأمريكية فيها تجاربَ للسلاح النوّوي منذُ عام 1946 وحتى 1958. وفي عام 1965 أشرفَت الحكومة الأمريكية على إنشاء هيئة ميكرونيزيا التشريعية لمنحِ الاستقلال لجزر المحيط الهادئ، ونالت جزر مارشال سيادتها الذاتية في عام 1979 واستقلالها الرسمي في 1986.
حالياً، تعتبرُ جزر مارشال جمهورية رئاسيَّة مستقلَّة في علاقة تصاحبيَّة مع الولايات المتحدة: حيثُ أن الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولةً عن توفير الحماية العسكرية والخدمات البريدية وخدمة الاتصالات الفيدرالية. والعملة الرسمية للجزر منذُ استقلالها هي الدولار الأمريكي.
الجغرافيا
تقعُ جزر مارشال في غربي المحيط الهادئ، بمنتصفِ المسافة تقريباً بين قارة أستراليا وجزر هاواي الأمريكية، وهي تتكوَّن من قمم جبالٍ بركانية صعدت تدريجياً من قاع المحيط على مرِّ ملايين السنين. وتحيطُ بجزر مارشال العديد من جزر المحيط الهادئ المأهولة، مثل ميكرونيزيا وكيريباتي وناورو، كما أنَّ بجوارها جزيرة ويك المرجانية التي تعتبرُ السيادة عليها موضعَ خلافٍ بين الحكومة المارشالية و.
وتتبعثرُ جزر مارشال على مساحةٍ شاسعة من المحيط، فهي لا تتألَّفُ سوى من 29 جزيرة مرجانية وخمس جزرٍ متباعدة (وما عدا ذلك معظمها جزرٌ صغيرة جداً لا يمكنُ السكنُ فيها)، ولا تتعدَّى مساحتها 190 كيلومتراً مربعاً، إلا أنَّها تشغلُ مساحةً من المحيط تفوقُ ذلك بألفَيْ مرَّة. ولا يسكنُ البشر سوى 24 جزيرة من جزرِ مارشال، واما الجزرُ الأخرى فهي غير صالحةٍ للسكن إما بسببِ ظروف المعيشة الصعبة أو نقصِ الأمطار أو التلوّث النووي.
ويعتبرُ المناخ في جزر مارشال موسمياً، إذ يكون جافاً في الشتاء ورطباً في الصيف. وكثيراً ما تولدُ الأعاصير في جزر مارشال كعواصف استوائية، ومن ثمَّ تنتقلُ منها غرباً إلى جزر الماريانا والفلبّين حيثُ تزداد شدّتها وقوتها التدميرية.
وجزر مارشال مُهدَّدة حالياً بارتفاع منسوب مياه البحر الناتج عن الاحترار العالميّ، فهيَ قد تكون واحدةً من أكثر دول العالم المُهدَّدة بهذه الظاهرة. كما أنَّ الجزرَ تواجهُ خطرَ الجفاف بسبب عدم حصولها على الماء العذب من أيّ مصدرٍ سوى مياه الأمطار، التي لم تَعُد كافيةً لتغطية احتياجات السكان المتزايدين.
الاقتصاد
تفتقرُ جزر مارشال إلى أيّ موارد طبيعية ذات قيمة اقتصادية، حيثُ أنَّ مقدارَ ما تستورده من المنتجات يتجاوزُ بكثيرٍ ما يمكنها إنتاجه (بنسبة واحدٍ إلى اثنين تقريباً وفقاً لقيمتها المالية). ولهذا السبب، فإنَّ اقتصاد الجزرُ يقوم بالدرجة الأولى على الخدمات، مثل وغيرها، كما أنَّها تعتمدُ بنسبةٍ بسيطة على الزراعة وصيد الأسماك، وكذلك على المعونات المالية الأمريكية، التي تُمثّل نصيباً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي.
يأتي معظمُ الإنتاج الزراعي لجزرُ مارشال من مزارع صغيرة لمُلاّك بسطاء، وأهمّ منتجاتها هو “الكوبرا” (Copra) أي جوز الهند المُجفَّف، بالإضافة إلى جوزِ الهند وفاكهة الخبز والموز والطماطم والشمَّام وثمرة التارو. وأما الصناعة فهي في معظمها مُكرَّسةٌ لإنتاج الكوبرا (جوز الهند المُجفَّف) أو لتعبئة التونا أو لتوفير الخدمات السياحية. ويعتبرُ صيد السمك من أهمِّ دعائم اقتصاد الدولة، حيثُ أن العاصمة ماجورو هي أكبرُ ميناءٍ لتعبئة التونا في العالم وقد عُبِّءَ أو حُمِلَ أو نُقِلَ من خلال مينائها ما يعادلُ 444,393 طنّ من في عام 2015.
قُدِّرَ الناتج المحلي الإجمالي للجزر في عام 2016 بـ180$ مليون دولار، فقد بلغت نسبة نموّه 1.7% سنوياً، وبلغ الناتج المحلي للفرد الواحد 3,300$ دولار أمريكي.
المواصلات
تحتوي جزر مارشال مطاراً دولياً في العاصمة ماجورو، ومطاراً عسكرياً تابعاً للولايات المتحدة، بالإضافة إلى عددٍ من المطارات أو المُدرَّجات الجوية الصغرى الخاصة والحكومية والعسكرية التي تُغطِّي مختلف الجزر. كما أنَّ من الشائع التنقّل بينها بالسّفن والزوارق. ولا تتواجد الطرق المُعبَّدة إلا في العاصمة والجُزُر الكبرى، حيثُ لا يتعدَّى طولها 65 كيلومتراً في كامل الدولة، وأما في الجزر الصّغرى فإنَّ الطرق تُبنَى من الحجارة والمرجان وغيرها من الموادّ البسيطة المتوفّرة.