جزيرة الشيطان

كان الاعتقاد من زمن قريب أن جزيرة الشيطان، ما هي إلا مجرد مرعب، تم صناعته من أجل التسلية والترفيه فقط، ولكن ما تم اكتشافه فيما بعد، يصل إلى حد الرعب والفزع، فقد اتضح أن جزيرة الشيطان تلك عبارة عن مكان يتم به تعذيب الأرواح بلا رحمة، فهو بحق جزيرة يعيش على أرضها الشيطان، أو إذا صح القول الشياطين، فمن يقوم بهذه الأفعال بالبشر لا يصح أن يطلق عليه سوى هذا الاسم الذي يليق به كليًا.

لماذا سميت بجزيرة الشيطان

باتجاه سواحل مقاطعة غويانا الفرنسية تقع جزيرة الشيطان، و قد سميت تلك الجزيرة بهذا الاسم، بسبب تلك الظروف التي عاشها بعض البشر على تلك الجزيرة من أوقات أشبه بأوقات الموت، فالجزيرة عبارة عن قطعة صخرية تصل مساحتها إلى أربعة و ثلاثون فدان، كما يصل ارتفاعها إلى تسعة عشر مترًا فوق سطح البحر، و يوجد حول تلك الجزيرة مجموعة من الجزر الصغيرة، و يعد تلك الجزيرة استوائي، كما تصل درجة الحرارة هناك إلى 27 درجة، و تسقط فيها الأمطار بمعدل 340 سنتيمتر في السنة.

قصة تلك الجزيرة والممارسات اللا إنسانية عليها

بدأت القصة في عام 1852 ميلادية، عندما تم تهيئة تلك الجزيرة الوحشية ليقيم بها كل من يقومون بأي أفعال مخالفة للقانون داخل الحدود الفرنسية، و كانت تلك الجزيرة هي إحدى الجزر العديدة التي تم إنشائها لهذا الغرض، على يد نابليون الثالث، و مع الوقت تحول هذا المكان من سجن عادي يتم فيه اعتقال المجرمين، إلى كابوس مفزع لا يمكن تصوره.

قد يهمك هذا المقال:   السياحة في طرابزون

فقد كان يمارس فيه كل أنواع العنف بين المساجين و بعضهم البعض، و ما زاد الأمر سوء هو أن تلك السجون كانت تجمع بين القتلة و السفاحين مع أصحاب العقوبات البسيطة، أو السياسيين، و هو ما يعني المزيد من الوحشية في التعامل، كما أن الأمراض جميع الأمراض الاستوائية القاتلة انتشرت بصورة سريعة جدًا في المكان، و للأسف كانت وسائل العلاج شبه معدومة، كذلك قلت موارد الطعام و زاد الجوع، مما كان يتسبب بموت الكثير من السجناء، بسبب عدم الرعاية اللازمة من علاج و غذاء و راحة، و كان الإجراء الوحيد الذي يتم اتخاذه عند موت أحد السجناء هو إلقائه بالبحر ليكون طعامًا القرش، و قيل أنه كان هناك بعض الصافرات التي يتم إطلاقها لكلاب البحر حتى تتجمع من أجل تناول وجبتها التي تعتبر جثث المساجين الذين لقوا حتفهم.

كان المسئولين عن تلك السجون يقومون بفرض الأعمال الشاقة والمرهقة على السجناء كتقطيع الأشجار و حفر الخنادق و نقل الأحجار الثقيلة و غيرها من الأعمال شديدة الصعوبة، و من كان يعجز عن القيام بتلك الأعمال يقوم المسئولون بتعذيبه أبشع أنواع العذاب، الذي كان يصل إلى الموت كما كانوا يقومون بمنعه من تناول الطعام حتى يعاني المسجون من شدة الجوع مما يجعله يرضخ لرغباتهم و ينفذ أي عمل يطلب منه، لذلك فقد أطلق على هذا المكان (المقصلة الجافة). حيث كان السجناء يشاهدون الموت في كل ركن من أركان ذلك السجن.

محاولة الفرار من الموت

وسط كل هذه الأجواء المدمرة، حاول الكثيرون الهرب من هذا الجحيم و النجاة بحياتهم، حتى أن إحدى تلك المحاولات قد نجحت فعلًا و تمكن بعض السجناء من الهرب عن طريق مركب صغير و كان هذا في عام 1921، إلا أن أغلب المساجين كان يرون أمر الهروب من السجن هو أشبه بالمستحيل نتيجة للحراسة الشديدة داخل السجن و خارجه، و في عام 1944 نجح أربعة سجناء أخرون في الفرار من ذلك المكان، و كان هذا بواسطة سفينة تجارية تمت سرقتها لتلك المهمة.

قد يهمك هذا المقال:   السياحة في جيبوتي

إثارة الرأي العام الفرنسي

في عام 1938 تمكن أحد الهاربين من هذا المكان الموحش من كتابة مذاكراته و ذكر كل ما قد حدث بالتفصيل في هذا المكان، ثم قام بنشر تلك المذكرات في إحدى الصحف وفي الصباح التالي لانتشار الصحيفة ثار مطالبًا بالتحقيق بالأمر، مما جعل الحكومة الفرنسية تضطر لإيقاف إرسال المساجين إلى هناك، و تم أخيرًا إغلاق جميع تلك السجون.

مزار سياحي

بعد إغلاق تلك السجون، تم إعادة ترميمها لتكون مزارًا سياحيًا، شاهًدا على تلك الجرائم التي كان يتم فيه قتل الإنسانية بشتى الطرق، و يجد هذا المزار السياحي إقبال كبير من السائحين من جميع أنحاء العالم، ما يقرب من خمسون ألف سائح سنويًا، كما تم تحويل الجزيرة إلى مركز قضائي تابعًا لمقاطعة غويانا و كان هذا عام 1965 ميلادية، حتى أنه لم يعد هناك أثر لهذا الكابوس المزعج سوى بعض الجدران الشاهدة على جميع الجرائم التي تمت خلفها.

أشهر من اعتقلوا بهذه الجزيرة

يعد ألفريد دريفوس، أحد المسؤولين بالجيش الفرنسي، و الذي تم إرساله إلى هناك عن طريق الخطأ، في عام 1895 ميلادية، واحدًا من أشهر من عاشوا داخل سجن تلك الجزيرة، و قد قضى هناك أربعة أعوام من العذاب المستمر و الوحدة التي قد تصل بصاحبها إلى الجنون، حيث أنه قد قضى تلك السنوات الأربع داخل حبس انفرادي، و لكنه قد تحرر في عام 1899 ميلادية.

سكان الجزيرة يعيشون أحداث غامضة أقرب إلى الرعب

بعد مرور فترة طويلة على أحداث تلك الجزيرة، قررت بعض الأسر أن تسكن تلك الجزيرة و التي وصل عددها إلى عشرون أسرة، إلا أنهم صاروا يتحدثون عن بعض الأمور الغريبة التي تحدث في الجزيرة، منها أنهم بعد أن سكنوا الجزيرة أرادوا أن يعرف البحارة مكان الجزيرة حتى تنتعش حركة التجارة و الحياة على تلك الجزيرة، و لذلك فقد فكروا منارة تمكن البحارة من ذلك، و قد أوكلوا مهمة طلاء تلك المنارة لواحد منهم، و قد لاحظ ذلك الرجل بعد أن انتهى من عملية الطلاء، و على الرغم من وجوده وحيدا بالمكان أن هناك آثار أقدام فوق سلم المنارة، و عندما دخل إلى المنارة لم يجد أحدا بداخلها !! حتى أن أحد سكان تلك الجزيرة و يدعى كاسبر هانبيري أقسم أنه قد رأى الشيطان بعينه، و هناك من شاهد الشيطان و هو مقتول و معلق فوق شراع القارب الذي كان يمتلكه.

قد يهمك هذا المقال:   ما هي عاصمة الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *