القراءة
تعد بمثابةِ أسلوبٍ معرفي يعتمد بشكلٍ رئيسي على تفكيك الحروف في اللغة لغايات الوصول إلى معنى محدد وبالتالي الاستيعاب والإدراك والفهم، ويشار إلى أن القراءة جزء لا يتجزأ من اللغات أجمع، ويمكن وصف اللغة بأنها مزيج من الحروف والرموز والأرقام المستخدمة بشكلٍ واسع بين الأفراد لغايات التواصل، وتعد القراءة واللغة و عناصر مكملة لبعضها البعض لتحقيق أهداف كل منها، وقد ظهرت العديد من طرق القراءة وتسهيلها، وانطلاقًا من أهمية القراءة فقد تجلّت طريقة برايل للقراءة للمكفوفين، كما أن هناك سبل متعددة للقراءة في الحياة، وقد اتخذت القراءة مكانة مرموقة لدى العرب والمسلمين على وجه الخصوص منذ القدم، فقد تجلى حب القراءة عند المسلمين بعد نزول أول آيات على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- في غارِ حراء، وفي هذا المقال سيتم التعمق في حب القراءة عند المسلمين وأهميتها في حياة الأفراد بشكلٍ عام.
تنقسم القراءة إلى عدةِ أنواع وفقًا للهدف وطريقة الأداء وماهية المادة المقروءة، وفيما يلي أهم هذه الأنواع القراءة الصامتة والجهرية، ويكمن الفرق بينهما بمستوى صوت القارئ خلال قيامه بعملية القراءة، ففي الصامتة تكون القراءة تفتقر لتحريك الشفاه وإصدار الصوت، بينما القراءة الجهرية تتطلب سماع الآخرين لما يقوم القارئ بقراءته، وبغض النظر عن نوع القراءة المستخدم؛ إلا أن هناك مجموعة من المبادئ التي تنطوي عليها القراءة بشكلٍ عام، وهي قراءة:
- ضرورة التعرف على طريقة تهجئة الكلمات والحروف وربط الجملة بأسلوبٍ سليم يخلو من الخطأ.
- وجوب استيعاب محتوى النص وفكرته الرئيسية للتمكن من تحقيق هدف القراءة سواء كان تعليمي أو لغايات الاستمتاع فقط.
- الانتباه للمادة المقروءة يسهم في فهمها بكل سهولة.
- الحفاظ على الاستمرارية والمداومة على القراءة لرفع جودتها.
- الأخذ بعين الاعتبار ضرورة ضبط القراءة بالاعتمادِ على درجة الاستيعاب ووفقًا لنوع المادة المقروءة بين يديه.
- القراءة ضرورة من ضروريات الحياة وليست هواية كما يعتقد البعض.
أهمية القراءة
تتمثل أهمية القراء بشكلٍ عام في حياة الشعوب بما يلي:
- تعتبر القراءة البوابة الأولى نحو المعرفة والثقافة.
- المساهمة في بمختلف أشكالها.
- الإطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى ومعرفة أخبارهم.
- وسيلة للمتعة والترويح عن الذات.
- الأخذ بيد النفس نحو التقدم والارتقاء والتطور المهني.
- الحصول على درجات عليا من التعليم.
- تنمية الإبداع والابتكار والمواهب.
- توسيع دائرة الفهم والإستيعاب والإدراك لدى الشخص.
- صقل شخصية الإنسان وصهرها في بوتقة القدرة على مواجهة الحياة بمختلف ظروفها.
- التخلص من حيز التفكير السلبي وإدخاله إلى عالم التفكير الإيجابي المتقدم والعملي والعلمي.
- التعرف على تاريخ الأمم وحاضرها ومستقبلها.
- التحفيز على التفاعل مع البيئة المحيطة.
- التشجيع على تطوير خاصية التخيل والتأمل والتفكير والقدرة على الكشف عن الحقائق.
حب القراءة عند المسلمين
يشغف المسلمين ويهيم بالقراءةِ بشكلٍ كبير منذ عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد تجلت الكثير من المعالم وبرُزت في ذلك، ومن أبرز معالم حب القراءة عند المسلمين القراءة وأهميتها للفرد والمجتمع:
- طلب تعليم القراءة لعشرة من أبناء المسلمين كفدية مقابل إطلاق سراح الأسير الواحد من أسرى غزوة بدر، إذ يؤكد ذلك على أن القراءة والكتابة وسيلة للأخذ بيد الأمم نحو التقدم والنهوض، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الخطوة حريصًا على بناء أمته المسلمة بناءًا شامخًا ومتكاملًا.
- اعتبار الصحابي زيد بن ثابت -رضي الله عنه- كاتبًا للوحي وملازمًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- نظرًا لتمكنه من القراءة والكتابة، وأصبح بعدها كاتبًا رسميًا للرسائل والمترجم الأول لها إلى اللغات العبرية والسريانية.
- ظهور المكتبات الإسلامية بشكلٍ كبير في مختلف الحضارات والأمم، حيث تمكن المسلمين من إنشاء أعظم وأكبر المكتبات على مستوى العالم، ومن بينها مكتبات بغداد وطرابلس و والقاهرة ودمشق وغيرها الكثير التي أكدت على مدى حب القراءة عند المسلمين.
- نزول أول آية على الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطةِ الوحي جبريل -عليه السلام- والتي استُفتحت بالأمرِ “اقرأ”، وكان ذلك في سورة العلم، ويستفاد من ذلك على المكانة المرموقة التي تتحلى بها القراءة في الدين الإسلامي.
- اتخاذ نخبة من الصحابة -رضوان الله عليهم- مكانة هامة ممن تمكنوا من إتقان القراءة والكتابة دون غيرهم.
- وسيلة هامة للتعرف على الدين الإسلامي عن قُرب والتعمق في العلوم الدينية والسنة النبوية والعلوم الفقهية.
دلائل على حب القراءة عند المسلمين
قدّم الدكتور محمد موسى الشريف في كتابه “الطرق الجامعة للقراءة النافعة” أهم المعلومات حول حب القراءة عند المسلمين بين دفات كتابه، وقد جاء اهتمامه بهذا الكتاب للردِ على من هاجم علماء المسلمين ووجهوا إليهم أصابع الاتهام بالجهل والثقافة، وقد فنّد بكتابه هذا كل الادعاءات التي اتهمت العلماء المسلمين بالجهل، واستذكر مقتطفات من تفاصيل حياة العلماء خلال القراءة، ومن أهمها:
- حرص الحافظ الخطيب البغدادي على القراءة خلال سيره، فيحتفظ بوجود جزء من الكتب ليبقى على اطلاع دائم.
- عدم تجاهل الجاحظ لأي كتاب يقع بين يديه دون إكمال قراءته كاملًا.
- انكباب الشيخ عبد الحق الدهلوي في المطالعة بشكلٍ كبير، إلى حدِ احتراق عمامته بواسطة السراج الموجود خلف رأسه ولم يتيقظ لذلك إلا بعد بلوغ النار شعره.