حضارة مصر القديمة
قامت حضارة على ضفاف الواقع في الشمال الإفريقي، وعُرفت الحضارة من الكتابات المصرية القديمة التي كُتبت بحروف تنوعت ما بين الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية، وقبل وجود تلك الحروف وجِدت الكثير من التي تدل على وجود حضارة ولكن دون أن يكون هناك كتابات تؤرخ لتلك الحضارة، فما عُرف عن الحضارة المصرية القديمة؛ هو ما قام المصري القديم برسمه وتدوينه على جدران المعابد وعلى الأحجار.
مظاهر الحضارة المصرية القديمة
كانت الحضارة المصرية القديمة حضارة متكاملة؛ فالمصري القديم كان يسعى نحو تحقيق الاستقرار في جميع نواحي الحياة، فحتى العصور البدائية القديمة التي عاش فيها الإنسان البدائي نجد أنه كان مرتحلاً من مكانٍ لأخر بحثاً عن لوازم الاستقرار والتي تمثلت آنذاك في المأكل والمسكن، فترحل ما بين الكهوف والوديان إلى أن أستقر على ضفاف النيل ليبني الحضارة التي استمرت حتى اليوم ليتجاوز عمرها سبعة آلاف سنة، تلك الحضارة المصرية القديمة التي بدأ في تأسيسها المصري القديم بمجرد استقراره على النيل، ليبدأ في تكون قرى ومدن متجاورة؛ حتى وصل لتأسيس دولة متكاملة، والتي بدأت على أيدي الناقادا وهم المصريين الذين سبقوا الفراعنة، وتنتهي تلك الحضارة بخضوع مصر لحكم الإسكندر الأكبر.
الحياة السياسية
عرفت مصر القديمة أنظمة الحكم منذ أقدم عصورها، فعندما كانت مصر مقسمة لإدارة عليا وإدارة سفلى كان الحكم مقسم بين حاكم كل إدارة، وبعدما تمكن الملك مينا “نارمر” من توحيد القطر العلوي والسفلي حوالي سنة 3200 ق.م، أصبح على رأس مصر حاكم أوحد وهو الفرعون، ويليه المساعدين من الوزراء والكهنة، وعلى كل إدارة في مصر نائب عن الفرعون.
وقد أرخ الكهنة تاريخ مصر القديم وفق تتابع حكم الأسرات، فبدأوا بالأسرة الأولى بداية من حكم الملك مينا، ليتتابع على حكم مصر 30 أسرة، وينتهي بعدها حكم الفراعنة عام 332 ق.م؛ وذلك بعد سيطرة الإسكندر الأكبر على مصر، والذي لم يجد صعوبة في السيطرة عليها، بعد ترحيب المصريين به للتخلص من الوجود الفارسي بمصر آنذاك.
وقد واجهت مصر في عصورها القديمة الكثير من الاعتداءات الخارجية، حتى ينتهي بها الأمر ولاية تابعة للإسكندر الأكبر، فقد غزاها من قبله الهكسوس والحيثيين، والآشوريين والفرس، واختلفت مواجهة المصريين للأعداء من حيث القوة والضعف حسب الوضع السياسي للدولة آنذاك، فخلال تتابع 30 أسرة على حكم مصر القديمة، فقد تلقب الوضع السياسي فيها ما بين القوة والضعف.
الحياة الاجتماعية
كانت الحياة الاجتماعية في مصر القديمة لا تختلف كثيراً عن الحياة الاجتماعية التي تعيشها مصر اليوم، فكانت الطبقة العليا في الدولة وهي الطبقة الأكثر غنى ورفاهية هي الطبقة الحاكمة، وتتمثل في الفرعون وأسرته ووزراء الدولة والكهنة، وكانوا يسكنون البيوت المزينة، وينامون على أسِّرة عالية ومريحة، وتتألف موائدهم من أطباق وملاعق معدنية من الذهب والفضة.
أما الطبقة المتوسطة وهي طبقة الموظفين والعاملين لدى الفرعون فكانوا يسكنون بيوت متوسطة، ويعيشون حياة بسيطة تتوفر لديهم كافة وسائل المعيشة، أما الطبقة الثالثة وهي عامة الشعب، فكانت الطبقة الكادحة من المزارعين والعمال، وكانت بيوتهم تتألف من طابق واحد أو طابقين على الأكثر، وكانت أسِّرتهم “مصاطب” غير مريحة، وأوانيهم من الخشب والحجارة.
الحياة الدينية
عاش المصري القديم أعواماً طويلة وهو يتعبد إلى إلهه من خلال الفرعون، فكان الفرعون يعتبر نفسه ابناً للإله، إن لم يكن يعتبر نفسه الإله ذاته، وكان الكهنة هو الوسطاء بين الفرعون وعامة الشعب، وكانوا يسرفون في تعظيم الفرعون وتحميل العامة فوق طاقتهم، فكانت هناك الكثير من الأعياد الدينية التي يطلب فيها من عامة الشعب تقديم القرابين، ومن أشهر الآلهة الفرعونية الإله رع والإله آمون.
وكان المصري القديم يقيم الكثير من الطقوس الدينية في المعابد، وكان لديه اعتقاداً قوياً بالبعث بعد الموت، وكان هناك الكثير من المعتقدات حول الثواب والعقاب وكيفية حدوثه بعد الموت، وغيرها من الأمور المتعلقة بالحياة الدينية.
الكتابة
عرف المصري القديم الكتابة حوالي عام 3200 ق.م، وهي الفترة التي بدأ فيها التدوين، واعتمد وقتها في على الرموز التي تشير إلى حرف أو فعل أو وصف لحدث، وعرفت تلك الرموز باللغة الهيروغليفية والتي تألفت من حوالي 500 رمز، وعرفت بعدها اللغة الهيراطيقية ثم الديموطيقية، وكان لكل لغة رموز تستخدم بطريقة معينة، فمنها ما يقرأ من اليمين لليسار والعكس، ومنها ما يقرأ من اليمين لليسار فقط.
واستخدمت الكتابة في التدوين على الأحجار وجدران المعابد، فدون المصري القديم حياته اليومية، كما سجل بها الكثير من النصوص الدينية كنصوص ، وغيرها من الأدبيات التي عرفتها العصور القديمة، وظلت الهيروغليفية هي لغة الكتابة الأساسية حتى دخول الأبجدية القبطية لمصر في القرن الأول الميلادي، لتبدأ الهيروغليفية في الاختفاء تدريجياً لينتهي أثرها مع القرن الرابع الميلادي.
الفنون والعمارة
إن كل ما تطور عند المصريين القدماء قد بدأ من مراحل دنيا، فداية مسكنه تألفت من كهوف ثم أكواخ ثم بيوت من الطين بغرفه واحدة، ثم بيوت بأكثر من غرفة، ثم بيوت بأكثر من طابق، إلى أن سكنوا القصور وشيدوا المعابد، وذلك يدل على التطور المعماري الذي شهدته مصر القديمة، والذي يظهر بصورة واضحة في بناء الأهرامات، والتي مثلت مكاناً لدفن الموتى، فقد تطور لديهم حتى أماكن الدفن.
وقد أقام المصري القديم معابد بأحجام وأشكال مختلفة، تدل بوضوح على مدى التقدم المعماري، كما نحت التماثيل والتي تشير إلى الحياة الفنية وتطورها، ويدل على انتشار الفنون أيضاً الرسوم التي ظهرت واضحة على جدران المعابد، والتي رسم فيها نساء تحملن الآلات الموسيقية.
الزراعة والصناعة
باعتبار أن نشأة الحضارة المصرية القديمة كانت على ضفاف النيل؛ فإن الزراعة كانت النشاط الاقتصادي الأكثر انتشاراً بها، وكان الأكثر تأثيراً بالحياة الاقتصادية، فكان معظم المصريين يشتغلون بالزراعة، والتي كانت سببا في استقرار حياة المصري القديم، وقد كانت الزراعة مقسمة على المواسم الزراعة الثلاثة “موسم الفيضان، موسم الزراعة، موسم الحصاد”، وقد استخدم المصري القديم الحيوانات في حرث الأرض، واستخدم المنجل في جني الزرع.
ومع وجود الزراعة وجدت الكثير من الحيوانات التي تربت على النباتات والأشجار، وكانت أكثر الحيوانات انتشارا الماشية والماعز، والتي كانت تربى بالحقول إلى جانب الطيور المختلفة كالبط والإوز، كما ربى المصري القديم الحمير لحمل الأشخاص والمحاصيل، والثيران للمساعدة في حرث الأرض، وكانت الماشية والماعز مصدراً أساسياً للغذاء إلى جانب التي توفرت بصورة كبيرة في مياه النيل والبحيرات.
أما الصناعة فقامت على المواد الخام المستخرجة من الأراضي الزراعة والحيوانات، فصنعت المفروشات الخشنة من قش الحبوب، وصنعت الجعة من الحبوب المُخمرة، كما استخدمت جلود الحيوانات في صناعة المفروشات الجلدية، وصناعة الملابس والأحذية، وصنعت الموائد والأرائك والأسِّرة من أخشاب الأشجار.