أهمية حقوق الطفل
لا بُدّ للطفل أن يكون في أعلى سُلّم أولويات الجميع؛ لأنّ لا يملك حُسن التّصرُّف، ولا يستطيع تدبير أمور حياته، أو الدّفاع عن حقوقه، لهذا يجب أنْ يكون معه من يؤدي حقوقه، ويصونها؛ لأنّها من الأمور المُهمّة التي حثَّ عليها وكفلها ووضّحها توضيحاً جَليّاً لِما لها من انعكاسات على واقع الأمّة ومستقبلها في مختلف جوانب الحياة، وهذه الأمور ينبغي أن ترافق الطفل منذ نعومة أظفاره؛ لارتباطها بحياته التي سيكون فيها مكرّماً، ومرفوعاً من شأنه، وخليفةً لله في الأرض، كيْ يتسلّم زمام الخلافة بشكل فعليّ، وبكامل قواه العقلية والإراديّة، قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)البقرة: 30.، فما معنى حقوق الطّفل، وما هي حقوق الطفل، وما هي الحقوق التربوية والبدنية والإبداعية للطفل؟ هذا ما سيتمّ توضيحه في هذه المقالة إن شاء الله.
معنى حقوق الطفل
يدور حول مصطلح “حقوق الطّفل” تعريفات عديدة، ومن هذه التعريفات:
- الحقوق لغةً: جمعُ حقّ، والحقّ هو العدلُ في الحكم: في الحقيقة، وفي الواقع. المعاني الجامع:الحقوق لغةً.
- الحقوق اصطلاحاً: الحقّ، اسم من أسماء الله تبارك وتعالى، وهو الثابت الذي لا يُسوَّغ إنكاره. الطّفل في اللغة: الألوكة.
- حقوق الطّفل في الاصطلاح: هو ما يستحقه الطفل من نصيبه وحظه. حقوق الطّفل اصطلاحاً الألوكة.
- حقوق الطّفل في القانون الدولي: هي الحقوق التي أُقرّت في نوفمبر 1989، وتنطبق على كل شخص تحت عمر الثامنة عشر، ولم يكن بلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب قانون الدولة. حقوق الطفل في القانون ويكيبيديا.
حقوق الطفل
ثمّة حقوق لا يستطيع الطفل العيش بدونها، وينبغي على الوالديْن، والمجتمع تأديتها على أكمل وجه، ومن أهمّ هذه الحقوق:حسين الخشن (حقوق الطّفل في الإسلام: 72_90) بتصرّف.
- حقّ الحياة: الحياة هبة الله للإنسان، وهي حقّ من حقوقه، فلا يملِك أحدٌ سلب هذا الحقّ؛ لأنّه مكفولٌ لكل فرد بغضّ النظر عن دينه أو عرقِه، ويمتدّ حقّ الحياة في المنطلق الإسلاميّ من مرحلة انعقاد النّطفة وما يتبعها من مراحل إلى حين الوضع، ويتم الاعتداء على هذا الحقّ إمّا بالإجهاض بدون سبب، أو الوأد.
- حقّ الرعاية الصحيّة: قال ، رضي الله عنه: (ما جاع فقيرٌ إلّا بما مُتّعَ به غنيّ)مُسند أحمد: 6/457.، إنّ الرعاية الصحية حقٌ للطفل وواجبٌ على الوليّ حتى لو كان مشوّهاً، أو معوّقاً، أو مجنوناً، وعدم تأديته لهذا الواجب يُعتبر خطيئة عُظمى يتحمّل مسؤوليتها أمام الله، وتبدأ الرعاية الصحية من اهتمام الحامل بغذائها، ومن ثمّ تغذية رضيعها من لبنها، قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)البقرة: 233..
- حقّ الحُريّة: الحرية المحمودة، هي الحياة بحدّ ذاتها، وسرّ الإبداع، وبدونها تفقد الحياة رونقها، وتمتنع الإنسانية عن التطوّر والابتكار، ولذا فإنّ حاجة الطّفل للحرية هي حاجته للهواء، لأنه يستطيع من خلالها بناء شخصيته، وتلمّس العالم، والتعرّف على أسراره وحقائقه.
- حقّ اللعب: هو حاجة الطّفل الجسديّة والنفسيّة لممارسة سلوكٍ فطري يُعبّر من خلاله عن طفولته باللهو والمرح، وهذا الأمر حثّ عليه الإسلام في العديد من المواقف.
- حقّ الحِوار: يُولِّد الحوار تفاعل الطّفل مع أبويْه، مما يخلق لديه قدرات عقلية، وجسدية عن طريق مناغاة الوالديْن له، والإهتمام بحركاته، ومكافأته عليها، بالإضافة إلى أنّه يعمل على إنضاج فطرته، وتحريك طاقاته الكامنة.
الحقوق التربوية للطفل
لا يجب أن يُعاقب طفل لأنه وُلد، سواء كان ميلاده مرغوباً فيه أو لم يكن، ومفتاح السّعادة له هو حبّه، وحبّ رعايته، وتربيته، ولا يكون الحبّ بالعقاب قبل الإثابة، وإنّما يكون بالإثابة قبل العقاب، لأنّ الطّفل لا بدّ أن يقع في أخطاء، والسبب الرئيسي لهذا هو جهله، لأنه من المستحيل أن يُولد مُلمّاً بما هو سليم وما هو غير سليم، وأفعاله الغير سليمة تكون لاستكشاف الموجود وهذا يدل على ذكائه، لذلك لا بدّ للمُربي أن يتفهم أنّ أفعال الطفل الغير مرغوب فيها تكون أحياناً حقيبة يكوّن فيها مغامرته التي تلذذ بها لتكون وسيلةً محمودةً لتكوين شخصيته، وعلى المُربي الذي يتخذ عقاب الضرب والنّهر منهجاً عامّاً لكل الأخطاء التي يقع فيها الطفل، هو في الواقع فردٌ ضعيف الإرادة، وقليل الحيلة.أُلفت حقى (سيكلوجية الطفل: 160_166)بتصرف.
الحقوق البدنية للطفل
لا بُدّ للمُربي أن يوجّه نموّ طفله باتجاه تحصيل الصحة والقوّة، لقول صلّى الله عليه وسلم: (المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف)صحيح مُسلم (رواه ابن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة: 4822).، ومن أهم هذه التّوجيهات: تعليمه الرياضة؛ لأنها تساعد على ضبط الانفعالات، والصّبر، والتحكم بالعواطف، هذا كله يعمل على تحقيق تربيةٍ خُلُقيّة للطفل؛ لأن التدرّب على التعب، وتقبّل النجاح أو الفشل يُنمّي الصّبر، والتوازن النفسي، ومن التوجيهات أيضاً: تعليمه السباحة، والرماية، وركوب الخيل تحقيقاً لقوله تعالى: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)،الأنفال: 6. والأثر الذي ورد عن سيدنا عمر رضي الله عنه: (علّموا أولادكم السباحة، والرماية ومروهم فليثبتوا على ظهور وثباً).عبد الله ناصح (تربية الأولاد في الإسلام: 2/872)./سيما أبو رموز (تربية الطفل في الإسلام: ص102_103) بتصرف.
الحقوق الإبداعيّة للطفل
من حقّ الطفل أن يتمّ توفير أجواء ملائمة له؛ ليكتسب من خلالها كفايةً، وطاقةً، واستعداداً، وهذا يكون عن طريق تركيزه المُنظّم لقدراته العقليّة، وإرادته، وخياله بطريقة إبداعية، ومن أجل التمكّن من استخدام الإبداع كحقّ له، يجب على المُربّي معاونته على التخلّص من الغموض الذي يكتنفه عن طريق تشجيعه، وعدم منعه من إبداء أفكاره، ومقترحاته، وتبسيط الحياة له، وجعله يكتشف النظام في الإشياء، وأن يقدم له الجديد بعد الجديد.راجع، منى البحري، صاحب الجنابي (التربية الإبداعيّة: 55).