الدعاء
يحتلُّ الدعاء مكانة رفيعة في الإسلام، فقد جعل الله تعالى الدعاء صلةَ الوصل التي تصلُ بين العبد وربِّه بشكل مباشر دون وسيط، وقد حثَّ الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية من الأحاديث الصحيحة على الدعاء، وفي الحديث أنَّ الله تعالى يغضب من المسلم إذا لم يتوجَّه إلى ربِّه بالدعاء والتوسُّل والسؤال فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّه من لم يسألْ الله تعالى يغضبْ عليه”،الألباني، صحيح الجامع، 2418، صحيح. وقد أشار -رحمه الله- إلى أنَّ ذلك الحديث يدلُّ على أنَّ رضى الله تعالى في طاعته وسؤاله، فإذا رضيَ فإنَّ كل الخير في رضاه، كما أنَّ جميع المصائب والبلايا في غضبه جلَّ وعلا، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول فضل الدعاء في القرآن الكريم ودعاء الخروج من المسجد وموانع الدعاء.
فضل الدعاء
قبل الحديث عن دعاء الخروج من المسجد سيُشار إلى فضل الدعاء في بحسب ما وردَ في القرآن والسنة، حيثُ يعدُّ الدعاء من أفضل العبادات التي يمكن أن يتقرَّب بها المسلم من الله تعالى، والتي يحبُّها الله أن تكون له وحده خالصةً ولا يجوز أن يُصرَف الدعاء لغير وجه الله، وقد أمر الله تعالى عباده بالدعاء له في كثير من آيات كتابه العزيز، حيثُ يقول تعالى في {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}،البقرة، الآية 186. وفي سورة غافر يقول جلَّ من قائل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}،غافر، الآية 60. وفي هذه الآية توبيخٌ لمن يستكبر عن عبادة الله والدعاء له ووعيدٌ من الله تعالى له بالعذاب الأليم يوم القيامة.
وأمَّا ما وردَ من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فضل الدعاء فهي كثيرة أيضًا، فقد ورد في سنن الترمذي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “الدعاء هو العبادة”،الترمذي، سنن الترمذي، 2969، حسن صحيح. وفي هذا تعظيم كبير للدعاء وأهميته في الإسلام وجعله أساس العبادة ومحورها، وعن أبي هريرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليس شيءٌ أكرَمَ على اللهِ مِن الدُّعاءِ”،ابن حبان، صحيح ابن حبان، 870، أخرجه في صحيحه. وعن ابن عباس أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أفضلُ العبادةِ الدعاءُ”،السيوطي، الجامع الصغير، 1275، صحيح. والله أعلم. دعاء، موقع ويكيبيديا، اطُّلع عليه بتاريخ 21-08-2020.
دعاء الخروج من المسجد
إنَّ الدعاء من أجلِّ العبادات التي لا يمكن أن تختصر بوقتٍ أو مكانٍ، ويمكن للمسلم أن يدعو ربَّه في جميع أحواله، وفي الشرع الإسلامي وردَت أدعية كثيرة جدًّا يصعبُ حصرها، جاء بعضها عامًّا دون وقت معين، وجاء بعضها مخصوصًا بأوقات أو أماكن أو أفعال معينة، ومن هذه الأدعية دعاء الخروج من المسجد، حيثُ وردَ عن العديد من الأحاديث في ذلك، ولكنَّ أصحَّ ما وردَ فيها عن أبي أسيد أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلْيُسلِّمْ على النبيِّ، و لْيقلْ: اللهمَّ افْتحْ لي أبوابَ رحمتِك، وإذا خرج فلْيُسلِّمْ على النبيِّ ولْيقلْ: اللهمَّ إني أسألُك من فضلِك”،الألباني، صحيح الجامع، 516، صحيح. وفي حديثٍ صحيح آخر عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: “إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلْيُسلِّمْ على النبيِّ، ولْيقلْ: اللهمَّ افْتحْ لي أبوابَ رحمتِك، وإذا خرج فلْيُسلِّمْ على النبيِّ و لْيقلْ: اللهمَّ اعْصمْني من الشيطانِ”،الألباني، صحيح الجامع، 514، صحيح. وعلى ذلك فإنَّ دعاء الخروج من المسجد هو اللهم صلِّ على سيدنا محمد، اللهم إني أسألك من فضلك أو اللهم اعصمني من الشيطان، والله تعالى أعلم. دعاء دخول المسجد والخروج منه، موقع الألوكة، اطُلع عليه بتاريخ 21-08-2020.
شروط أجابة الدعاء
ولا بدَّ لإجابة الدعاء من شروط، وقد حصرها العلماء في ثلاثة شروط، سيتمُّ إدراجها فيما يأتي: من آداب الدعاء وشروطه وأسباب إجابته، موقع إسلام ويب، اطُّلع عليه بتاريخ 21-08-2020.
- التوجُّه بالدعاء إلى الله تعالى وحده لا شريك له بإخلاص وصدق.
- ألَّا يكون الدعاء بإثم مثل قطيعة الرحم أو الهلاك على مسلم وغير ذلك، وألَّا يستعجل المسلم الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجَالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ”.مسلم، صحيح مسلم، 2735، صحيح.
- الدعاء بقلب خاشع وحاضر وموقن بالإجابة، وأن يسبق ذلك
موانع الدعاء
في نهاية الحديث يجب الإشارة إلى موانع الدعاء والتي يجب على المسلم أن يحذرها ويتجنب الوقوع بها، حتى لا يكون بينه وبين إجابة الدعاء حواجز وحجُب، فكثيرٌ من المسلمين يقومُون بالدعاء ولكن لا يستجيب الله تعالى لهم، وذلك بسبب المعاصي والذنوب والآثام التي يقعون فيها والتي سيعاقبون عليها حيثُ تشكِّل تلك المعاصي على اختلاف درجاتها من قتل وسرقة وغش ونميمة وغيبة وفساد وغير ذلك موانع لإجابة الدعاء والتي تحرمُ المسلم من لذَّة القبول عند الله تعالى وتبقيه في دائرة الذلِّ والخيبة والبعد عن أبواب الله المُشرعة لجميع عباده المتقين، ورغم ذلك فإنَّ أعظم مانع من موانع الدعاء هو أكل المال الحرام، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟”،مسلم، صحيح مسلم، 1015، صحيح. وهذا تأكيد من النبيِّ على أكل الطيبات من الحلال لأنَّ المال الحرام من أعظ موانع الدعاء في الإسلام. أهمية الدعاء، موقع الألوكة، اطُّلع عليه بتاريخ 21-08-2020.