الدولة العباسية
الدولة العباسية هي دولة الخلافة الإسلامية الثالثة، فقعب وفاة الصاحبي الجليل ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنه تنتقل الدولة الإسلامية من فترة الحكم الراشدي “حكم خلفاء عليه الصلاة والسلام” إلى فترات الحكم الوراثي، والذي يبدأ بخلافة بني أمية “الدولة الأموية” متمثلة في معاوية بن أبي سفيان كأول خليفة للدولة، والذي يُمَكِّن للحكم الوراثي في الدولة الإسلامية، فيكون الحكم من بعده لأكبر أبناءه، ومنذ ذلك الوقت ظلت الخلافة وراثية في بني أمية، وفي الوقت ذاته كان بني العباس يجتمعون وإقامة دولتهم، لتصبح الدولة العباسية هي دولة الخلافة الثالثة، والدولة الثانية تتبع نظام التوريث في الخلافة، ويكيبيديا، الدولة العباسية. إلى أن تسقط الدولة وتقوم الخلافة من بعدها في الدولة العثمانية.
مؤسس الدولة العباسية
سعى لتأسيس الدولة العباسية من هم من نسل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهو أصغر أعمام النبي عليه الصلاة والسلام، ورغم أن بداية السعي كانت برفض خلافة معاوية بن أبي سفيان، إلا أنهم لم يتمكنوا من إعلان قيام دولتهم إلا عام 132 هـ، وهو العام الذي انتهت فيه الخلافة الأموية في بوفاة أخر خلفاءها مروان بن محمد، وقد أعلن قيام الدولة أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس المقلب بالسفاح، وقد أصبح الخليفة الأول لدولة الخلافة الثالثة، وقد كان السبب المباشر للإسراع في إعلان قيام الدولة هو مقتل إبراهيم الإمام الأخ الأكبر لأبو العباس السفاح.الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير. البداية والنهاية. صفحة 68. الجزء العاشر.
سبب قيام الدولة العباسية
السبب الرئيس في قيام الدولة العباسية هو السبب ذاته الذي خرجت لأجله الدعوة العباسية السرية والجهرية، وهو إقصاء من الخلافة وقصرها على العباسيين باعتبارهم الأحق والأقرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك انطلاقًا من مبدأ الأحق في الإرث، فالعم وهو العباس أحق من ابن العم وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكان علي بن عبد الله بن العباس أول من فكر في الدعوة لخلافة العباسيين، أول من تمنى انتقال الخلافة إليهم، وبدأ في نشر فكره والتمكين له حتى وفاته سنة 118 هـ. الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية.
بعد وفاته استمر اتباعه في نشر أفكاره والترويج لدعوته، وكان تركيزهم على الكوفة، فهي في نظرهم أهم المدن التي ستمكنهم من إسقاط حكم الأمويين، كما أن مركزها وسيط بين بلاد الشام وبلاد شبه الجزيرة العربية، فبوصولهم إليها وسيطرتهم عليها سيتمكنون من التمكين لدولتهم، وبالفعل كانت الكوفة أولى عواصم الدولة العباسية قبل إنشاء أهم عواصمهم مدينة بغداد.
وقد ساعد على قيام الدولة العباسية الكثير من العوامل، سواء في بداية التمكين للدعوة أو وقت إعلان الدولة، ومن أهم العوامل المباشرة التي ساهمت في قيام الدولة العباسية ما يلي:
- استبعاد الموالي: يطلق مصطلح الموالي على الذين دخلوا في الإسلامي من غير العرب إبان الفتوحات الإسلامية، فكان للعرب الأفضلية عن الموالي إبان حكم الدولة الأموية، فتولى العرب قيادة الجيوش، وصاروا حكامًا على الولايات الإسلامية، فيما استبعد الموالي من تلك المناصب، ولذلك كان الموالي حاقدين عليها، ما جعل بعضهم يلجأ لدعاة بني العباس؛ ويكون لهم مؤيدًا وعونًا.
- كثرة اتباع العباسيين: ركز العباسيون في دعوتهم على استمالة المستبعدين والمعادين للدولة الأموية، فتقربوا من الفرس وأسندوا إليهم الكثير من المهام الرئيسية في دعوتهم، كما استمالوا الشيعة حتى يتمكنوا من زعزعة الدولة الأموية، ولما حان وقت إعلان قيام الدولة العباسية كان اتباعهم قد مكنوا لهم في الكوفة والحميمة وخرسان.
- ضعف الخلفاء الأمويين: كان الأمويون قد وصلوا لمرحلة متقدمة من الضعف، كما كثرت بينهم الخلافات، وزادت حدة الصراعات على من يتولى الخلافة، ومن ناحية أخرى بلغ ظلم ولاية الأمويين مبلغًا كبيرًا، فانتشر الظلم والجور بين الرعية، فثقل كاهلهم واضطربت أحوال معيشتهم، فخرجوا بثورات ضد الولاة.
ويأتي مقتل إبراهيم الإمام أكبر رموز الدعوة العباسية في سجن الخليفة مروان بن محمد ليكون القشة التي قسمت ظهر البعير، فلم يكن لدى الأمويين أي فرصة للفرار من غضب وبطش العباسيين، الذين ثاروا في كل حدبٍ وصوبٍ، وخرجوا على ولاة بني أمية في الكثير من الولايات، ولم تهدأ ثورتهم إلا بمقتل مروان بن محمد وإسقاط الدولة الأموية، لتقوم الخلافة من بعدها عباسية، وتظل السلالة الحاكمة الثانية قائمة ما بين القوة تارة والضعف تارة أخرى.
نهاية الدولة العباسية
كانت بعدما واجهت الدولة الكثير من المشكلات والاضطرابات الداخلية والخارجية، إلا أن خلفاءها تمكنوا بطريقة أو بأخرى من استعادة السيطرة على الدولة والإلمام بزمام الأمور، وكانت معظم الاضطرابات إما شعوبية بسبب محابة الفرس والأتراك على العرب، أو عقائدية بظهور فرق دينية معادية لخلافة الدولة العباسية، ولكن السبب الأكبر والذي كان له التأثير المباشر على زعزعة الدولة هو ظهور الدول الإسلامية المستقلة، فمع اتساع رقعة الدولة كان من الصعب السيطرة على جميع أنحائها، وكلما تمكن والي من تدعيم مكانته وسط ولايته يتجه للاستقلال بالولاية، ومن أبرز الحركات التي سعت للانفصال عن الدولة العباسية حركة الأغالبة والأدارسة، وجاءت الدعوة الفاطمية لتستقل عن الدولة العباسية وتعلن نفسها خلافة بديلة.
كل ذلك أدى لتفكك لحمة الجيش الإسلامي، فيأتي التتار القوة الأكثر قسوة في العالم ليدمروا عاصمة العباسيين سنة 1258م، لتنتقل بعدها الخلافة للقاهرة، وتبقى الخلافة اسمية، أما التحكم الفعلي فكان ، فبيدهم مقاليد الأمور وسلطتهم تفوق سلطة الخليفة، ويبقى الأمر كذلك حتى يتمكن سليم الأول العثماني من السيطرة على مصر سنة 1517م، وتنتهي بذلك دولة الخلافة العباسية.