سورةُ الإِخلاصِ
إنَّ هو كلامُ الله تعالى، المُنزّل على رسولهِ، صلى الله عليه وسلّم، المتعبّد بتلاوته، وهو حبل الله المتين، ورباط بين السماء والأرض، ففيه الهدى والطمأنينة، والكثير من البشارات التي تحمل معها السعادة، وبين طياته العديد من الآيات التي تحدثت عن صفات الله جلَّ وعلا، وآيات سورة الإخلاص إحداها، حيث أنها تضمنت أهم الأركان التي قامت عليها رسالة النبيّ، صلى الله عليه وسلم، وهي توحيد الله وتنزيهه، وقد ورَدَ في الخبر: (أنّها تعدل ثلث القرآن)، فما سبب نزول سورة الإخلاص، وما هو تعريفها العامّ، وما أهمّ موضوعاتها وفضائلها ومسمياتها؟
سبب نزول سورة الإخلاص
سبب نزول سورة الإخلاص أنّه عندما قَدِمَ عددٌ من المشركين إلى النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، وقالوا له: انسب لنا ربك، فأنزلَ الله تعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أحد). وهنالك العديد من الروايات المُؤكّدة على ذلك، إحداها عن أبيّ بن كعب: (أنّ المشركين قالوا للنبي، صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك فأنزلَ الله تعالى هذه السورة).
ومن سبب نزول سورة الإخلاص أيضاً:
- عندما قدم وفد من نجران إلى النبيّ، صلّى الله عليه وسلم، قالوا له: صف لنا ربك، أفضة هو أم من ذهب أم ياقوت؟ فقال: (إنّ ربي ليس مخلوق من شيئ؛ لأنه هو خالق كل شيئ)، فنزلت “قُلْ هُوَ اللهُ أحد”، قالوا: أنت واحد وهو واحد كيف ذلك؟ فقال: (ليسَ كمثلِهِ شيئ). (الشورى : 11) / النيسابوري(راجع، غرائب القرآن، رواية ابن عباس، 593/6)..
- عندما دخل اليهود على النبيّ، صلّى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا محمد، صف لنا ربّك، وانسبه. فإنّه وصف نفسه بالتوراة ونسبها، فغضب النبيّ، صلّى الله عليه وسلم، حتى بات مغشياً عليه، فنزل جبريل بسورة الإخلاص.الثعالبي (الجوهر الحسّان في تفسير القرآن، 237)..
- هناك مجموعة من المشركين أرسلوا إلى النبيّ عليه أفضل الصلاة وأصدق التسليم، عامر بن الطفيل، فقال له عنهم: أنتَ فرقتَ كلمتنا، وسببت آلهتنا، وخالفت دين آبائك، يا محمد، إن كنتَ فقيراً أغنيناك، وإن كنتَ مجنوناً داويناك، وإن كنتَ قد هويتَ امرأةً زوجناكها، فقال الله، صلّى الله عليه وسلم: (لستُ بفقير، ولا مجنون، ولا هويت امرأةً، أنا رسول الله، فوالله ما أتيتكم إلّا لأدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، الفرد الصّمد). فأرسلوه ثانية يطلب من النبيّ عليه الصلاة والسلام: بيّن لنا جنس معبودك، أمن فضة هو أم من ذهب؟ فأنزل الله هذه السورة.(راجع، تفسير المراغي، رواية الضّحاك، 264/30)..
التعريف العام لسورة الإخلاص
سورةُ الإخلاصِ من السّور المكيّة ويُقال أنّها مدنيّة، وعدد آياتها أربع، وقد عُدّت السورة الثانية والعشرون في عدّاد نزول السور، نزلت بعدَ سورة الناس وقبلَ سورةُ النجم، وهي رقم مئة واثنا عشر من ترتيب ، غير أنها نزلت دفعة واحدة.
موضوعات سورة الإخلاص
- يدور محور السورة حول صفات الله عزّ وجل الجامع لصفات الكمال المُتنزّه عن صفات النّقص.
- ردّت على النّصارى القائلين بالتثليث.
- ردّت على المُشركين الذين جعلوا لله الذرية والبنين.
- ورود كلمة “الصّمد” وهذا يعني أن جميع المخلوقات تصمد إليه في حوائجها.
- تحدّثت عن التوحيد وأنه لا يكون إلّا لله سبحانه وتعالى.
فضائل سورة الإخلاص
- أنّها تعدل ثلث القرآن ومن ذلك حديث النبيّ عليه الصلاة والسلام الوارد عن الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (احْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ دَخَلَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ القرآن، ثم خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إني سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، أَلَا وَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ). أخرجه مُسلم، صححه الترمذيّ .
- سبب لدخول الجنّة ومن ذلك: عندما جاء رجل إلى الرسول عليه السلام وقال له: يا رسول الله، إني أحبّ هذه السورة “سورة الإخلاص” فقال له النبيّ: (فلتعلم أنّ حبّك إياها أدخلك الجنة).راجع، رواية أنس، حيث رواه أحمد، والترمذي، وابن الضريس، والبيهقي في سننه .
- أنّ الله يبني لقارئها بيتاً في الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ “قل هو الله أحد” عشر مرات بنى الله له بيتاً في الجنة).صحيح الجامع: (6472).
- تُقرأ مع المعوذتين عند النّوم فهي تقي النّفس من وخزات الشيطان كونها مشتملة على توحيد الله سبحانه وتعالى .
- قراءتها سبيل لمغفرة الذّنوب ومن ذلك ما قاله أحد الصّحابة: صحبت النبيّ، صلّى الله عليه وسلم، فسمع رجلا يقرأ “قُل يا أيها الكافرون” فذكر النبيّ فضائلها، وأهمها أنه أصبح بريئ من الشيطان، فمشى قليلاً وسمع رجلا يقرأ “قُل هوَ الله أحد”، فقال النبيّ عليه الصلاة والسلام: (غُفر لهذا الرجل ذنبه)راجع، الدارمي: (3292)/النسائي (عمل اليوم، 764)بإسناد صحيح.
مُسمّيات سورة الإخلاص
- الإخلاص: هذا الإسم من أشهر الأسماء لهذه السورة، فمعناه أنه يُخلّص العبد من التوحيد لغير الله سبحانه وتعالى، خاضعٌ له وحده، متجهٌ بعبوديته لأسمائه وصفاته، حيث يوقن العبد أنه لا ألوهية ولا عبودية لغير الله جلّ وعلا.
- النّجاة: فهي تنجي من العذاب ما دامت قرائتها تدخل العبد جنة الرحمن.
- الولاية: الله هو أحد فرد فهو يعطي عباده ويرزقهم ويمنحهم كلّ ما يتمنونه جلّ جلاله فهو الكريم، يطلبون منه كلّ ما يريدون كونه الوليّ الأول والآخر.
- المعرفة: حيث ورد أنّ رجل قرأ “قل هو الله أحد”، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنه يعرف ربه).راجع، حديث جابر.
- الجمال: ما دام الله واحدأحد، وليس كمثله شيئ، معطي كلّ الجمال لعباده، فكيف ل ايتصف بالجمال؟
- الأساس: توحيد الله هو الأساس لبداية العقيدة الإسلاميّة، والمسلك الربّاني الحكيم.
- سورة النور: ذكر النبيّ، عليه الصلاة والسلام: (إنّ نور القرآن “قل هو الله أحد”).
- سورة المحضر: تحتاط عند سماعها لسورة الإخلاص.
- تُسمى المعوذة: (ما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط) يعني الإخلاص والمعوذتين.رواية النسائي وابن مردويه والبزار بسند صحيح مرفوع.
- سورة الأمان: هي حصن للإنسان بعد الصلوات، وقبل وبعد النّوم، وفي الصباح والمساء، وأنها تقي من عذاب الآخرة.
- وتسمى أيضا المذكرة؛ لأن مذكور فيها ذكر الله الخالص له.
- سورة الإيمان: العقيدة السليمة تأتي بعد التوحيد هذا ما يؤدي إلى العبد إن كان خالصاً.
- سورة الصّمد: لا يستطيع العبد العيش بدون أن يصمد حوائجه لله سبحانه وتعالى.
- والمقشقشة: تجرد العبد من الشرك والنفاق.
- البراءة: أن يكون العبد متحرراً من آفات الكبائر، وغيرها مما يؤدي إلى غضب الله سبحانه.
- المانعة: أي أنها تمنع من عذاب القبر والعذاب الدنيوي والآخروي.
- سورة التفريد، والتجريد؛ لأنها بدأت بالأحد، واختتمت بها، وأن الله جلّ وعلا متفرد بالعبودية.راجع، مركز البحوث العلميّة/ تفسير الثعالبي .