سورة التغابن
تختلف الآراء حول التغابن فيما إذا كانت مدينة أم مكية؛ حيث تشير الغالبية العظمى إلى أن الوحي -عليه السلام- قد نزل بها على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، أما عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- فقد أكد بأنها سورة مكية باستثناء أواخرها فقد نزلت في المدينة المنورة، وتتخذ سورة التغابن المرتبة 64 بين ، أما عدد آياتها فلا يتجاوز 18 آية، وقد جاء نزولها بعد سورة التحريم مباشرةً. سورة التغابن
سبب نزول سورة التغابن
- سبب سورة التغابن على الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء لتوضيح مدى عظمة الخالق في خلقه، فقد كشفت الآيات الكريمة وتدبرّت في عظيم خلق الله عز وجل في السماء والأرض، كما أكدت على مجيء يوم القيامةِ لا محالة والعذاب الذي ينتظر الكافرين، وذلك للتأكيد على أن يوم القيامة يوم موعود وآتٍ دون شك.
- هذا وقد أشارت الآيات الكريمة إلى أن سبب نزول سورة التغابن قد جاء أيضًا لتثبيت الذين أسلموا على ديانتهم بالرغم من بقاء أهليهم وأبنائهم على الكُفر، ومحاولاتهم في منعهم من الهجرة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى لإعلان إسلامهم، وفي تلك الفترة دأبت قريش على عدم السماح لأحد بمرافقة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بترك المال والأهل والأبناء في مكة والمضي قدمًا وحيدًا لكل من أراد الإسلام؛ وقد جاء ذلك كوسيلة للضغط عليهم وجعل الحنين للأهل يمنعهم من الذهاب، وقد جاء في قولِ عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- “كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده، وقالوا: ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال، فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر، فأنزل الله هذه الآية حيث قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)).
- جاء في الآراء بأن عطاء بن يسار قد أشار إلى أن سبب نزول سورة التغابن هي قصة عوف بن مالك الأشجعي، فقد أقبل ليعلن إسلامه ويرافق -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة تاركًا خلفه الأموال الوفيرة والأبناء، وعندما عزم أمره؛ وقف أبنائه في طريقه ورفضوا ذهابه متسائلين لمن سيتركهم، فضج قلبه بالحنين والحزن وعاد إليهم ولم يذهب مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أسباب نزول سورة التغابن
بعد التعرف على سبب نزول سورة التغابن؛ لا بد من العلم أن تسمية التغابن واحدة من تسمياتِ ، حيث جاءت الدلالة على ذلك في الآية الكريمة “يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ”، حيث في ذلك اليوم تُغبن الأرض كاملةً وما عليها وما في الكون، فيتخّذ كُل إنسان جزاؤه بما قدمّه من إحسانٍ أو إساءة، ويشار بمصطلح الغبن إلى الخسارة العظيمة، ففي ذلك اليوم يغبن أهل النار كل من دخل الجنة ونصره الله بالفوز العظيم بجناتِ النعيم. تفسير سورة التغابن
فضل سورة التغابن
من أبرز الأفكار الرئيسية في سورة التغابن فضل سورة التغابن:
- التأكيد على تسبيح كل ما خُلِق في الأرض والسماء لله تعالى.
- تقديم العظة والعبرة من القرون المنصرمة.
- التطرّق إلى إنكار المشكرين ليوم القيامة (التغابن).
- توضيح الثواب والعقاب وبيانه جملةً وتفصيلًا.
- التعمق في القصص حول العداوة بين الأبناء والأهل.
- نزول الأمر الإلهي بالأمر بالتقوى ومضاعفة الأتقياء وثوابهم.
- خلو السورة من المنسوخ، إلا أنها تحتوي على الناسخ.
- التذكير بأن الله عالم الغيب والشهادة ولا يخفى عليه شيء.
- تعظيم الخالق عز وجل وتمجيده. فوائد من سورة التغابن
- الإنسان مخيّر وليس مسيّر، حيث مّن الله عز وجل على الإنسان بالعقل ليتدبر ويختار.
- التأكيد على البعث يوم القيامة للبشرية منذ بدء التكوين وحتى لحظة قيام الساعة.
- توضيح سبب تسمية سورة التغابن، وذلك لما يغبنه أهل الباطل لأهل الحق يوم المحشر.