علم أسباب النزول
يُعتبر علم أسباب النزول من أهم العلوم الإسلامية، والتي اهتمَّ بها ا قديماً وحديثاً، ومما يدلُّ على مدى اهتمامهم بهذا العلم وعنايتهم به، ما بذلوه من جهود في سبيل تدوين هذا العلم، وإفراده بمؤلفات خاصة. وقد تناول العلماء في كتبهم الطرق التي يُعرف ويؤخذ بها سبب النزول وحصروها في روايات الصحابة رضوان الله عليهم الذين عاشوا الوحي وعاصروا نزوله، وشهدوا الوقائع والأحداث، والظروف، وأيضاً في الأخبار التي نقلها التابعون الذين تلقّوا العلم عن الصحابة رضوان الله عليهم.
لعلم أسباب النزول أهمية عظيمة من بين العلوم الإسلامية؛ فهو يساعد قارئ ويُعينه على الفهم الصحيح والسليم للنصوص القرآنية، ويُيسِّر له بالنتيجة حفظه، ويُثبت معناه لديه، ويُمكنه من خلاله معرفة الحكمة الباعثة على تشريع حكم معين. تعريف سورة الفلق: المصحف الإلكتروني
- ذهب بعض المفسِّرين إلى القول بأنّ سورة الفلق سورة مكية، وبهذا قال عطاء بن رباح، والحسن، وعكرمة، وجابر وفيه رواية عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وقتادة، وجماعةٌ آخرون.
- ذهب فريقٌ آخر من إلى القول بأنّ سورة الفلق هي سورةٌ مدنية وليست مكيَّة.
سورة الفلق تسميتها ومكانتها
وعدد آيات سورة الفلق؛ خمس آيات، وهي من قصار السور، ويأتيها ترتيبها في المصحف الشريف؛ في العدد مائة وثلاثة عشر، أما ترتيبها بحسب النزول؛ فقد نزلت بعد سورة الفيل، أي؛ في الفترة بين نزول الوحي والهجرة إلى الحبشة، وتقع سورة الفلق في الربع الثامن، من الحزب الستين، من الجزء الثلاثين من القرآن الكريم. وقد سميت سورة الفلق بهذا الاسم لأنها افتُتِحت بقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)سورة الفلق، آية (1)، والمراد بالفلق؛ الصبح، أما مناسبة سورة الفلق لسورة الإخلاص التي تسبقها في الترتيب فهي؛ أنّ الله سبحانه وتعالى بيّن أمر الألوهية في ، وبّين فيما بعدها ما يُستعاذ منه بالله سبحانه وتعالى من شرورٍ في هذه العالم.
كما بيّنت السورة مراتب الخلق الذين يصُدُّون عن توحيد الله سبحانه وتعالى، وبيّنت السورة الكريمة في ثناياها موضوع الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، والتحصّن بقدرته سبحانه من شرّ الخلق، ومن شرّ الظلام إذا انتشر، ومن شرّ النساء الكيّادات، ومن شرّ أهل الفتنة، ومن شرّ الحسود.كتاب: الموسوعة القرآنية، خصائص السور المؤلف: جعفر شرف الدين المحقق: عبد العزيز بن عثمان التويجزي الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية – بيروت الطبعة: الأولى – 1420 هـ، الجزء (12)، الصفحة(327) كتاب : التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر : دار الفكر المعاصر – دمشق الطبعة : الثانية ، 1418 هـ، الجزء(30)، الصفحة(469) تعريف سورة الفلق: المصحف الإلكتروني
سبب نزول سورة الفلق
ذكرت التي تُعنى بتفسير النصوص القرآنية وأسباب النزول، سبب نزول سورة الفلق، وكان من ذلك ما ذكره الواحدي؛ في سبب نزول هذه السورة الكريمة؛ أنّ غلامًا من اليهود كان يخدم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت إليه اليهود وطلبوا منه مِشاطة من شعر سول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى، فما زالوا به حتى أخذوا المشاطة من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدداً من أسنان مشطه، فسحروا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووكّلوا أمرهم بخصوص السحر إلى رجلٍ منهم يُدعى لُبيد بن أعصم اليهودي، حيث دسّها في بئرٍ لبني زُريق يقال لها بئر ذروان، وعلى إثر هذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتثر شعر رأسه، وكان يرى أنّه يأتي نساءه وفي الحقيقة أنّه لا يأتيهنّ.
وبينما هو نائم ذات يوم، جاءه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، وقعد الآخر عند رجليه، فقال الملك الذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ فقال الآخر: مطبوب -أي مسحور- فسأله عن الذي سحره، فقال: لُبيد بن أعصم، وذكر أنه سحره بمشاطة الشعر وبأسنان المشط، وأنّه موجود في بئر ذروان، وموجود بالتحديد تحت قشر الطلع، تحت حَجرٍ في أسفل البئر، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى حوارهم، فبعث علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمار بن ياسر، إلى تلك البئر فنزحوا ما بها من ماء، وكان لونه كأنه منقوع الحناء، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا قشر الطلع وإذا به مشاطة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسنان مشطه، ووترٌ معقود أحدى عشرة عقدة، مغروزة بالإبر، فأنزل الله سبحانه وتعالى سورتي الفلق والناس (المعوذتين)، فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة، حتى انحلت آخر عقدة، وكان جبريل عليه السلام يقول: (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسدٍ وعين الله يشفيك).
وقد وردت قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الكتب والأحاديث الصحيحة، ومن بينها ما جاء في صحيح ، وفيه: ( سحَر رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ من بني زُرَيقٍ، يُقالُ له لَبيدُ بنُ الأعصَمِ، حتى كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخَيَّلُ إليه أنه يَفعَلُ الشيءَ وما فعَله، حتى إذا كان ذاتَ يومٍ أو ذاتَ ليلةٍ وهو عِندي، لكنه دَعا ودَعا، ثم قال: يا عائشةُ، أشَعَرتِ أن اللهَ أفتاني فيما استفتَيتُه فيه، أتاني رجلانِ، فقعَد أحدُهما عِندَ رأسي، والآخَرُ عِندَ رِجلي، فقال أحدُهما لصاحِبِه: ما وجَعُ الرجلِ؟ فقال: مَطبوبٌ، قال: مَن طبَّه؟ قال: لَبيدُ بنُ الأعصَمِ، قال: في أيِّ شيءٍ؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطَةٍ، وجُفِّ طَلعِ نخلةٍ ذكَرٍ، قال: وأينَ هو؟ قال: في بئرِ ذَروانَ …)الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5763 | خلاصة حكم المحدث: صحيح إلى آخر القصة كما سبق بيانه، والحديث طويلٌ ثابتٌ بكتب السنة.
الأحكام المستفادة من سورة الفلق
تضمنت سورة الفلق العديد من الأحكام والدروس التي تُفيد المسلم في حياته، ومن الدروس والأحكام ما يلي:كتاب : التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر : دار الفكر المعاصر – دمشق الطبعة : الثانية ، 1418 هـ، الجزء(30)، الصفحة(474)
- تعليم كيفية الاستعاذة من جميع الشرور؛ من شرِّ الجنّ والإنس، ومن شرِّ الشياطين، ومن شر النار، وسائر المخلوقات التي يمكن أن تلحق الضرر والأذى بالمسلم.
- تعليم الاستعاذة من ثلاثة أصناف؛ من الليل إذا حلّ ظلامه، ومن الساحرات اللواتي ينفخن في عقد الخيط، ومن الحاسد الذي يحسد غيره.
- جواز الاستعانة بالرقية، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأنها الطريق الأسلم للوقاية من السحر والحسد والعلاج له.
- عدم وجود ما يمنع من كون سبب نزول سورة الفلق هو استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بها وهذا الأمر لا يُنافي ما ورد في الآيات القرآنية.