القرآن الكريم
كلام الله تعالى، المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المنزّه عن كل نقص، المحفوظ بالصدور والسطور، المعجز بكلامه، وهو المتعبد بتلاوته، المنقول للمسلمين بالتواتر عن المَلك جبريل عليه السلام، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس ، فالقرآن دليل صدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودليل يُرشد به الله الأمة إلى السعادة الأبدية، حيث الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، وذلك بتدبر آياته، وفهم نصوصه؛ لمعرفة مدلولاته وأحكامه، ففهم الآيات مطلب لكل مسلم؛ ليعرف ما يجب عليه والعمل بمقتضى ذلك، ومعرفة أسباب النزول يُعين في فهم القرآن، ومن هذه السور التي ورد لها سبب نزول، سورة عبس، فما سبب نزول سورة عبس؟ وما هي أبرز المواضيع التي تناولتها السورة؟ وما الأحكام المستفادة من السورة؟ مع تعريف عام بالسورة، هذا ما ستتناوله هذه المقالة بإذن الله.
تعريف بسورة عبس
سورة عبس، من السور المكية، التي نزلت قبل ، وكانت خطاباً لأهل مكة، تعد من قصار السور، وتقع في الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وهي من الحزب تسعة وخمسين، وترتيبها في المصحف الشريف من حيث الرَّقم يقع تحت رقم ثمانون، أما عدد آياتها فاثنين وأربعين آية، وعدد كلماتها مئة وثلاثة وثلاثين، وحروفها خمسمائة وثمانية وثلاثون، وقد نزلت من حيث الترتيب الزمني للنزول بعد سورة النجم، أما من حيث المصحف الشريف، فهي بعد سورة النازعات، وقبل سورة التكوير، وتمتاز السورة بقصر آياتها، وسهولة حفظها.
سُميت السورة بسورة (عبس) لابتدائها بالوصف الشرعي، الذي تقتضيه الفطرة البشرية، فحين ينشغل الإنسان بأمر معين، ويأتيه أمر آخر أقل شأناً من الذي هو مشغول به، فيصرفه عما هو به، وحينها نزل العتاب من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، حيث انشغل بدعوة أحد المشركين إلى الإسلام عن إجابة من أتاه طالباً الدخول في الإسلام وسيأتي بيان ذلك في فقرة سبب النزول، وهذا يؤكد بشرية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يعتبر نقصاً إنما تأكيداً على صدق نبوته وأن القرآن كتاب الله وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم كما يدعي المشركون. التعريف بسورة عبس
سبب نزول سورة عبس
سورة عبس نزلت في ، ودليل ذلك ما تضمنته من مواضيع تؤكد نزولها بمكة، كقدرة الله عزَّ وجل، وتوحيده، والبعث، والنشور، وأهوال يوم القيامة وغيرها، وفيها عاتب الله عز وجل النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما جاء الصحابي عبد الله بن أم مكتوم، وهو خال زوجته السيدة خديجة بنت خويلد، وكان أعمى، فعندما ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليتعلم منه؛ وفي هذه اللحظة كان النبي صلى الله عليه وسلم مشغولاً في دعوة رجال قريش، ومحاولة إقناعهم، فصدَّ النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أم مكتوم مراراً وتكراراً، ومع إصراره عبس النبي في وجهه؛ لعدم استجابة ابن أم مكتوم، وتفهّم انشغاله وإصراره على ذلك، فنزلت سورة كاملة في عتابه صلى الله عليه وسلم على ذلك الفعل، وقد ابتدأت السورة بذكر ذلك العتاب من الله لنبيه، حيث قال تعالى في مطلعها: (عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ) سورة عبس،آية:1 ومنذ تلك اللحظة أكرم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أم مكتوم وكلما رآه قال له: مَرحباً بمن عاتبني الله فيه.