أسماء الله الحسنى
إن من أهم الأمور التي تزيد المسلم هي معرفة أسماء الله الحسنى وفهمها والعمل بها، والتقرب إلى الله من خلالها، قال تعالى في كتابه الكريم: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا)،سورة الأعراف،آية: 180 وقد بين الله -سبحانه وتعالى- ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن معرفة أسماء الله الحسنى يكون في مراتب ثلاث، وهي إحصائها لفظاً وعدداً، وفهمها والعمل بها، ودعاء الله بها، ويكون الدعاء للثناء والعبادة، وطلب المسألة من الله -سبحانه وتعالى- فأسماء الله الحسنى هي أصل الإيمان، حيث إنها تشتمل على جميع أنواع التوحيد، وهي توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الصفات والأسماء، وكلما زادت معرفة المؤمن بأسماء الله الحسنى زاد إيمانه وقوي.
لم يثبت عددها بحديث صحيح فهي قد تصل إلى ألف اسم، فمنها ما ذكره الله في ليعلمها عباده، ومنها ما ذُكر في السنة النبوية، ومنها ما علمه للملائكة، ومنها ما استأثر الله -سبحانه وتعالى- بها لنفسه في علم الغيب، ولذلك لا بد من الرجوع إلى أهل العلم لمعرفة ما يجوز تسمية الله به وما لا يجوز، حيث إن أسماء الله توقيفية لا مجال لإعمال العقل بها، ولا يجوز المجازفة بنطق أي منها إلّا بعد التأكد من صحته خوفاً من تسمية الله بما لا يليق به، وأما حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه أبي هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن للهِ تسعةً وتسعونَ اسْما من أحصاها دخل الجنَّةَ،الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2677، خلاصة حكم المحدث : صحيح لا يعني أن عدد أسماء الله تسعة وتسعين اسماً فحسب، وإنما هناك من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من يُحصيها ويعمل بها يدخل الجنة، وليس في هذا حصر لعدد أسماء الله، كما أنه ليس دليل على أن الأسماء الواردة في الكتاب والسنة هي 99 فقط، وفي هذا المقال سيتم التطرق إلى بيان معنى بعض من أسماء الله تعالى.
شرح اسماء الله الحسنى
فيما يأتي بيان لمعنى من أسماء الله الحسنى وهي كالآتي:
- الله: ويعني المعبود، والمألوه، والذي يختص بالألوهية والعبودية على جميع خلقه، وهو الذي يملك جميع صفات الكمال، وإليه ترجع جميع أسماء الله الأخرى، فيقال الرحيم من أسماء الله، ولا يُقال الله من أسماء الرحيم، واسم الله هو الذي يجمع بين معاني جميع الأسماء الحسنى الأخرى.
- الأول، الآخر، الظاهر، الباطن: فالله -سبحانه وتعالى- هو الأول ليس قبله شيء، أي أنه كل شيء في الوجود لم يكن قبل وجود الله، وكل ما سوا الله كان بعد أن لم يكُن، فالله هو السبب والمُسبب، والآخر هو الله وليس بعده شيء، وهو الغاية، وهو الذي تلجأ إليه المخلوقات بكل ما ترغب به وبكل ما ترهب منه وفي جميع مطالبها، والله هو الظاهر ليس فوقه شيء، وهذا يدل على عظمة الله -سبحانه وتعالى- فيضمحل ويتلاشى كل شيء مقابل عظمته، وهذا يدل على علوه أيضاً، والله هو الباطن ليس دونه شيء، ويقصد بذلك أن الله مُطَّلع على السرائر وما تخفي النفوس، وهو مُطلع على جميع الخفايا ودقائق الأمور، ويدل هذا الاسم على كمال قرب الله -سبحانه وتعالى- من كل شيء وكل مخلوق في الوجود، وقد وردت هذه الأسماء مقترنة ببعضها في الآية الكريمة: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).سورة الحديد، آية 3
- العلي، الأعلى، المتعال: تدل هذه الأسماء على أن الله سبحانه وتعالى تثبت له جميع صفات ومعاني العلو، فله علو الذات، أي أنه فوق المخلوقات جميعها، وله علو القدر، فلو اجتمعت جميع الخلائق لا يُمكن أن تماثل صفة واحدة من صفات الله، ولله علو القهر، فيقهر بعزته وإرادته جميع خلقه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
- العظيم: فكل وصف ومعنى لله يدل على عظمته، فمن عظمة الله أنه يوصف بجميع صفات الكمال، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كفه تكون أصغر من حبة الخردل، ومن عظمة الله أنه لا يوجد أي من خلقه يستحق تعظيماً كتعظيمه، فهو يُعظَّم بالقلوب، والجوارح والألسنة، ومن تعظيمه تعظيم كل ما حرّمه أو شرَعَه، ولا يعترض على شيء من شرعِه أو خلقِه.
- المجيد: ويعني أن لله المجد العظيم، ويتجلى المجد في عظمة صفاته وكثرتها، وليس فيه صفاته أي قصور أو أي وجه من وجوه النقص.
- الكبير: أي أن الله -سبحانه وتعالى- هو أكبر من كل شيء، وأعظم وأجل وأعلى من أي شيء، وله الجلال والكبرياء كله، فيعظمه المؤمنون ويخضعون له ويتذللون لكبريائه.
- السميع: فيحيط سمع الله بكل المسموعات في العالمَيْن السفلي والعلوي، ويسمع السر والعلن، ولا تختلط عليه الأصوات أو اللغات، وهذا النوع الأول من سمع الله، أما النوع الثاني فهو مرتبط بسمع الله لمن يدعوه ويسأله فيجيبه، ويثيبه على دعائه.
- البصير: هو الذي يحيط بصره بكافة المبصرات في الوجود، فلا يخفى عليه شيء في أدقه، فيرى حركة الماء في غصون الأشجار وعروقها، ويرى دبيب النمل على الأرض في الليالي المعتمة، وما إلى ذلك من الأمور وكبائرها.
- الحميد: فالله حميد من وجهين كما ورد عن ابن القيّم، فالأول يكمُن في أن جميع المخلوقات في السماوات والأرض تنطق بحمد الله سبحانه وتعالى سواء وقع منها ذلك أم لم يقع وكان مفروضاً عليه، لمنح الله لخلقه نعماً كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، والوجه الآخر يكمُن في حمد الله على صفاته وأسمائه الحُسنى العظيمة والكاملة، فلله الحمد لصفاته، ولأفعاله، ولحكمته، ولشرعه ولقدرته وكل ما يتعلق بصفاته العُليا الكاملة.
- الغنيّ: فالله له الغنى المُطلق لكماله وكمال صفاته، ولا يُمكن أن يكون إلّا غنياً، حيث إن غناه هو من الأمور اللازمة لذاته، ومن الأمور الدالة على غناه أن خزائن السماوات والأرض بيديه وحده، والرحمه بيده وحده، ومما يدل على غنى الله وكرمه أنه طلب من عباده أن يدعوه ووعدهم بالإجابة والجود عليهم في كل اللحظات، ومما يدل على واسع غناه أن لم يتخذ شريكاً في الملك وليس له صاحبة أو ولداً، والله هو المغني لجميع مخلوقاته بما ملأ به قلوبهم من الحقائق الإيمانية ومختلف المعارف الرّبانية.
- الحليم: لله -سبحانه وتعالى- الحلم الكامل، فهو حليم في خلقه فلا يقابل معصيتهم بعصيانهم، بل ويُنعم عليهم بنعمه سواءً كانت ظاهرة أم باطنة بالرغم من زلّاتهم وأخطائهم، وقد وسع حلمه أهل الكفر ليُمهلهم حتى يتوبوا ويرجعوا إليه.
- العفوّ، الغفور، الغفّار: إن الله يعفو عن عباده ويغفر لهم، ويُعرف بصفحه عنهم، وقد وعد الله عباده بالمغفرة والعفو إن أتوا بأسبابها، والله يحب العفو عن عباده إن هم استغفوره وتابوا إليه وسعوا إلى تحقيق رضاه عنهم، ويُحب أن يتوب عباده إليه ويستغفرونه فيقبل ويعفو عن سيئاتهم وخطاياهم.
- الرّقيب: والرّقيب هو الذي يطَّلع على ما تخفيه الصدور، وهو القائم على الأنفس أجمعها بما تقوم به وتكسب، وهو الذي يحفظ مخلوقاته بحفظه ويُجريها ويُسيِّرها في أكمل نظام ويُدبرها أحسن التدبير.
المراجع
- شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة: الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صفحة: 5-6 ،77-112
- الألوكة الشرعية: سلسلة شرح أسماء الله الحسنى (1)
- الدرر السنية: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة