الصلاة
فرض الله تعالى على عبادة وجاءت فرضيتها بالقرآنِ والسنةِ والإجماع أما بالقرآن فجاء الأمر بها في آياتٍ كثيرة ومنها قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)سورة البقرة، آية رقم، 43.، وفي السنة النبوية فقد ورد بأنها ركنٌ من أركان الإسلام وجاء الأمر بها في أحاديثٍ كثيرة، والصلاة عمود الدين وترك الصلاة هو الفرق بين المؤمن والكافر، وهي الصلةُ بين العبد وربه، وفيها يناجي العبد خالقه، وفيها السكينةُ والطمأنينةُ للنفس وهي مُكفِّرةٌ للخطايا والذنوب، وقد ورد الأمر بالصلاةِ في القرآن الكريم بالمجمل، وأما كيفيتها فقد جاءت بالسنة، وفَصَّل الفقهاء موضوع الصلاة في كثيرٍ من مؤلفاتهم، وأخذت حيزاً كبيراً منها، وذلك لأنه يجبُ الحرص من خلال تأدية الصلاة على أكمل وجه، فمن أسقط ركناً منها أو شرطاً لم تصح صلاته، وقد جاء الحديث النبوي الصحيح في بيان كيفيتها وفي شروط وجوب الصلاة، وشروط صحة الصلاة، وأركانها وواجباتها وسننها وغيرها، وأجمعت الأمة الإسلامية على وجوب خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، والصلاة فرضُ عين على كل مسلمٍ بالغٍ عاقل.
وتعرفُ الصلاة لغةً بأنها الدعاء، وشرعاً فهي أقوال وأفعال مخصوصة، يؤديها العبد مفتتحةٌ بالتكبير مختتمةٌ بالتسليم، وتجب الصلاة بأوقات محددة فرضها الله تعالى على عباده، ولتارك الصلاة ومُضيِّعها عقابٌ عظيم توعده به الله تعالى، وكذلك فقد امتدح الله تعالى المحافظين على صلاتهم، ووعدهم بالأجر العظيم.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، 1/653.
شروط صحة الصلاة
ولِتكونَ صلاةُ المؤمن صحيحةً يجب أن تتوفر فيها مجموعةٌ من الشروط ، والركن هو ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون ضمن ماهيته، أي الفعل الذي يكون من ضمن الصلاة كالركوع والسجود وغيره وأما الشرط فهو ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجاً عن ماهيته، كالشروط التي سيأتي بيانها وحكم الشرط والركن في الصلاة واجبٌ، فلا تصح الصلاة بدونه، والشروط للصلاة تكون على نوعين شروطُ وجوبٍ للصلاة، وهي التي يجب أن تتوفر لتجب الصلاة على العبد كالبلوغ والعقل، وشروط صحة الصلاة، وهي التي يجب أن تتوفر لتكون الصلاة صحيحة كالطهارة، وهناك شروط يجب توفرها كالإسلام والعقل والتمييز فكما أنها تعد شروطاً لوجوب الصلاة، فهي كذلك شروطٌ لصحة الصلاة، ومن أهم عمومًا ما يلي:وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، 1/728.
- معرفة دخول الوقت: فيجب العلم بدخول وقت الصلاة سواءً أكانت معرفته يقيناً أو ظناً غالباً، فإن صلى بدون معرفته للوقت لا تصح صلاته، حتى وإن وقعت الصلاة في وقتها، لأن العبادة يجب أن تكون بنيةٍ منعقدة، بلا شك أو تخمين، ودليل ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)سورة النساء، آية رقم، 103. أي لها وقتٌ محدد يجب الالتزام به.
- الطهارة: ويقصد بها الطهارة من الحدثين، الحدث الأصغر والحدث الأكبر والطهارة تكون والوضوء والتيمم، والحدث الأكبر هو ما كان موجبًا للغُسل كالحيض والنفاس والجنابة، وأما الحدث الأصغر فهو ما يوجب كالبول والغائط وغيره مما يعد من نواقض الوضوء، بحسب الحدث الذي احتاج للطهارة، وقد ورد الأمر بالطهارة في آية الوضوء، وفي كثير من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والطهارة شرطٌ من شروط صحة الصلاة سواءً كانت صلاةً مفروضة أو صلاة نافلة، فمن صلى بغير طهارة لم تنعقد صلاته، وإن تعمد الحدث في الصلاة فصلاته باطله بالإجماع.
- الطهارة عن الخبث: ويقصد به النجاسة الحقيقية، فيشترط لصحة الصلاة الطهارة من النجاسة الحقيقية التي لا يُعفى عنها في الثوب والبدن والمكان، فالدليل على وجوب طهارة الثوب قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)سورة المدثر، آية رقم، 4.، ودليل طهارة البدن هو حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- (ذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاَةَ، وإِذَا أَدْبَرَتْ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وصَلِّي)البخاري، صحيح البخاري، 320، مسلم، 333.، ودليل طهارة المكان هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بإراقة الماء في المكان الذي بال به الأعرابي في المسجد، فطهارة الثوب والبدن والمكان شرطٌ من شروط صحة الصلاة.
- ستر العورة: وتعرف العورة بأنها ما أوجب الإسلام ستره وحرم النظر إليه، ودليل وجوب ستر العورة في الصلاة قوله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) فقد قال ابن عباس في تفسير الآية أن المقصود بها هو الثياب في الصلاة.
- استقبال القبلة: يُعد استقبال القبلة شرطًا متفقًا عليه من شروط صحة الصلاة، قال تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)سورة البقرة، آية رقم، 149. واستقبال القبلة للصلاة شرطٌ حكمه الوجوب إلا في حالة الخوف الشديد، وفي للمسافر على الراحلة.
- النية: تعد النية من شروط الصلاة عند الحنفية والحنابلة، وعند المالكية على الراجح عندهم، وهي من فروض الصلاة أو أركانها عند الشافعية ولدى بعض المالكية؛ لأنها واجبه في بعض الصلاة، وهو أولها، لا في جميعها، فكانت ركناً كالتكبير والركوع، وتعرف النية بأنها العزم على فعل العبادة قربةً لله سبحانه وتعالى، والنية عملٌ قلبي محض لا علاقة للسان به، والمقصود منها الإخلاص، أي إخلاص العبد في عمله، وابتغاءه به مرضاة الله تعالى، والنية في الصلاة واجبةٌ باتفاق العلماء، لأن الصلاة عبادة والعبادة تحتاج لإخلاص، والصلاة بدون النية غير صحيحة.
- الترتيب والموالاة في أداء الصلاة: ويقصد به أداء الأركان والواجبات والسنن في الصلاة متتابعة ومرتبة واحداً بعد الآخر، ويُعدُ الترتيب والموالاة من شروط صحة الصلاة.
- ترك الكلام في الصلاة: فلا يصح أن يتكلم المصلي بأي شيء خارج عن الصلاة ولو تكلم في الصلاة تبطل صلاته.
- ترك الأفعال التي لا تكون من جنس الصلاة: وهي الأفعال التي يُخيل للناظر أن فاعلها ليس في صلاة، كالالتفات الكثير وغيره.
- ترك الأكل والشرب في الصلاة: فالصلاة عبادة عظيمة تجمع معها عبادة الصوم، فلا يصح للمصلي أن يأكل أو يشرب في صلاته، عامداً كان أو ساهياً ولو كان شيئا يسيراً فلو فعل ذلك تبطل صلاته.