أزمة الاقتصاد التركي
شهد التركي واحدةً من أعنف أزماته عام 2001، والتي نتجت بشكلٍ رئيسي بسبب مروره بفترةٍ من الانخفاض خلال ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وكانت بسبب الأزمات السياسية التي مرَّت بها وكثرة الخلافات بين الأحزاب الحاكمة والمعارضة والأحزاب الدينية.
في عام 1996، حذَّر صندوق النقد الدولي تركيا من حدوث أزمةٍ مالية بسبب العجز، وهو ما حدث بالفعل بعدها عندما سحبت الحكومة التركية 70 مليار دولارٍ من رأس مال البلاد كي تواجه ذلك العجز.
قدَّم البنك الدولي مساعداته لتركيا، ومنها 11 مليار دولارٍ لتخفيف العجز، إلا أن التخبُّطات السياسية أدت إلى انهيار سوق المال التركية، وأصبح الوضع أسوأ عندما انخفضت أسعار الفائدة والأسهم، وبعد تغيير “أطنان” من العملة التركية إلى الدولار واليورو، ونتيجةً لذلك، فقد نحو 15 ألف شخصٍ وظيفته، وانهارت العملة التركية أمام الدولار، لينهار الاقتصاد التركي بكامله وسط التردُّد السياسي للدولة.
تعافي الاقتصاد التركي
بمُجرد أن واجهت تركيا تلك الأزمة الاقتصادية عام 2001، فعَّلت إنذارات الخطر، وحينها كان حزب العدالة والتنمية قد فاز في الانتخابات وبدأ في حكم تركيا، كي تُتَّخَذ خطوات اقتصادية أعادت الاقتصاد من جديد، بل وجعلته أحد .
أسباب صعود الاقتصاد التركي
لصُعود الاقتصاد التركي أسباب ومُقوِّمات، أهمها:
الإصلاح السياسي
يُعدُّ ذلك هو العامل الأول والأقوى الذي أدى إلى تعافي الاقتصاد التركي وصعوده من جديد، إذ كان للاختلافات الداخلية أثر كبير في استنفاد أموال الدولة وتدهور حالها بمُرور الزمن. وبمُجرد صعود حزب العدالة والتنمية، أنهى ذلك الخلاف، ووضع سياساتٍ صارمة للتعامل مع الاقتصاد والأموال على وجه الخصوص، وإضافة نظراتٍ جديدة إلى السياسات الداخلية والخارجية.
خصخصة المؤسسات
تُعدُّ خطوة خصخصة المؤسسات إحدى الآليات التي تتخذها الدول المتأزمة اقتصاديًّا بهدف تعزيز دورات رأس المال بداخلها، وهذا ما فعلته تركيا عندما خصخصت الكثير من مؤسساتها وباعتها إلى المستثمرين، وأدى ذلك إلى تنشيط حركة التجارة ومن ثمَّ تحقيق العوائد الاقتصادية التي شكَّلت فارقًا مهمًّا في مستوى الاقتصاد.
إتاحة الفرصة للاستثمارات الأجنبية
بعد تعزيز تركيا لعلاقاتها في الأسواق العالمية عقب أزمة 2001، انهالت عليها أطنان من الأموال الاستثمارية الخارجية التي أدت إلى توافر السيولة، وهو ما أدى إلى نموٍّ اقتصادي وصل إلى 6.2% في عام 2002، بل وصلت تلك النسبة إلى 9.4% في عام 2005، وهو تطوُّر هائل وسريع في وقتٍ قياسي.
تعزيز الطلب المحلي
لم يتوقَّف الأمر على إتاحة الفرصة للاستثمارات الأجنبية فقط، إذ ضخَّت الدولة لتعزيز الناتج المحلي، ممَّا زاد من الطلب عليه كي يُكسِب تركيا درعًا واقيًا تجاه الأزمات الاقتصادية، وهو ما ظهر بوضوحٍ عندما استطاعت أن تتخطى الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في عام 2008 بأقل خسائر ممكنة.
إعادة الهيكلة
خلال تلك الفترة التي ازداد فيها معدل النمو، أعادت تركيا هيكلة قطاعها الاقتصادي، كي تصبح بدورها ثاني أسرع معدل نموٍّ بالعالم في عام 2011 بنسبة 8.5%، أي بعد الصين، التي تحتل المركز الأول بنسبة 9.2%.
خلال تلك المدة، بلغ متوسط دخل الفرد نحو 10 آلاف دولارٍ أمريكي، بعدما كان 3000 دولارٍ فقط عام 2002، وبذلك اندرجت تحت تصنيف البنك الدولي في الدول متوسطة الدخل، كما تسعى الحكومة التركية إلى زيادة دخل الفرد ليتخطَّى 12 ألف دولار، وبذلك تصبح من الدول مرتفعة الدخل.
تنمية التعليم
كما هو الحال دائمًا، إن أردت اقتصادًا قويًّا فيجب أن تمتلك تعليمًا قويًّا، وهو ما انتبهت إليه تركيا وفعلته من خلال تطوير العملية التعليمية بها، لتُصبح من أكبر الدول من ناحية معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية بنسبةٍ تجاوزت 95%، كما تسعى الحكومة إلى عمل المزيد من التطويرات لتُعزِّز تلك النسبة بالمراحل التعليمية الأخرى.
تحسين الطاقة
اعتمدت تركيا في الفترة الأخيرة على تحويل توجُّهاتها إلى مجال الطاقة المتجددة؛ إذ أنشأت سلطةً هدفها تنظيم الطاقة وعمل الإصلاحات بها، كما أدخلت استثماراتٍ خاصة جديدة إلى ذلك المجال لتُطبِّق خطتها الشاملة لتوفير أكبر قدرٍ من الطاقة بما يُسهم في تعزيز الاقتصاد.
تطوير العلاقات
طوَّرت تركيا علاقاتها الخارجية مع الكثير من دول العالم في الفترة الأخيرة، كما طوَّرت علاقتها مع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، كي تصبح من أكبر الشركاء الاقتصاديين له وأحد أكبر المُصدِّرين في .