الوضوء والصَّلاة
هي الرُّكن الأبرز في أركان الإسلام، وهي مكمِّلٌ لباقي الأركان فلا يصحُّ عمل المسلم إلا إن صحَّت صلاته، وإن فسدت الصلاة فسدت باقي الأعمال، وذلك مصداقاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلَّم- الذي يرويه عنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه، فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ)،رواه الترمذي في سننه عن أبي هريرة، حديث رقم: 413 وحتى تقع الصلاة صحيحةً مقبولة فإنه يُشترط لها عدة شروط، ومن أبرز تلك الشروط المطلوبة لصحة الصلاة وجوازها؛ الوضوء وهو غسل مواضع مخصوصة من جسم الإنسان ضمن طرق وكيفيات محددة، فما هي صفة الوضوء؟ وما هي كيفيته؟ هذا ما ستتطرق له هذه المقالة.
معنى الوضوء
للوضوء في اللغة والاصطلاح عدة معانٍ؛ بيانها على النحو التالي: المعاني: تعريف ومعنى الوضوء
- الوضوء في اللغة: في اللغة اصطلاحاتٌ عديدة، أما أصلُ الكلمة فمشتقٌ من الفعل وَضَئَ، أو من الوضاءة، ومنه التَّوضؤ للصلاة، الذي يعني غسل بعض المواضع الخاصة لإجازة الصلاة، أما الوَضوء بفتح الواو فيُقصد به الماء المستخدم أثناء عملية الاستعداد للصلاة بالغسل، وأما الوُضوء بالضمِّ فيعني عملية الوضوء ذاتها.
- الوُضوء في الاصطلاح: هو غَسل أعضاء مخصوصة لإباحة الصلاة، أما الأعضاء فهي: الوجه واليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى المرفقين، مع وجود النية لأداء الصلاة، فيكون الوضوء سبباً لوجود فعل الصلاة، وشرطاً لقبولها.
صفة الوضوء
الوُضوء كما سبق بيانه من أبرز شروط الصلاة التي يجب التَّنبُّه لها من حيث الإتيان بها صحيحةً تامة وعدم الإنقاص منها أو الإخلال في حيثياتها، وفيما يلي بيانٌ لصفة الوضوء الصحيحة بناءً على ما جاء عن الفقهاء الأجلّاء استناداً إلى أقوال النبي -صلى الله عليه وسلَّم وأفعاله: صفة الوضوء: صيد الفوائد
- النيَّة: ينبغي على المسلم قبل الشُّروع في وضوئه أن يكون قاصداً الوضوء لا سواه، فينوي في قلبه فعل الوضوء تحديداً، فإن شرع في غسل يديه ووجهه دون نيةٍ ثم نوى الوضوء أثناء ذلك لم يجز، لمخالفته أحد أهمِّ وهو النية، ولا يجب التلفظ بالنية بلسانه بل يكفي استحضارها في قلبه لتَحقُّقِها.
- البسملة: ينتقل المسلم بعد استحضار النية إلى البسملة ليُعلن ابتداء الوضوء فيقول: (بسم الله)، فإن نسي البسملة فلا إثم عليه ولا بأس.
- غسل الكفين إلى الرسغين: يغسل المتوضئ يديه إلى منطقة الرسغين ويُكرر ذلك ثلاث مراتٍ إن شاء.
- المضمضة: وذلك بأن يضع الماء في فمه ثم يمجُّه فيُخرجه، يُكرر ذلك ثلاث مراتٍ إن شاء.
- الاستنشاق: بأن يضع الماء في أنفه ثم يتنفَّس ويُخرجه بالاستنثار، ويكرر ذلك ثلاث مراتٍ إن شاء، وله أن يُبالغ في ذلك بجذب الماء إلى داخل أنفه لتنظيفه إلا أن يكون صائماً فيكون ذلك الفعل مكروهاً له خشية وصول الماء إلى حلقه.
- غسل الوجه: يغسل وجهه بادئاً بمقدمة رأسه -منبت الشعر- مروراً بشحمتي أذُنيه وصولاً إلى أسفل ذقنه مشتملاً على داخل وجهه بما فيه العينين والأنف، فإن كان ذا ذقنٍ طويل (لحية) خلَّلَه بالماء حتى يصل الماء إلى آخره، فإن كان قصيراً يغسله كسائر وجهه.
- غسل اليدين إلى المرفقين: فينبغي على المسلم غسل يديه حتى يبلغ مرفقيه تنفيذاً لأمر الله عزّ وجل الوارد في الآية الكريمة حول ذلك، ويُكرر غسلهما ثلاث مرات.
- مسح بعض الرأس: بعد أن ينتهي من غسل يديه ينتقل إلى مسح شيءٍ من رأسه ولو بعضه، وإن مسحه جميعه كان أولى، وتكون هيئة المسح بأن يبدأ بمقدمة الرأس رجوعاً إلى آخر رأسه ثم يعود بيديه إلى مقدمة رأسه دون فاصل.
- غسل الأذنين: يغسل أذنيه واضعاً أصبعين من أصابع يديه فيهما بعد بلِّهما بالماء، ويضع آخرين حولهما يلفُّهما حول أذنيه.
- غسل الرجلين إلى الكعبين: آخر خطوات الوضوء أن يغسل المتوضئ رجليه حتى كعبيه، ويكرر ذلك ثلاث مرات.
- من أركان الوضوء أن يُوالي المتوضئ بغسل أعضاءه ومسحها، فلا يدع فاصلاً زمنياً طويلاً بين عضوٍ وآخر، فإن فعل ذلك كان وضوؤه غير صحيح، كما يجب عليه أن يبدأ بهذه الأفعال بذات الترتيب المنصوص عليها آنفاً فلا يجوز له تقديم شيءٍ على آخر، كما لا يجوز له تأخير أحدها عن مكانه الصحيح.
تجدر الإشارة أنَّ الأعمال سابقة الذكر تشتمل على وواجباته، أما الأركان الرئيسية للوضوء فهي أقلَّ من ذلك وأبسط، فإن توضئ المسلم وأتى بها وحدها صحَّ وضوؤه، وتلك الأركان أو الواجبات هي: غسل الوجه مرةً واحدة، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح بعض الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، هذا من حيث الأفعال المحسوسة، أما غير ذلك من الأركان فالنية التي تثبت بمجرد استحضارها في القلب، وترتيب تلك الأركان كما هي مبتدئةً بالنية، والموالاة بينها بعدم ترك فاصلٍ زمني.
نواقض الوضوء
الوضوء كغيره من العبادات له شروط وأحكام وأركان، وينتقض بأسباب وأفعال، ومن الأمور التي تؤدي إلى ما يلي: صفة الوضوء: صيد الفوائد
- خروج صوت أو ريح أو بول أو غائط من السبيلين، ولا فرق في ذلك من حيث المقدار فقليل ذلك وكثيره يؤديان إلى بطلان الوضوء، ويُستثنى من هذا الأمر من به مرضٌ دائم كسلس بولٍ أو نحوه.
- الجنون: فإن المسلم لا يكون مُكلَّفاً بالعبادات إلا إن كان بالغاً عاقلاً، فإن توضأ شخصٌ ثم أصابه الجنون يكون وضوؤه منتقضاً.
- مسُّ الفرج: فمن مسَّ فرجه لشهوةٍ، أو مسَّ فرج غيره انتقض وضوؤه، وفي ذلك تفصيلٌ بين علماء المذاهب؛ فالحنفية رأوا انتقاض وضوئه بمجرد اللمس سواء كان ذلك بشهوة أو بغير شهوة، بينما لم يجعل الشافعية لذلك أثراً، إذ اعتبروا الفرج جزءاً من جسد الإنسان فحكم لمس الفرج كحكم لمس غيره من أعضاء الجسم، وقال بانتقاض الوضوء بسبب لمس الفرج إن كان اللمس بشهوة علماء المالكية والحنابلة، فإن لم يكن اللمس بشهوةٍ لم ينتقض الوضوء.