إننا نواجه في هذه المرحلة من تاريخها مشكلات كثيرة في عددها، حادة في تأثيرها، ومتشابكة في تركيبها؛ لذلك لا بد لنا أن نعد من أهم التحديات التي ترتبط بتعاملنا مع هذا الواقع للحفاظ على تساوي المعادلة بين متطلبات الإنسان المستقبلية والصراع مع مشاكله، وحفاظه على مقومات إنسانيته، وعناصر نمو أفراده نموًّا سليمًا، ففي مواجهة التغيير المتسارع المتجددة في الواقع البشري المعاصر، تظهر الحاجة إلى تطوير نظرة الإنسان لهذا الواقع، وتطوير المفاهيم التي تحكم تعامله معه؛ حيث تقف الحياة بمتطلباتها كلها أمام التفكير بالمستقبل، وعندما يتوقف ذلك على التوجه الصحيح للحياة؛ فإننا نقف أمام بوابة النجاح، النجاح الذي يراود جميع الأشخاص حول العالم، فهو حلم يراه الكثيرون بعقولهم، والقليلون منهم من يرونه بين أعينهم ويسعون وراءه بجميع السُبل الممكنة لتحقيقه، فمجرد التفكير في شيء هو خطوة أولى لتحقيقه؛ فليكن هذا الشيء هو المستقبل الخاص بكل شخص منا.
الصعوبات والتحديات
نظراً لتعقد الحياة وتشعب متطلباتها، تزداد الحاجة إلى الاستفادة من قوى الإنسان الإبداعية وتنميتها للتغلب على الصعوبات الناجمة عن هذه الأوضاع المُعقدة التي ربما لم يكن للإنسان يد في حدوثها؛ ما يعني اتساع مفهوم الفشل بحيث لم يعد مقصورًا على مجالات النشاط الفكري والثقافي؛ ولكنه امتد إلى كثير من الجوانب اليومية ومواجهة الاحتياجات المادية.
مفهوم النجاح
هو أن تصل إلى هدفك الذي تحلم بالوصول إليه وتريد تحقيقه، فلا يقتصرالنّجاح على النّجاح الأكاديمي فقط ولا على التفوق العلمي؛ بل يشمل جميع نواحي حياتنا كأن تكون ناجحًا في عملك، وتحقق الإبداعات من خلال عمليات التطوير، أو أن تكون متميزًا وناجحًا في علاقاتك الاجتماعية ومحبًّا لمساعدة الآخرين ومن حولك، أو حتى النّجاح في إنشاء الصالحين وتربيتهم، وحتى في أداء العبادات، فكل شيء في حياتنا يحتاج أن نحقق النّجاح به من علاقات وسلوكيات بالإضافة إلى الدراسات والتحاليل والعبادات؛ لذا يتوجب على الجميع أن يبحثوا عن طريق النّجاح ويحاولوا أن يصلوا إليه مسلحين بروح التحدي والإصرار والعزيمة.
النجاح والمستقبل
إننا نقف أمام مفهوم النّجاح، فالذين يربطون أنفسهم بالماضي لسبب أو لآخر، والذين يحبسون أنفسهم في الحاضر ظنًّا منهم ووهمًا بأن الحاضر بشروطه الذي يناسبهم بديلٌ عن المستقبل، فإن هؤلاء الذين يخاصمون مفهوم النّجاح والتقدم في الحياة، فهم عرضة للكثير من المشاكل والمتاعب الحياتية، فإنهم يواجهون التخبط في الحياة والمشاكل الاجتماعية والوقوع في شباك الفارغين من أصدقاء السوء، بالتالي أصبحوا أكثر عرضة للتحطم الذاتي والفكري والأخلاقي أيضًا، لينفر منه المجتمع لما يمثله من عبء عليه، بعكس الشخص الناجح الذي يتخذه الكثيرون مثلًا وقدوةً لهم لتحقيق الإنجازات والنجاحات التي وصل إليها؛ ولأن النجاح على المستوى النظري يعني مفارقة الواقع إلى واقع آخر أفضل في المستقبل القريب أو المستقبل البعيد؛ لذلك اغتنم دقائق العمر الثمينة وحافظ عليها من الضياع بدون فائدة؛ لأن الفرد الناجح يستثمر جميع أوقاته للإبداع والتطوير.
طرق النجاح
يستهدف للنّجاح الوصولَ إلى غايات معينة عن طريق خطوات محددة تسلسلية مشروطة بافتراضات تنطلق من الوضع الحالي، فإن هذا يتطلب الأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات الصغيرة والكبيرة، وترك معوقات الفشل جانبًا؛ لأنه لا يضيف للمرء شيئًا بقدر ما يكون عائقًا له في حياته ومشواره نحو النجاح، فلتبدأ ببناء شخصية ناجحة مستقلة عن المثبطات التي تحيطك، مع ضرورة التخلص من هذه المعوقات حتى وإن كانت سلوكيات من حولك في المجتمع فاشلة، فعليك بالاستقلال بشخصيتك وبنائها على سُبل النجاح؛ ولكن ليس بالضرورة العُزلة والانطواء لتحقيق النجاح، فهناك من ستجده دافعًا لك، ويحرص دائمًا على مساندتك والوقوف معك بأفكاره وآرائه للوصول إلى البيئة الصالحة التي تضمن لك النّجاح والاستقرار والأمل للمستقبل؛ لأن النّجاح لا يقتصر تأثيره على الفرد وحده، وإنما يمتد تأثيره على المجتمع، فإن كان الفرد ناجحًا فإن المجتمع سيجني ثمرة النّجاح هذه لينافس به المجتمعات المتقدمة وينطلق بمجتمعنا إلى الريادة والتقدم.
إن الصراع في متطلبات الحياة للوصول إلى النجاح يلزم العزم لتحقيق الآمال والطموحات التي يحلم بها كل شخص منا؛ لذلك علينا دائمًا النهوض بعد المحاولات الفاشلة والتمسك بالإرادة والعزيمة والثقة بالنفس، والمحاولة من جديد؛ لأن ذلك هو السبب الجوهري للنّجاح، فكما قال الشاعر خليل مطران:
اعتزمْ وكدَّ فإِن مضيتَ فلا تقفْ … واصبرْ وثابرْ فالنجاحُ محققُ
لذلك يجب أن يكون النّجاح هدفك وإن كثرت المحاولات وطال وقتها فلا تيأس أبدًا، فالفاشل هو من يجلس يبكي دون المحاولة والتحرك لتغيير الوضع الذي هو عليه، واعلم دائمًا بأن الناجحين جميعهم وقعوا في الفشل في بداية طريقهم إلى النجاح؛ ولكنهم تسلحوا بالعزيمة والإصرار بجانب الثقة بالنفس لأنهم يعلمون بأن النّجاح هو الطريق الذي لا يسير فيه الفاشلون؛ لذلك وجب عليك أن تنادي بالنّجاح وتتنعم به وتضع الهدف نصب عينيك وتضيف دائمًا ضرورة إثبات نفسك للجميع من حولك؛ ولأنك تملك جميع المقومات والعوامل الإيجابية؛ لذلك لا بد من تحقيق النّجاح لتكون أنت منارةً في تاريخ المستقبل؛ لتنعم بنجاحك وثمرات جهدك، لتفتخر بما ستضيفه من تقدم لك ولمجتمعك، فهنيئًا لك أيها الناجح مزاحمة المبدعين والعظماء.