فريضة الحج
أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو فرض على كل مسلم عاقل بالغ مستطيع لقوله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ)؛ لذا فهو فريضة العمر لوجوبه مرة واحدة بالعمر، ويكون مرة في العام في شهر ذي الحجة، ويعد الحج الغنيمة الكبري حيث يحظى فيه المسلم بالأجر العظيم والمغفرة الكاملة فيخرج من الحج كيوم ولدته أمه خاليًا من الذنوب، ولفريضة الحج العديد من المناسك والشعائر التي يؤديها المسلم طاعةً لله وإذعانًا بعبوديته وتعظيمًا لشعائر ، وتعد رمي الجمرات واحدة من الشعائر الواجبة على الحاج والتي لا بد له من الوقوف على مشروعية وطريقة رمي الجمرات بالطريقة الصحيحة.
مشروعية رمي الجمرات
رمي الجمرات أحد مناسك الحج التي يجب على الحاج تأديتها ولا ينبغي التهاون فيها، فتمام الحج بتمام مناسكه لقول الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وامتثالًا لفعل صلى الله عليه وسلم في الحج، ومما روي عنه قوله عليه الصلاة والسلام في أثناء الحج (خذوا عني مناسككم).
ورمي الجمرات تشرع لحكمة لا يعلمها إلا الله عز وجل، والتي ربما لا يتخيلها عقل، إلا إنه يجب على المسلم أن يكون على يقين بحكمة الله في كل شيء، وأن يستسلم لأوامره ويذعن له بالوحدانية والألوهية، وتعد مشروعية رمي الجمرات اقتداءً بفعل إبراهيم الخليل عليه السلام، فهو أول من رمى الجمار، لما رُوي أنه عليه السلام كان يرمي الشيطان في هذه الأماكن عندما كان يعترض طريقه في أثناء ذهابه لتنفيذ ذبح ابنه إسماعيل.
وهناك بعض الأحاديث التي وردت في هذا الباب ومنها ما روي عن رضي الله عنهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض)، وفي هذا دليل على أن رمي الجمرات تعد إشارة إلى عدواة الشيطان، وإشهار المسلم بهذه العداوة على هذا النحو يؤكد معنى الخضوع التام والتواضع لامتثال أمر الله عز وجل، وليس رمي الجمرات هو رمي نفسه كما يظن بعضنا.
ما الجمرات
رمي الجمرات عبارة عن دفع تلك الحصى الصغيرة إلى الموضع المخصص بالرمي في حوض الجمرة، وتدل كلمة الجمرات على تجمع الحصى، والحصى المقصودة في رمي الجمرات هي حصى صغيرة بحجم يفوق حجم حبة الحمص ويصغر عن حجم البندق، ويجب على الحاج تجميع الحصى من منى وإن أخذها من مزدلفة فلا بأس في ذلك، وهي عبارة عن سبع حصيات ترمى في كل جمرة، وفي هذا الأمر تخطو هيئة الحج في المملكة العربية السعودية بالعمل على توفير الحصيات وتقديمها إلى الحجاج في حوافظ قماشية خاصة تسهيلًا عليهم خاصةً كبار السن وحفظًا منها على سلامة الحجيج وصحتهم؛ إذ تُغسل الحصى وتُجفَّف وتُعقَّم بطريقة متقنة.
طريقة رمي الجمرات
بعد وصول الحاج إلى منى يوم النحر يقطع التلبية ويبدأ في رمي جمرة العقبة، فيرمي الحاج الجمرات بسبع حصيات يبدأ بواحدة تلو الأخرى ويكبر مع كل حصاة، ويبدأ رمي الجمرات بأول جمرة يوم العيد وهي جمرة العقبة وهي الجمرة التي تلي ويستحب رميها وقت الضحى، فعن جابر رضي الله عنه قال(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فبعد الزوال)، ويستمر وقتها إلى وقت غروب الشمس إلا إن الأفضل في وقت ، وترمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال، ويبدأ الحاج برمي الجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد الخيف برميها بسبع حصيات، وبعد الانتهاء من الرمي يقف مستقبلًا القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو الله بما شاء، إذ يستحب إطالة الدعاء عند الجمرات وفي ذلك روي عن سعيد بن جبير قال: (كانوا يقومون عند الجمرتين بقدر قراءة سورة البقرة).
ثم ترمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات ويقف بعدها الحاج ويجعلها على يمينه ويستقبل القبلة مستمرًا في الدعاء طويلًا، ثم يرمي الجمرة الأخيرة وهي التي تلي مكة بسبع حصيات ولا يقف عندها لأن رماها ولم يقف عندها، وهكذا بطريقة رمي الجمرات نفسها في أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن لم يتعجل، أما المتعجل فلا يلزمه الرمي في اليوم الثالث عشر، وبهذا يكون مجموع الحصيات للمتعجل اثنتين وأربعين حصاة عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ولغير المتعجل ثلاثًا وستين حصاة عن أيام التشريق.
أحكام تتعلق برمي الجمرات
هناك بعض الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الحجاج في طريقة رمي الجمرات، ومن هذه الأخطاء:
- رمي جمرات أيام التشريق قبل زوال الشمس؛ إذ إن الوقت الصحيح لرميها بعد الزوال، فعن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بمنى أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس)، وفي هذه الحالة يجب على الحاج إعادة رميها بعد الزوال.
- الرمي بحصيات كبيرة اعتقادًا بأن ذلك يؤذي الشيطان أكثر، فلا يجوز الرمي إلا بحصاة صغيرة كما وُصفت سابقًا.
- الرمي بالخشب أو بأي شيء آخر غير الحصى.
يجوز توكيل الحاج لغيره برمي الجمرات عوضًا عنه في حالة عدم الاستطاعة كالمريض والكبير العاجز، ويكون التوكيل في رمي الجمرات وفق أحكام معينة:
- أن يكون الشخص الوكيل حاجًا فلا يجوز التوكيل لغير الحاج كالعمال المتواجدين بالحج.
- يرمي الوكيل عن نفسه السبع حصيات أولاً ثم يرمي لمن وكله.
- لا يبدأ الشخص الموكل في طواف الوداع إلا بعد تأكده من قيام الوكيل باكتمال الرمي عنه.
- لا بد أن يكون التوكيل لفظًا كأن يقول الموكل للوكيل ارمِ عني الجمرات أوالتوكيل بالفعل كأن يعطيه الحصى للرمي عنه.
- إن تعذر على الوكيل الرمي فلا بد أن يخبر الموكل، وفي هذه الحالة يلزم الموكل الهدي.