الاستخارة
من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أن شرع لهم ؛ توجيهاً لهم في طلب الحاجات منه سبحانه، ومنعاً للحيرة من أن تتطرق إلى نفوسهم؛ فكانت صلاة الاستخارة استشعاراً لمعية الله سبحانه وتعالى، وقربه من عباده؛ فالله سبحانه وتعالى يجيب الداعي إذا دعاه، ويزيل الحيرة عن نفس المستخير؛ ويجير المستجير؛ فيشعر العبد بالرضا والتسليم لخالقه في كل ما يعرض له من أمور، فالأمر كله لله سبحانه وتعالى، ومن هنا كان حثُّ السنة النبوية المطهرة المسلمين على أداء صلاة الاستخارة، إذا قصد أحدهم أمراً لا يعلم الصواب فيه؛ فبينت السنة النبوية كيفية هذه الصلاة، وكيفية بها، وفي هذا المقال سيتم تناول موضوع طريقة صلاة الاستخارة ومعناها اللغوي والاصطلاحي، وحكمها، وأهمية أدائها.
معنى الاستخارة
تتميز باحتوائها على الكم الهائل من الألفاظ، ولفظة الاستخارة كغيرها من الألفاظ في هذه اللغة، لها معنيان واحد في اللغة وواحد في الاصطلاح وفيما يلي بان لكلا المعنيين:
- الاستخارة في اللغة اسم، استخار، يستخير، استخارة، فهو مستخير، يقال: استخار الرجل أي: استعطفه، واستخاره أي: طلب منه الخير، استخاره الشيء: انتقاه واصطفاه، والاستخارة: طلب الخير في الشيء. موقع المعاني، معنى “استخار”
- الاستخارة في الاصطلاح: طلب الاختيار، أي: أن يطلب العبد صرف همته لما هو المختار عند الله والأولى، وذلك ، أو الدعاء الوارد في الاستخارة.
- صلاة الاستخارة عبارة عن ركعتين يؤديهما العبد إذا احتار بين أمرين، داعيًا الله عز وجل بهما بدعاءٍ مخصوص أن يوفّقه إلى ما فيه الخير.
حكم صلاة الاستخارة وحكمة مشروعيتها
ذهب الفقهاء إلى أنّ صلاة الاستخارة سنة عن صلى الله عليه وسلم، إذا أراد الشخص أن يعمل شيئاً ولم يتبين له رجحان فعله أو تركه، ودليل ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الحديث الذي يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كالسورةِ من القرآنِ،…)الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6382، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
أما بالنسبة لحكمة مشروعية صلاة الاستخارة؛ فلأن صلاة الاستخارة فيها تسليم العبد لأمر الله سبحانه وتعالى، والتجاء إليه، وخروج له من حوله وقوته إلى حول الله سبحانه وتعالى وقوته.كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الطبعة: (من 1404 – 1427 هـ).الطبعة الثانية، دار السلاسل – الكويت، الجزء(3)، الصفحة(241-242)
طريقة صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة عبارة عن ركعتين مستقلتين، يصليهما العبد بنية الاستخارة، ويجزئ عن هاتين الركعتين ركعتان يصليهما من الصلاة النافلة؛ كالسنن والرواتب، أو من ، يجب التنبه إلى أنّ هذه الصلاة لا تصلى في الأوقات التي تكره فيها الصلاة؛ مثل: الوقت بعد العصر إلى المغرب، أو بعد الصبح إلى طلوع الشمس، أو وقت زوال الشمس، إلاّ إذا حدث للعبد طارئ، لا يمكنه معه تأجيل أداء صلاة الاستخارة، صلاة الاستخارة.. حكمها – وكيفية صلاتها – وتنبيهات وأمور هامة
- أن المرء وضوؤه للصلاة.
- أن يستحضر نية أداء صلاة الاستخارة.
- أن يصلي ركعتين؛ ويُسنّ أن يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة سورة الكافرون، ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الفاتحة .
- أن يكمل بقية أعمال الصلاة من ركوع وسجود وتسليم.
- أن يرفع يديه متضرعاً لله سبحانه وتعالى، ويقوم بالدعاء.
- أن يقوم بحمد الله وثناءه في أول الدعاء ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يقول الصلاة الإبراهيمية.
- أن يقرأ دعاء الاستخارة الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: (اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتُ تَعلَمُ هذا الأمرَ – ثم تُسمِّيه بعينِه – خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه – قال: أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري – فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهم وإن كنتُ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري – أو قال: في عاجلِ أمري وآجلِه – فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به)الراوي: جابر بن عبدالله السلمي، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7390، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] حتى إذا وصل بالقراءة إلى (فإن كنتُ تَعلَمُ هذا الأمرَ) يقوم بتسمية الأمر الذي يريده.
أهمية صلاة الاستخارة
لصلاة الاستخارة أهمية عظيمة، تكمن في ثلاثة أمور هي: أهمية صلاة الاستخارة
- الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، والقناعة بما يقسمه الله له، فالعبد عندما يستخير الله لا يندم على ما اختار، بل وتقوم الطمأنينة واليقين في قلبه فتدفع كل هم وحزن ينبني على اختياره.
- تجريد افتقار العبد إلى خالقه ومولاه، وتحقيق التوكل على الله سبحانه وتعالى وحده، وتفويض الأمر إليه؛ فهذه المعاني السامية تساعد صلاة الاستخارة في تحقيقها.
- تحقيق والفلاح في الاختيار، والتوفيق في السعي.
سبب صلاة الاستخارة
ذهب أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة باتفاق على أنّ صلاة الاستخارة تشرع في الأمور التي لا يعلم فيها العبد الصواب من الخطأ، وفيما لا يُعرف خيره من شره، أما بالنسبة للأمور التي يعرف فيها الخير من الشر كالعبادات، وأعمال الخير، والمعاصي، فلا استخارة فيها؛ فالاستخارة لا محل لها في الأمور الواجبة والأمور المحرمة، بل محلها في المندوبات والمباحات، وعند وجود التعارض.كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الطبعة: (من 1404 – 1427 هـ)،الطبعة الثانية، دار السلاسل – الكويت، الجزء (3)، الصفحة (242)