مقدمة
للأسف ما زالت معظم مجتمعاتنا العربية تعظّم من شأن الرجل أكثر من المرأة، ورغم التطور الذي حدث في القرن الأخير لنظرة المجتمع للمرأة بسبب تميزها في سوق العمل، وإثباتها جدارتها لتكون مؤهلة لفعل الكثير؛ لكن ما يزال كثير من يفرقون بين الرجل والمرأة بصورة فوقية في ثقافتنا، ويعدون المرأة في ذيل القائمة.
صور من ظلم البنت منذ الصغر
- عندما يكون المولود ذكرًا فإن الأب يكون سعيدًا، وتحتفل به العائلة كلها، وتوزع الهدايا، ويعد ولادته محفل الخير، في حين عندما يُعرف أن المولود بنت فإن الأب ينزعج من ذلك، ويشعر الأهل بالحزن والمصيبة ولا يحسون بأي نوع من البشارة.
- يبدأ ظلم البنت منذ الصغر؛ حيث يفرّق الوالدان في تربيتهما بين البنت والابن، فيلبيان طلباته كلها بينما تجد البنت صعوبة في الحصول على أقل الاحتياجات، ويُعطى الابن الفرصة لإملاء أوامره على أخته وفرض سيطرته عليها حتى وإن كانت هي الأذكى والقادرة على إدارة شؤونها، بينما هو غير مسؤول.
- يعد شريفًا وإن كان فاسقًا ومحميًا ويدافع عنه في المجتمع، بينما العكس للبنت فإنها مراقبة، ومهما كانت مؤدبة وخلوقة وحصلت على شهادات جامعية ومؤهلات فإنها تُعد أقل شأنًا وتُعامل بقلة احترام، ويُغرس شعور الدونية فيها ويفرض الذكور سيطرتهم عليها.
- يعد الذكر في ثقافتنا سندَ العائلة، وهو الذي يقوم بالحماية ويحمل اسم الأب وعائلته، وهو المعيل المستقبلي، بينما يقتصر دور الفتاة على ، كأن التربية شيء قليل وليس له أهمية كبقية أدوار الرجل.
كيف تُظلم البنت في الزواج؟
تُعد قضية ظلم البنت في من أكثر القضايا الشائكة في المجتمع، وما امتلئت المحاكم بهذه القضايا إلا بسبب ظلمِ البنت منذ الصغر، والمعاناةِ التي تجدها من السيطرة الذكورية من الآباء والإخوة والأزواج، والقيودِ التي تجدها منهم، ويُطلب منها إطاعة أوامرهم بصورة عمياء، فهي في نظرهم الأقل شأنًا، وناقصة العقل والدين التي في حاجة دائمًا إليهم. ومن صور ظلم البنت في الزواج:
- في كثير من الأحيان تُظلم البنت في الزواج بسبب أبيها أو أخيها، فإذا طلبها أحد للزواج فإن ولي أمرها يرفض ذلك الرجل بدون توضيح أي سبب لذلك، ولا يهتم حتى بأن يخبرها من الذي تقدم لخطبتها حتى لا توافق عليه، وحتى وإذا عرفت فإنه ومن دون أدنى مجهود يصر على أن رأيه هو الذي يجب أن يحكم.
- هناك من الآباء الذين للأسف لا يهتمون باختيار زوج صالح لابنتهم، فلا يهتم أبدًا من أمر تدينه وهل هو شخص خلوق أم لا، ولا يهتم أيضًا إن كان يتعاطى شيئًا من أو الكحول، وهناك من الأزواج من يضرب زوجته ضربًا مبرحًا وكل ذلك من سوء الاختيار في بادئ الأمر ومن دون أن يراعي الأب لما تلاقيه من العذاب، حتى لو اشتكت فإنه يطلب منها الصبر في بيت زوجها وأن لا تجلب لهم المشكلات والعار.
- هناك من الآباء من يطلب مهورًا غالية فوق المتوقع من الرجل، وضمانات وهدايا ومنازل وذهب مقابل ابنته، كأنه يبيع ابنته لا أن يُزوِّجها، ونسيَ أن أقلهن مهرًا أكثرهنّ بركة.
- هناك من يجبر ابنته أن تتزوج من رجل لا ترغب فيه، ويتحجج بأنه يعرف مصلحتها أكثر منها، كأنما هو الذي سيعيش مع الرجل وليست هي، وهنا صورة واضحة لعدم الاعتراف برأي المرأة واختيارها في حياتها.
- لا يقف ظلم البنت عند هذا الحد بل إنه إذا تزوجت من رجل واكتشفت بعد مدة أنه رجل غير صالح يشرب الكحول بإسراف مثلًا أو غير خلوق ومتهاون بشأن دينه، وقد يصل الأمر إلى أشياء خطيرة أخرى، فإذا اشتكت الفتاة من ذلك فإن أباها يجبرها على الاستمرار مع ذلك غير الصالح من دون أدنى اهتمام بمصلحة ابنته، وليس هنالك أي سبب يجعله يأتمن مثل هذا الرجل على ابنته إنما هو من أبشع صور الظلم، خاصة إذا لم يكن هنالك أي أمل من إصلاحه!