بن البيطار
هو ضياء الدين المالقي بن البيطار، ولد في عام 593 هـ، في مدينة ملقا.
نشأته وتلقيه للعلم
كان والده بيطرياً، علّمه صنعته فأتقنها إلى جانب العلم الشرعي، وكان ميالاً إلى التأمل وقضاء وقته في الطبيعة المفتوحة، يجمع المعلومات عن النباتات والأزهار ويدونها ويرسمها، فأدرك والده ميله لعلم الأعشاب و، فأوصله إلى العالم بن الرومية والذي كانت تربطه بوالد بن البيطار علاقة صداقة، وكان بن الرومية معروفاً بتميزه في مجال الصيدلة وعلم النبات، فتنبأ بن الرومي بمستقبله العظيم كعالم، ونصحه بأن يواصل في تعلمه الذاتي ليتسع أفقه وتتنوع معارفه، ثم استقبله في معمله بإشبيلية، والذي انكب بن البيطار على كل ما فيه من أدوات وعلوم ونباتات زرعت في مشتل بن الرومية.
سافر بن البيطار بعدها إلى ليتلقى العلم عن أبو الحجاج الذي كان عالماً في النبات، وتعلم في تلك الفترة اللغة الفارسية واليونانية استعداداً للسفر لتعلم الصيدلة في أوروبا، وكانت الدول الأوروبية في ذلك الوقت تكن العداوة لأهل الأندلس من المسلمين بسبب الحروب، ولكن ذلك لم يثن عزم بن البيطار عن السفر لطلب العلم، والذي استغرق قرابة الثمان سنوات، استقر بعدها في يمارس الصيدلة والبيطرة، وكان يخرج مع الجيوش في الحرب ضد الحملات الصليبية على مصر والشام لمداواة الجرحى وتطبيبهم.
قرأ بن البيطار كتب جالينوس وأبو قراط وبن سينا وشرحها وأضاف عليها، ويعود إليه الفضل في تركيب الأدوية وعلاج الأمراض بالعقاقير الكيميائية، ففي كتابه الجامع لمفردات الأدوية والأغذية وصفات لألف وأربعمائة عقار.
يوصف بذكائه وسعة حفظه، وأنه كان ينتهج المنهج التجريبي ويُوصي به، زار في حياته العديد من البلدان كتونس، والجزائر، والمغرب، ومصر، والعراق، وصقلية، واليونان، وكان يدرس نباتات كل بلد، ويصف خواصها واستخداماتها، وظروف زراعتها وتربتها.
توفي في عام 646هـ.
كتبه
له كتاب (شرح كتاب سقوريدس في الأعشاب)، و(المغني في الطب)، و(الأفعال الغريبة والخواص العجيبة)، و(رسالة في تداوي السموم)، و(الجامع لمفردات الأدوية والأغذية) والذي تُرجم إلى اللاتينية والألمانية والفرنسية.
البيروني
هو محمد بن أحمد البيروني، ولد في 362هـ في بيرون التي ينسب إليها.
نشأته وتلقيه للعلم
كان البيروني منذ صغره محباً للأرض بما فيها من تضاريس وجبال، والسماء وما فيها من كواكب ونجوم والتأمل فيها، ويداوم البحث في الطبيعة ونباتاتها، إلى أن اجتمع بعالم يوناني عرض عليه أن يعلمه العلوم الطبيعية، فأصبح يتقن العربية والفارسية واليونانية والسريانية، ثم تعلم الرياضيات والفلك على يد أحد أمراء خوارزم والذي كان عالما فيهما، وانتقل إلى مدينة الري حيث عمل مساعداً لكبير علماء الفلك الخو جندي، ثم انتقل إلى بخارى فعاصر فيها العالم بن سينا وسافر معه إلى جرجان، ثم سافر ليصبح مستشاراً لأحد أمراء الدولة العباسية، وعضواً في مجلس كبار العلماء في ذلك الوقت.
كان من أراء البيروني التي سبق بها تطور العلوم: دوران الأرض حول محورها، وأن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت، وأن المعادن تتمدد عند تعرضها للحرارة، وتحديده للأوزان الذرية لعدد من العناصر مثل الذهب والرصاص والحديد، ووصفه لخواص العناصر وكيفية التنقيب عنها واستخلاصها، وشرح الظواهر الجغرافية كالمد والجزر وتضاريس الأرض، وقياس خطوط الطول والعرض، ورسم خريطة تقريبية للعالم.
وتميز بتمكنه من العديد من العلوم كالرياضيات، والفلك، والنبات، والجغرافيا، والجيولوجيا، والكيمياء، والصيدلة، إضافة إلى التاريخ وعلم الاجتماع،
قام البيروني بترجمة العديد من المؤلفات العلمية من اللغة العربية وإليها، وترجمت كتبه إلى الألمانية، وأطلق عليه المستشرقون مسميات مثل الرحالة وبطليموس العرب.
توفي سنة 440 هجرية.
كتبه
من مؤلفاته (الجماهز في معرفة الجواهر)، و(النسب التي بين الفلزات والجواهر)، و(حكاية الآلة المسماة بالسدس الفخري)، و(الاسطرلاب)، و(الآثار الباقية عبر القرون الخالية)، و(الرصد الفلكي)، و(الآثار الباقية عبر القرون الخالية)، و(الصيدلة في الطب)، و(استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها)، ويعتبر كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) كتاباً في التاريخ وعلم الاجتماع، وصف فيه بلاد الهند وعادات شعبها وأديانهم، يُقدر مجموع مؤلفاته بمائة وثمانين مؤلفاً.
دور علماء المسلمين في مسيرة العلوم
كان بعض المهتمين من الأوروبيين يقدمون إلى البلاد العربية للعلم، فيتعلمون العربية ويدرسون على يد العلماء المسلمين، ويترجمون الكتب للغاتهم، منهم البابا سلفستر الثاني الذي سافر إلى الأندلس ليتعلم بها الرياضيات والكيمياء والهندسة ثم عاد ليعلمها على نطاق واسع، و ألبير الكبير الذي اهتم بكتب ابن رشد وابن سينا وترجمتها، و روجر باكون الكيميائي الأوروبي الذي يعتبر حلقة الوصل بين ما توصل إليه علماء الكيمياء العرب وبين علماء لاحقين كغاليلو ونيوتن الذين اعتمدوا على كتبه وعلمه،
فتحولت البلاد القريبة من بلاد المسلمين مثل والبرتغال وإيطاليا، واليونان، المجر، و مراكز للعلم، تتوفر بها الكتب المترجمة، والعلماء الذين درسوا في البلاد العربية وتبحروا فيها وأضافوا إليها، فأصبح الراغبون في طلب العلم من بقية أوروبا يسافرون إليها.
كتب العلماء الموجودة جزء صغير مما كتبوه
لم تصل إلينا جميع مؤلفات علماء المسلمين لتعرض بعضها للإغراق على يد المغول عندما دخلوا إلى بغداد، وحرق بعضها في الأندلس في الحروب، إضافة إلى وجود بعضها على شكل أوراق متفرقة فتختلط بكثرة تناولها بين من يقرؤونها، وتعرض بعضها لعوامل الزمن والرطوبة، إضافة إلى وجودها موزعة بين البلدان، وفي مكتبات المساجد، أو عند أفراد لم يشاركوا بها أحداً، ومما يدل على وجود أعداد هائلة من المؤلفات التي لم تصل إلينا: كتب الفهارس التي وضعها علماء ذلك الزمان كابن نديم، والتي حوت على بيانات العديد من الكتب التي لم يصلنا أي منها، كما توجد ترجمات بعض الكتب دون أن توجد الأصول التي تمت منها الترجمة لتعرضها للتلف.
المرجع
- بن البيطار، سلسلة أشهر العلماء في التاريخ، عاطف محمد، دار اللطائف للنشر