عناصر الكيمياء

تعريف العناصر الكيميائية

يعرف العنصر الكيميائي بأنه مادة لا يمكن تحليلها إلى مواد أبسط بأي طريقة من طرق التحليل الكيميائي، وبشرط أن تتكوّن هذه المادة من مجموعة ذرّات متجانسة ذات عدد ذرّي محدّد وأن لا يتخطّى تحليلها المستوى . يعني التعبير “مواد أبسط” في الجملة السابقة أن المادة الأبسط هي المكوّنة من ذرّات متماثلة، وليس جزيئات متماثلة (يتكوّن الجزيء الواحد من ذرّتين أو أكثر). تتكوّن جميع المواد سواء كانت في الحالة السائلة، أو الصلبة، الغازية أو البلازما من عنصر كيميائي واحد أو من مجموعة عناصر، ويتكوّن كل عنصر كيميائي من مجموعة ذرّات متماثلة، تضم كلّ ذرّة عدد محدّد من البروتونات، الإلكترونات والنيوترونات. فمثلًا، يتكوّن عنصر الفضّة النقيّ من مجموعة ذرّات تحتوي كلٍّ منها على 47 بروتون، ولا يمكن تحليل الفضة إلى مادة أكثر بساطة، بينما تتكوّن مركّب الماء النقي من مجموعة جزيئات، يتكوّن كل جُزيء منها من ذرّتين هيدروجين مرتبطتان بذرّة أكسجين، وبالتالي يمكن تحليل مركّب الماء النقي في المعمل إلى عنصر الهيدروجين (له عدد ذرّي يساوي واحد) وعنصر الأكسجين (تحتوي ذرّته على ثمانية بروتونات).

مفاهيم هامة عن عناصر الكيمياء

الفرق الأساسي بين المركّبات والعناصر

يستخدم مصطلح “المركّب الكيميائي” للإشارة إلى المواد التي تتكوّن من مجموعة جزيئات، وذلك بالرّغم من أن الجزيئات تتكوّن من ذرّات؛ فما هي دلالة هذه التفرقة بين العناصر والمركبات؟ ترجع هذه التفرقة إلى الاختلاف في طبيعة أصغر بنية ممكنة لتكوين المركّبات. فالمركّبات بالرّغم من أنها تتكوّن من ذرّات، ألا أن وجود هذه الذرّات منفصلة عن بعضها يؤدي إلى تحلّل المركّب، وبالتالي عدم وجوده. مثلًا، وجود ذرّات الهيدروجين منعزلة عن ذرّات الأكسجين في حيّزٍ ما، يعني عدم وجود الماء في ذلك الحيّز. إذ أن شرط وجود مركّب الماء هو ارتباط عنصري الهيدروجين والأكسجين مع بعضهما بعضًا بنسب محدّدة. من جهة أخرى، يمكن تحليل عنصر ما إلى عناصر أبسط، أو دمج عنصرين لتكوين عنصر أعقد، لكن الكلمتين “أبسط” و”أعقد” في هذا الإطار لا تعني أي منهما بالمستوى الذرّي، إنما يحدث ذلك التحليل أو الدمج في المستوى دون الذرّي، أي من خلال الجسيمات الموجودة في الذرّة. مثلًا، يمكن دمج ذرّة هيدروجين مع ذرّة هيدروجين أخرى وتكوين ذرّة هيليوم واحدة لها عدد ذرّي يساوي 2 (ناتج جمع البروتون الموجود في نواة كل ذرّة هيدروجين) في عملية تعرف باسم “الاندماج النووي”. أمّا عندم يتم تحليل عنصر إلى عنصرين أبسط فتعرف العملية باسم “الانشطار النووي”. مع العلم أن عمليات التحليل أو -الدمج خصوصًا- على المستوى دون الذرّي تتطلّب طاقة مهولة لإتمامها، مقارنة بعمليات التحليل الكيميائي للمواد على المستويات الأكبر.

قد يهمك هذا المقال:   مساحة فرنسا

المادة النقيّة

يستخدَم مصطلح “المادة النقيّة” للتعبير عن المادة المكوّنة بالكامل من ذرّات متماثلة (للعناصر) أو جزيئات متماثلة (للمركّبات). على سبيل المثال، يتكوّن الذّهب المُباع في محلّات الصياغة عادةً من الذّهب المشوَّب بعناصر أخرى مثل النحاس والفضّة، أي أن الخاتم مثلًا لا يتكوّن من الذهب بنسبة 100%، وبالتالي في هذه الحالة لا يمكن القول أن الذهب في الحالة النقيّة لاختلاطه بمعادن أخرى. أيضًا، يمتزج ماء الصنبور بعناصر أخرى مثل الفلوريدا والحديد وبعض العناصر المذابة، وبالتالي لا يكون مركّب الماء في الحالة النقيّة.

العدد الذرّي والعدد الكتلي

يُعرَف العدد الذرّي للعنصر بأنه يساوي عدد البروتونات في ذرّة العنصر (يساوي أيضًا عدد الإلكترونات في الذرّة متعادلة الشحنة أو المستقرة). أمّا العدد الكتلي للعنصر يساوي حاصل جمع عدد البروتونات والنيوترونات في الذرّة. يستخدم العددين (الذرّي والكتلي) للتمييز بين العناصر الكيميائية المختلفة، إذ يكون لكلّ عنصر عدد ذرّي لا يماثله فيه أي عنصر آخر، ويكون أيضًا لكل عنصر كتلة ذرّيّة معيّنة تحدد نشاطه الإشعاعي وبعض خواصه الكيميائية الأخرى. يجدر ذكر أن عنصر الهيدروجين هو أبسط العناصر في الطبيعة، إذ أن عدده الذرّي يساوي واحد، وعدده الكتلي يساوي واحد أيضًا (النّظير الأوّل للهيدروجين لا يوجَد في ذرّاته أي نيوترونات)، أما العنصر الأثقل في الطبيعة هو اليورانيوم بعدد كتلي يساوي 238 وحدة ذرّيّة. مع ذلك، توجَد عناصر أخرى لها عدد ذرّي وعدد كتلي أكبر من اليورانيوم، لكنها لا توجَد في الطبيعة؛ أي يتم تخليقها في المعامل فقط. يبلغ عدد العناصر 118 عنصر، منهم نحو 20 عنصر غير موجودين في الطبيعة ويتم تخليقهم فقط في المعامل.

نظرة تاريخية عن عناصر الكيمياء

ظهرت فكرة العناصر لأوّل مرّة في القرون الخمسة الأخيرة قبل الميلاد عند الفلاسفة الأغريق، باعتبار أن جميع المواد الملموسة والمحسوسة مهما تباينت أو اختلفَت عن بعضها بعضًا فإنها تتكوّن –جميعها- من عناصر أُخرى أكثر تجريدًا هي الماء والهواء، النار والتراب، بحيث توجَد هذه العناصر بنسب متفاوتة، وبالتالي كان يُعزى التغيّر في الخصائص العيانية للمواد إلى التغيّر في نسب العناصر الأربعة. ظل هذا الفكر مسيطرًا على التفكير في طبيعة المواد إلى ما بعد القرون الوسطى، مع بعض الإضافات والتمييزات البسيطة. مثلًا، أعتقد بعض الفلاسفة بوجود مكوِّن خامس يدعى “الأثير”. وميّز الخيميائيون (الكيميائيين القدامى –ما قبل الحديثة-) بعض العناصر لما لها من خصائص اقتصادية وشكليّة مميّزة، فالذهب والفضة كان لهما قيمة اقتصادية أكبر من النحاس والبرونز مثلًا، فضلًا عن لونهما اللامع والبراق، وخمولهم الكبير مقارنة بعناصر أخرى كالحديد الذي يصدأ والنحاس الذي يبهت. وعلى ذلك عُرِف الهدف الأهم لدى الخيميائيين بأنه تحويل الرصاص إلى ذهب.

قد يهمك هذا المقال:   بلاد الشام

مع تطوّر الفلسفة وتقدّم الفكر التجريبي الذي يعزّز فكرة الحصول على النتائج بالاعتماد على الملاحظة بالحواس والتجريب المباشر بدلًا من الاكتفاء بالتحليل والتنظير العقلي البحت، بدأ نموذج العناصر الأربعة ينحدر تدريجيًّا لعدم إمكان برهنته تجريبيًّا من ناحية، والإلتباس الكبير في تحديد نسب العناصر الأربعة في المواد المختلفة من ناحية أخرى. وبدأ الكيميائيون بالالتفات إلى نموذج التجريب المباشر، فمثلًا اعتقد الكيميائي الفرنسي أنطوان لافوازييه أن العنصر يجب تحديده بعد تحليل المواد المختلفة معمليًّا، وبالتالي يتم اعتبار “العناصر الأربعة” مواد وليس عناصر. وعلى ذلك قدّم لافوازييه مجموعة من المواد (33 مادة) باعتبار أنهم عناصر.

ومع تقدّم الفيزياء، واكتشاف التحليل الكهربي والنشاط الإشعاعي والانشطار النووي، تمّ اكتشاف مجموعة أكبر من العناصر من خلال تحليل بعض المواد باستخدام تقنيات مختلفة، مثل تقنية التحليل الكهربي. ومع تتابع الاكتشافات الفيزيائية زادت الإمكانات التكنولوجية، فأصبح تخليق العناصر في المعامل ممكنًا، فضلًا عن السهولة النسبية في تحليل المواد، وفهم البنية الأساسية للعناصر (الذرّات)، علاوة على الحصول على مقدار كبير من المعلومات حول خواص العناصر من خلال التحليل الطيفي. ليصل عدد العناصر المعروفة في الوقت الحالي إلى 118 عنصر مرتّبين في الجدول الدوري للعناصر بحسب العدد الذرّي، ولكل منهم خصائص محدّدة بدقّة يمكن إثباتها ورصدها بالاعتماد على التجربة والرصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *