صلاة الضحى ووقتها ووحكمها
يعتبر الخمس من الأمور الواجبة والمفروضة على كل مسلمٍ ومسلمة، وهناك بعض الصلوات المستحبة التي تعتبر من النوافل، التي يجتهد بعض المسلمين في أدائها تقربًا لله تعالى وطمعًا في رضوانه ومغفرته، ومن هذه الصلوات النافلة “” والضحى في اللغة: هي بروز الشيء والضحاء هو امتداد النهار والوقت البارز المنكشف، أما عن وقت صلاة الضحى فهي صلاة نافلة يؤديها المسلمون بعد ارتفاع الشمس مقدار رمح، أو بعد انقضاء ربع النهار، بمعنى أنها تبدأ بعد شروق الشمس بربع ساعة وتنتهي قبيل أذان الظهر بربع ساعة، وهي تُعرف ب”صلاة الأوّابين”.
أما حكمها فهو “سنةٌ مؤكدةٌ” عند الشافعية والمالكية، وهي سنةٌ مستحبة عند جمهور العلماء، و”مندوبة” في مذهب ابن حنيفة، بينما دعا الحنابلة إلى عدم المواظبة اليومية على أدائها حتى لا تشبه بالصلوات المفروضة. وقد شجّع النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة إلى أدائها يوميًا وكان يفعل ذلك بنفسه، وقد استنتج علماء الدين سنيّة صلاة الضحى من عدد من الأحاديث النبوية؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال:” أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر”. أخرجه ومسلم، وهناك حديث آخر روي عن أبي الدرداء وأبي ذر -رضي الله عنهما- عن رسول الله: ” عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ابن آدم، اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره “رواه الترمذي.
عدد ركعات صلاة الضحى
أجمع علماء الدين على أن أقل عددٍ لصلاة الضحى هو ركعتان، وأفضلها أربع ركعاتٍ تصّلى مثنى مثنى أي بتسليم بعد كل ركعتين، أو ثماني ركعات، بينما تنوعت أقوال العلماء والأئمة حول أكثر عددٍ لركعات صلات الضحى؛ فعند فقهاء المالكي والشافعي والحنبلي فأكثرها اثنتي عشر ركعة، أما عند الحنفية فقد رأوا أن أكثرها هو ستة عشر ركعة، بينما قال ابن جرير الطبري وابن باز وابن عثيمين أنه لا حد لعدد ركعات صلاة الضحى. ويستحب أن يصلّي المسلم ركعتي الضحى بسورتي الشمس والضحى، لما رواه عقبة بن عامر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:”أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسور منها والشمس وضحاها والضحى”.
فوائد صلاة الضحى
بيّنت الأحاديث النبوية الشريفة الكثير من فضائل وفوائدها للمسلمين المواظبين عليها في الدنيا والآخرة، ومن أهم هذه الفوائد ما يلي:
- صلاة الضحى هي صلاة الأوّابين، إذ لا يحافظ على أدائها إلا شخصٌ أوّاب والأواب هو التائب الراجع إلى الله تعالى، الذي يسارع لفعل الخير وأداء الطاعات وينصرف عن فعل الذنوب والمحرمات قال -صلى الله عليه وسلم-: “صلاةُ الضَّحى صلاةُ الأوَّابينَ”.
- صلاة الضحى وصيّة رسول الله للمسلمين، ويجدر بكل محبّ للنبي الإقتداء به والمضي على نهجه بأداء الطاعات والنوافل.
- أداء صلاة الضحى بانتظام أربع ركعاتٍ يوميًا يكفي الله بها عبده همّ حوائجه لقول النبي في الحديث القدسي:” قال اللهُ تعالى: يا ابنَ آدمَ! لا تعجِزْ عنْ أربعِ ركعاتٍ في أولِ النهارِ، أكفِكَ آخرَهُ”، ومعنى ذلك أن الله تعالى تكفّل بعبده المحافظ على صلاة الضحى وأعانه على أداء الطاعات وكفاه أمور الدنيا وهمّ حوائجها.
- جعل الله تعالى أجر الذي يخرج للمسجد ليؤدي صلاة الضحى كأجر المعتمر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَن خرج من بيتِه متطهرًا إلى صلاةٍ مكتوبةٍ، فأجرُه كأجرِ الحاجِّ المُحْرِمِ، ومَن خرج إلى تسبيحِ الضُّحَى، لا يَنْصِبُه إلا إيَّاه فأجرُه كأجرِ المعتمِرِ، وصلاةٌ على إِثْرِ صلاةٍ، لا لَغْوَ بينهما كتابٌ في عِلِّيِّينَ”.
- صلاة الضحى تُجزيء عن ثلاثمئةٍ وستين صدقة واجبة عن الجسد يوميًا وتقوم مقامها، فقد رُوي عن أبي ذر عن النبي أنه قال: “يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى”.
- أداء صلاة الضحى تساوي حجّةً وعمرةً تامتين بشرط أن يؤديها المسلم بعد طلوع الشمس في المسجد وذلك بعد أداءه في جماعة ومكوثه فيه وذكر الله سبحانه وتعالى وسبّح واستغفر إلى أن يحين وقت صلاة الضحى، لقول النبي: “من صلَّى الغداةَ في جماعة، ثم قعد يذكر اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ ، ثم صلَّى ركعتَين ؛ كانت له كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، تامَّةٍ تامَّةٍ تامَّةٍ”
- صلاة الضحى أعظم أجرًا وغنيمةً من الجهاد في سبيل الله لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ألا أُخبِرُكم بأسرعَ كرَّةً وأعظَمَ غنيمةً مِن هذا البعثِ؟ رجلٌ توضَّأ في بيتِه فأحسَن وضوءَه ثمَّ تحمَّل إلى المسجدِ فصلَّى فيه الغداةَ ثمَّ عقَّب بصلاةِ الضُّحى فقد أسرَع الكرَّةَ وأعظَم الغنيمةَ”. ومعنى الحديث أن النبي حينما استقبل وفدًا من المجاهدين المنتصرين وهم يحملون الغنائم بيّن لهم أن الخروج على وضوءٍ إلى المسجد وأداء صلاة الضحى في وقتها لهو أعظم أجرًا عند الله من الجهاد في سبيله.
- صلاة الضحى تحقّق للمسلم المواظب عليها راحة النفس وطمأنينة القلب، وتدفع عنه الهمّ والبلاء، وتجلب له الأرزاق وتفتح الأبواب المغلقة، وتجعل له نورًا في السماء والأرض ويحرسه الله تعالى وملائكته من كل أنواع الشرور إلى انتهاء النهار، كما تُغفر له الذنوب ومن الأدلة النبوية على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ” مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ”.