يُحكى أنه في البلاد البعيدة وسط التلال الخضراء، كانت هناك فتاة صغيرة وجميلة ذات شعرٍ ذهبي وعينَين زرقاوَين تُدعى أليس. في أحد الأيام الهادئة كانت أليس تجلس مع شقيقتها في حديقة المنزل، وكانت شقيقتها منهمكةً في قراءة كتابها المفضل، أحست أليس بالملل الشديد لجُلوسها وحيدةً لا تجد من يشاطرها الحديث. فكرت أليس في أن تذهب لقطف بعض الأزهار من الحديقة كي تُسلِّي نفسها.
وبينما هي مشغولة بجمع الأزهار، إذ بها تسبح داخل عالمٍ من الخيال الساحر، وتعيش داخله ما لم تستطع أن تعيشه في الواقع. وبينما هي داخل هذا العالم الفاتن، فجأةً مرَّ بجانبها أرنب، ولكن هذا الأرنب لم يكُن كبقية الأرانب التي تراها دائمًا، فقد كان أرنبًا ذا لونٍ أبيض وعينَين ورديتَين ويرتدي ملابس كالتي يرتديها البشر، وكان هذا الأرنب العجيب يحمل ساعةً في جيبه، ويبدو عليه الاستعجال والتوتر، فظلَّ ينظر في ساعته ويسير في خطواتٍ مسرعة، ويصيح: يا إلهي.. يا إلهي.. لقد تأخرت، لقد تأخرت.
تعجبَّت أليس ممَّا رأته، وسألت نفسها في تعجبٍ كيف لأرنبٍ أن يتكلَّم كالبشر. وهمَّت مسرعةً لتلحق بالأرنب وتعرف قصته.
وبينما تسرع لتلحق به إذا بها تسقط داخل حفرةٍ عميقة جدًّا، وعندما وصلت إلى نهاية الحفرة وجدت أنها لا ترى حتى نفسها، فقد كان المكان شديد الظلمة، إلى أن سمعت صوتًا يقول بخوفٍ شديد: أذناي، شارباي، يا ويلي لقد تأخرت. فعلمت أنه ذلك الأرنب العجيب.
المفتاح الذهبي
تتبعت أليس مصدر الصوت حتى رأت ضوءًا من بعيد؛ فأسرعت لتجد نفسها داخل حجرةٍ واسعة مليئة بالكثير من الأبواب ذات ، حاولت أليس أن تفتح واحدًا من تلك الأبواب، ولكن للأسف كانت جميع الأبواب مغلقةً، ولم يكُن داخل الحجرة أي شيءٍ سوى طاولةٍ مستديرة وُضِعت في منتصف الحجرة، وعندما اقتربت من الطاولة وجدت مفتاحً ذهبيًّا موضوعًا فوق تلك الطاولة. تناولت أليس المفتاح وأسرعت لتُحاول فتح أي بابٍ من تلك الأبواب المغلقة، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل لأنَّ المفتاح كان صغيرًا جدًّا والأبواب كانت كبيرة.
وقفت أليس وقد تملكتها الحيرة، وظلَّت تسأل نفسها ماذا تفعل وكيف يمكنها الخروج وجميع الأبواب مغلقة، وفجأةً…
نظرت أليس فوجدت بابًا صغيرًا في نهاية الحجرة. أدخلت أليس المفتاح الذهبي في هذا الباب فانفتح! اندهشت أليس ممَّا رأت؛ فعندما فُتِح الباب وجدت خلفه حديقةً في غاية الجمال والسحر. حاولت أليس الخروج إلى تلك الحديقة الرائعة ولكن الباب كان صغيرًا جدًّا ولم تستطع العبور منه. عادت أليس إلى حيرتها من جديد، فكيف لها أن تخرج من هذا الباب الصغير، وما الحل.
أليس في الغابة
بينما تفكر أليس في حلٍّ للخروج من الغرفة، إذا بها تجد زجاجةً صغيرة موضوعة على الأرض، ومكتوب على تلك الزجاجة “اشربيني”. ففتحتها وتناولت منها القليل، وفجأةً أصبحت أليس صغيرةً جدًّا كعقلة الأصبع. ابتهجت أليس لما حدث، فالآن أصبح بإمكانها الخروج من هذا الباب الصغير. خرجت مسرعةً من الباب، فوجدت نفسها داخل غابةٍ كبيرة بها أشياء عجيبة أشبه بالحلم، ظلت تتجوَّل في تلك الغابة وحيدةً بين الأشجار والأزهار، تبحث عن الأرنب العجيب.
وبينما هي تسير في طريقها قابلت أخوان توأمان، لا يكُفَّان عن ، وتظهر عليهما علامات المرح. تعرَّفت أليس عليهما، وسألتهما عن الأرنب العجيب، ولكنها لم تجد إجابة، وبدأ الأخوان في سرد بعض القصص والحكايات.
ملَّت أليس منهما وعلمت أنه لا فائدة من الحديث معهما، فتركتهما وانصرفت وأكملت طريقها.
صانع القبعات المجنون
وبينما هي في الطريق سمعت صوت غناءٍ ورقص من بعيد، فأسرعت نحو الصوت، ووصلت إلى منزل صانع القبعات المجنون، فوجدته يقيم حفلة شاي. فرحت أليس عندما دعاها إلى تلك الحفلة الغريبة، فجلست لتناول الشاي والاستراحة من ذلك المشوار المتعب. وبينما هي جالسة إلى الطاولة، رأت الأرنب العجيب مرةً أخرى، ولكنه كان مسرعا أيضًا وينظر إلى ساعته في فزع. أسرعت أليس خلفه تاركةً الحفلة كي تستطيع اللحاق به.
الأزهار المتكلمة
كانت أليس تسير مسرعةً لتلحق بالأرنب العجيب، ودون قصدٍ داست على إحدى الأزهار، فسمعت صوتًا من تحت قدمَيها يخبرها أن تنتبه. تعجبت أليس ممَّا سمعته؛ فكيف لزهرةٍ أن تتكلم وكيف لها أن تفهم ما تقول! رجعت أليس بظهرها إلى الوراء بسبب دهشتها، فانزلقت قدماها ووقعت على الأرض، وسمعت أصواتًا من تحتها تستغيث، فاكتشفت أن جميع الأزهار تتكلم، ووجدت أزهارًا صغيرة تبكي كالأطفال.
اعتذرت أليس للأزهار عمَّا حدث، وسألتهم عن ذلك الأرنب، ولكنها لم تجد أية إجابة، وبدأت الأزهار تُغنِّي وترقص. كانت أليس سعيدة بذلك وظلَّت تُصفِّق لهم، ثم طلبوا منها الغناء، ولكنها أخبرتهم بأنها لا تستطيع الغناء، فغضبوا منها واعتبروها نوعًا من الحشيش الضار الذي سيؤذيهم، فطردوها من المكان.
أليس وتحدي الكروكيت
بعد أن طردت الأزهار أليس خرجت من المكان مسرعةً فانزلقت قدماها ووقعت داخل بركة ماءٍ فتلوثت ثيابها، ووجدت نفسها في مكانٍ مظلم، فشعرت بالحزن وتمنت أن تعود إلى المنزل. جلست أليس تبكي وحيدةً في الغابة، وفجأة ظهر قطٌّ غريب وبدأ يُحدِّثها، وكان كلما حدَّثها اختفى، وأخبرها بأن تذهب إلى قصر الملكة، وهي ستُساعدها في العودة إلى المنزل، وأرشدها إلى طريق القصر ثم اختفى من جديد.
وصلت أليس إلى القصر، ولكن ما شاهدته كان مثيرًا للدهشة؛ فحُرَّاس القصر كانوا من أوراق الكوتشينة، وشاهدتهم يصبغون أزهار الحديقة باللون الأحمر، لأنَّ الملكة كانت لا تحب اللون الأبيض، ففعلوا ذلك خوفًا منها، حتى لا تقطع رؤوسهم، ولكن عند حضور الملكة اكتشفت أن لون الأزهار الأصلي هو الأبيض فثارت، وأمرت بقطع رؤوس الموجودين جميعًا حتى أليس، لأنَّ الملكة كانت دمويةً وتعشق القتل، ولذلك كانت تحب اللون الأحمر. حاول الملك إقناع الملكة بأن تعفو عن أليس، لأنها إذا قتلتها فلن تجد من يلعب معها لعبة الكروكيت.
وبالفعل بدأت الملكة وأليس في اللعب، وانتهت اللعبة بالحكم على أليس بالقتل لأنَّ الملكة كانت تستخدم بدلاً من عصا الكروكيت في اللعب، ولذلك أبت أليس أن تفعل ذلك رحمةً بالطيور المسكينة. فأهانت أليس الملكة ووصفتها بأنها عديمة الرحمة، وهذا ما جعل الملكة تحكم عليها بالقتلز ولكن أليس همَّت بالهروب وظلت الملكة تجري وراءها، وجميع أوراق اللعب من الحراس.
وفجأةً.. سمعت أليس صوت أختها تنادي عليها من بعيدٍ تسألها بصوتٍ حنون: أليس، هل أنت نائمة؟ فاكتشفت أليس أنها كانت داخل حلمٍ وعالم خيالي ليس إلا، وأنها ما زالت بخيرٍ داخل حديقة منزلها؛ فسعدت بذلك، وبدأت تحكي لأختها عن مغامرتها في بلاد العجائب.